< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

[ فَصْلٌ في المُطَهِّرات ]

الموضوع : فَصْلٌ في المُطَهِّرات

ذَكَرْنا في أوّل الكتاب أكثَرَ مِن مرّة أنّ المهمّ في التطهير إنما هو زوال النجاسة وآثارها بالنحو العرفي ـ لا العقلي ـ حتى آثار ولوغ الكلب والخنزير، فإن عُلِمَ بزوالها فقد حصلت الطهارة، وإنّ الروايات ترشدنا إلى كيفية زوال النجاسة، وليس الأمر تعبّديّاً أصلاً، وإنما التطهير أمْرٌ توصّلي طريقي، غايتُه زوالُ القذارةِ عرفاً لا أكثر، فلو زالت النجاسةُ وآثارها بنظر العرف ـ حتى ولو بَقِيَتِ الريحُ أو اللون ـ كفى في حصول الطهارة، فلو زالت النجاسة بالشاي مثلاً أو بالمعقّمات كالسبيرتو فقد حصلت الطهارة، وبهذا وردت الروايات الصحيحة .
ولهذا ورد التعدّد في بعض المتنجّسات ـ كالمتنجس بالبول وكالظروف ـ ولهذا وَرَدَ التعفيرُ في المتنجس بولوغ الكلب، ولهذا نقول بالعَصْر أو بالدلك في مثل الثياب والفرش ونحوها مما يقبل العصر . وأمّا لو شكّ في زوال النجاسة فلا شكّ في وجوب استصحاب بقائها .

هذه الكلمات القليلة هي كلّ كتاب المطهّرات، فإذا فهمتَها فتلك نعمةٌ، وإلاّ فلا بأس أن تطالع ما يأتي من فروع لهذه القاعدة لتتعرّف أكثر على كيفية زوال النجاسة .

مسألة 1 : إذا غُسِلت الثيابُ مثلاً في الغسّالة التمام اُوتوماتيك فإنه يكفي في طهارة الثياب زوالُ النجاسة، ولا يجب الدلك أو العصر إن علمنا بزوال النجاسة وآثارها 283 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
283 ذكرنا دليلَنا على هذا الأمر ـ بتفصيل وتطويل ـ من الروايات وغيرها في أوّل هذا الكتاب من قبيل ما رواه في التهذيب بإسناده ـ الصحيح ـ عن محمد بن أحمد بن يحيى عن السندي بن محمد(ثقة) عن العلاء(بن رزين) عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الثوب يصيبه البول ؟ قال : ( إغسله في المِرْكَن مرّتين، فإنْ غَسَلْتَهُ في ماءٍ جارٍ فمرّةً واحدةً)[1] صحيحة السند، والغسّالة الأوتوماتيك تغسل ثلاث مرّات .. فلا معنى للإعادة .

مسألة 2 : يجب في تطهير الثوب أو البدن بالماء القليل من بول غير الرضيع الغسل مرتين، وأما من بول الرضيع غير المتغذي بالطعام فيكفي صب الماء مرة . وإن كان المرتان أحوط، وأمّا المتنجس بسائر النجاسات عدا الولوغ فالأقوى كفاية الغسل مرة بعد زوال العين، فلا تكفي الغسلة المزيلة لها إلا أن يصب الماء مستمرا بعد زوالها، والأحوط التعدد في سائر النجاسات أيضا، بل كونهما غير الغسلة المزيلة 284.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

284 أمّا في تطهير الثوب من البول مرّتين فللروايات التالية :
1 ـ روى في يب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن العلاء(بن رزين) عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليها السلام)قال : سألته عن البول يصيب الثوب، قال : ( اِغسلْه مرتين )[2] صحيحة السند .

ورواها في يب أيضاً بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن السندي بن محمد عن العلا عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الثوب يصيبه البول ؟ قال : ( اِغسلْه في المركن مرتين، فإن غسلته في ماء جار فمرة واحدة )[3] صحيحة السند .
2 ـ وأيضاً في يب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن حماد بن عثمان عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن البول يصيب الثوب، قال : ( اِغسلْه مرتين)[4] صحيحة السند .

3 ـ وروى في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الثوب يصيبه البول ؟ قال : ( اِغسلْه مرتين)[5] مصحّحة السند .

ولك أن تستدلّ بالأولويّة من غسل البدن، فإن وجب غسل البدن من البول مرّتين، وهو الذي تزول عنه النجاسة بسرعة أكبر من الثوب، فلا شكّ ـ بالاَولوية ـ أن يغسل الثوب مرّتين، وهذه هي الروايات :

4 ـ ففي الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا(له كتبٌ يُعَدّ بعضُها في الاُصول، عنه ابن أبي عمير وصفوان، كان أوجَهَ إخوتِه، ثقة عندي) قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن البول يصيب الجسد ؟ قال : ( صُبَّ عليه الماءَ مرتين )[6] مصحّحة السند .

5 ـ وروى في يب عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد(بن عيسى وعلى احتمال ضعيف ابن خالد) عن علي بن الحكم (ثقة جليل القدر) عن أبي إسحاق النحوي(ثعلبة بن ميمون فقيه ثقة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن البول يصيب الجسد ؟ قال : ( صُبَّ عليه الماءَ مرتين )[7] صحيحة السند .

6 ـ وروى محمد بن إدريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب النوادر لأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : سألته عن البول يصيب الجسد ؟ قال : ( صُبَّ عليه الماءَ مرتين، فإنما هو ماء )[8] .
وقال في فقه الرضا : (وان أصابك بول فاغسله من ماء جار مرة، ومن ماء راكد مرتين ثم اعصره) .
وورد كفايةُ المرّة في الروايات التالية :

1 ـ روى في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت للرضاt : الطنفسة والفراش يصيبهما البول، كيف يصنع بهما وهو ثخين كثير الحشو ؟ قال : ( يغسل ما ظهر منه في وجهه )[9] صحيحة السند، ورواها الصدوق بإسناده عن إبراهيم بن أبي محمود .

2 ـ وفي الكافي أيضاً عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن موسى بن القاسم عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الثوب يصيبه البول فينفذ إلى الجانب الآخر، وعن الفرو وما فيه من الحشو، قال : (اِغسلْ ما أصاب منه ومُسَّ الجانبَ الآخر، فإن أحببت مس شيء منه فاغسله، وإلا فانضحه بالماء )[10] صحيحة السند .

3 ـ وروى عبدُ الله بن جعفر الحِمْيَري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهم السلام)قال : سألته عن الفراش يكون كثير الصوف فيصيبه البول، كيف يغسل ؟ قال : ( يغسل الظاهر، ثم يصب عليه الماء في المكان الذي أصابه البول حتى يخرج من جانب الفراش الآخر )[11]، وهو سندٌ ضعيفٌ بعبد الله بن الحسن لجهالته عندنا، إضافةً إلى أنّها مرسلة ما بيننا وبين صاحب قرب الإسناد إلاّ أن تطمئنّ بصحّة الكتاب بادّعاء تواتره، ورواها علي بن جعفر في كتابه .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo