< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/01/17

بسم الله الرحمن الرحیم


الموضوع: هل تصحّ الصلاةُ في الخَزّ، وما هو الخَزّ ؟

سؤال : هل تصحّ الصلاةُ في الخَزّ، وما هو الخَزّ ؟
الجواب: الخَزّ هو كلبُ البحر، ولا يعيش الخَزّ خارج الماء، والخَزّ نوعٌ من أنواع السمك، وهو طاهر بلا شكّ، كما هو المشهور جداً أيضاً، وتصحّ الصلاة في جلودها، وذلك لما رواه في الكافي عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سأل أبا عبد الله (عليه السلام) رجلٌ وأنا عنده عن جلود الخَز ؟ فقال : ( ليس بها بأس ) فقال الرجل : جُعِلْتُ فِداك، إنها علاجي في بلادي، وإنما هي كلاب تخرج من الماء ؟! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ( إذا خرجَتْ من الماء تعيشُ خارجةً من الماء ؟ ) فقال الرجل : لا، فقال : ( ليس به بأس )[1] صحيحة السند .
وفي التهذيب : الحسين بن سعيد عن سليمان بن جعفر(بن ابراهيم) الجعفري (ثقة) قال : رأيت أبا الحسن الرضا(عليه السلام) يصلي في جبة خز . صحيحة السند .

* هذا، وهل تصحّ الصلاة في الخزّ المغشوش بوبر الأرانب ؟
الجواب : يصعب الإفتاء بجواز الصلاة فيه، دليلنا :
روى الشيخ الطوسي في كتابه التهذيب بعد الرواية السابقة مباشرةً : "فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن داود الصرمي(بن مافنة، روى عن الرضا (عليه السلام) وبقي إلى أيام الإمام الهادي (عليه السلام) وله مسائل إليه، لم يوثّقوه) قال : سألته عن الصلاة في الخز يُغَشُّ بِوَبَرِ الأرانب ؟ فكتب : ( يجوز ذلك )[2]
فهذا حديث شاذٌّ، ما رواه إلا داودُ الصرمي، ومع تفرُّدِهِ بروايته تَخْتَلِفُ ألفاظُه، لأنّ في هذه الرواية قال (سألته) فأضاف السؤالَ إلى نفسه ولم يُبَيِّنْ مَنِ المسؤولُ ! ويحتمل أن يكون المسؤولُ عنه مَن لا يجب المصير إلى قوله .
ثم قال الشيخ الطوسي بعد كلامه السابق مباشرةً : سعد بن عبد الله عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى عن داود الصرمي قال : سأل رجلٌ أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب ؟ فكتب : ( يجوز ذلك )[3].
فذَكَرَ على ما ترى في هذه الرواية أن السائل كان غيرَه وسَمَّى المسؤولَ، وهذا ظاهر التناقض، لأنه لو كان السائلُ هو نفسه لوجب أن تكون الرواية الأخيرة كذباً، ولو كان السائلُ غيرَه لوجب أن تكون الأولى كذباً، وإذا تقابلت الروايتان ولم يكن هناك ما يعضد أحداهما وجب اطراحهما، مع أنه لو صح هذا الحديث لم يكن معترضاً على ما ذكرناه من الأحاديث، ويحتمل أن يكون ورد هذا الخبر مورد التقية . (إنتهى التهذيب) .
وقال في الإستبصار : فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن داود الصرمي قال حدثني بشير بن يسار(مهمل) قال : سألته عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب ؟ فكتب : ( يجوز ذلك )[4] .
ورواها نفسَها سنداً ومتناً في جامع أحاديث الشيعة .. عن داود الصرمي ( قال : حدثني بشر بن بشار ـ صا ـ 5 ـ) قال : سألته عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب ...
ورواها نفسها في الوافي، لكنْ عن بشر بن يسار(مهمل) .
وفي معجم رجال الحديث : "عن التهذيب : بشير بن يسار، وعن الإستبصار : بشير بن يسار"(ج 7 مادّة داود الصرمي ص 414) .
أقول : لا يوجد إسم (بشير بن يسار) في كتب الرجال، وإن كان له رواية في باب تعجيل فعل الخير، لكن حتى في هذه الرواية هناك اختلاف في النسخ، ففي نسخة (بشّار) .
والذي ترجمه الشيخ في رجاله هو بشر بن يسار العجلي الكوفي، لكنه لم يوثّقه ! فهو على أي حال مهمل .
وهناك طائفة معارِضة وهي التالية :
1 ـ روى في التهذيبين بإسناده عن أحمد بن محمد عن محمد بن عيسى عن أيوب بن نوح رفعه قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( الصلاة في الخز الخالص لا بأس به، فأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه ) .
2 ـ وما رواه في الكافي عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الخز الخالص اَنّه ( لا بأس به، فأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه )[5]
فحتى ولو كانت كلتا الروايتين مرسلتين، يصعب على الفقيه أن يفتي بجواز الصلاة في وبر الخز المغشوش بغيره وإجراء أصالة عدم التقييد بعدم هذا الوبر، خاصّةً بعد حمْلِ الشيخِ الطائفة الاُولى على التقيّة، وبعد نقْلِ المحقّق في المعتبر[6] عن جماعة من علمائنا انعقادَ الإجماعِ على العمل بالطائفة الثانية .



[2]يمكن توثيق داوود الصرمي لرواية الفقيه عنه مباشرةً .
[3]مَن لا يحضره الفقيه، الشیخ الصدوق، ج1، ص262، بحث شرائط لباس المصلّي، رقم 809 .بحث شرائط لباس المصلّي،روى هذه الرواية في الفقيه قال : ورُوِيَ عن داود الصرمي أنه قال : سأل رجلٌ أبا الحسن.(عليه السلام) ... . وكما قلنا في الهامش السابق : يمكن تصحيح هذا السند

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo