< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/12/18

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مما يُعفَى عنه في الصلاة الدمُ الأقلُّ من الدرهم عدا دمَي غير مأكول اللحم والمَيتة
الثاني : مما يُعفَى عنه في الصلاة الدمُ الأقلُّ من الدرهم، سواء كان في البدن أو اللباس، من نفسه أو من غيره، متفرّقاً أو مجتمعاً، عدا دمَي الحيض والنفاس، ودمَي غير مأكول اللحم والمَيتة . وإذا كان بقدر الدرهم فالأحوط وجوباً عدمُ العفو . والمناط سعة الدرهم، وفي تحديد سعته اليوم عدّة احتمالات، وأحوط الأمور أقلّ المحتملات وهي سعة الدرهم المضروب في البصرة سنة 80 هـ والذي قطره 25,5 ملم، وهو أكبر بـ 1,5 ملم من سعة الخمسمئة ليرة لبنانية اليوم في سنة 2014 م، فمقدار سعة الخمسمئة ليرة لبنانية معفوّ عنه، وما زاد يجب تطهيره ولو احتياطاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
... على أن لا يكون الدمُ القليلُ من غير المأكول ولا من المَيتة على الأقوى، وذلك لما دلّ على مانعية الصلاة فيهما مطلقاً .
وقد تقول : إنّ أدلّة العفو مطلقة، ولم نَرَ دليلاً واضحاً إلى درجة الوثوق يفيدنا مانعيةَ الصلاة في دم غير المأكول ودم المَيتة إن كان قليلاً، فيمكن أن يكون عند الباري تعالى العفو عن دم المَيتة وغير المأكول، المهم هو أنه يجب التمسّك بإطلاق روايات العفو عن الدم إن كان أقلّ من الدرهم، ولعلّه لهذا أنكر ابن إدريس الحلّي استثناء دم نجس العين والمَيتة وغير المأكول كلّ الإنكار، وادّعى أنه خلاف مذهب الإمامية، قال في مستمسك العروة (وكأنه أخذه من عدم تعرض القدماء له) ثم قال في المستمسك (لكن الظاهر أنّ كلامهم مسوق للعفو عن الدم من حيث هو لا غير) (إنتهى) [1]، خاصةً وأنه لا ينبغي الشكّ في أنه يعفى عن دم الكافر إن كان أقلّ من درهم، مع أنه ـ على قول بعضهم ـ إنه نجس العين !
لكن الحقّ أن يقال بأنه لا يمكن لفقيه أن يجوّز الصلاةَ بدمِ حيوانٍ لا يُؤكل لحمُه وإن كان قليلاً، وذلك لما رواه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن (محمد)ابن أبي عمير عن (عبد الله)ابن بكير(فطحيّ ثقة) قال : سأل زرارةُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة في الثعالب والفَنَك[2]والسنجاب[3]وغيرِه من الوبر، فأخرج كتاباً زعم أنه إملاء رسول الله (ص)( أنّ الصلاة في وبر كل شيء حرامٌ أكلُه فالصلاةُ في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شيء منه فاسد، لا تُقبَل تلك الصلاة حتى يصلّيَ في غيره مما أحلّ اللهُ أكلَه )، ثم قال : ( يا زرارة، هذا عن رسول الله (ص)، فاحفظ ذلك يا زرارة، فإنْ كان مما يُؤكل لحمُه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شيء منه جائز إذا علمت أنه ذكِيّ قد ذكّاه الذبح، وإن كان غير ذلك مما قد نُهِيت عن أكله وحرُم عليك أكلُه فالصلاة في كل شيء منه فاسد، ذكّاه الذبح أو لم يذكِّه ) [4]موثّقة السند .
وهي واضحة المعنى في المطلوب، يقول (عليه السلام) ( وإن كان غير ذلك ـ يعني إن كان غير مأكول اللحمـ مما قد نُهِيت عن أكله وحرُم عليك أكلُه فالصلاة في كل شيء منه ـ أي حتى الدم، أو قُلْ خاصّةً الدم وشعر القطّة .. ـ فاسد، ذكّاه الذبح أو لم يذكِّه ـ أي سواء كان مذكّى أو كان مَيتة، أي أنّ عنوان ما لا يؤكل لحمه عنوان آخر غير عنوان المَيتةـ ) وهو دليل على حرمة الصلاة بدم مأكول اللحم وإن كان قليلاً . ومع هكذا رواية موثّقة يصير من الصعب على الفقيه أن يرجع إلى أصالة العفو عن الدم القليل، لا بل لا بدّ من القول بعدم صحّة الصلاة في دم غير مأكول اللحم وإن كان قليلاً .

وكذلك الأمْرُ تماماً في الصلاة في دم المَيتة فقد روى في التهذيب بإسناده الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله (عليه السلام) في المَيتة قال : ( لا تُصَلِّ في شيءٍ منه ولا في شِسْع ) مصحّحة السند، ومعنى ( لا تصلِّ في شيء منه )يعني حتى ولو كان دماً قليلاً .

ثم إنه يجب القول بأخصّيّة هتين الروايتين من روايات العفو، بل وحتى وعلى فرض التعارض بين عموم العفو عن الدم القليل وعدم العفو عن دم غير مأكول اللحم والمَيتة يجب الرجوع أيضاً إلى أصالة وجوب الطهارة في بدن المصلّي وثيابه، بل لا يبعد صحّة ادّعاء أنّ العفو عن الدم القليل إنما كان من حيث كونه دماً، لا من حيثية اُخرى كحيثية كونه غير مأكول اللحم أو مَيتة .


[2]الفَنَكُ نوع من الثعلب أو من جراء الثعلب التركي، ويطلق أيضاً على فَرخ إبن آوى، وهو غير مأكول اللحم، يُفْتَرَى جِلْدُها أي يُلْبَسُ جِلْدُها فَرواً، والفَنَك هو جِلْدٌ يُلْبَس، وكانوا يُبَطّنون به ثيابَهم.
[3]السِنجاب حيوانٌ على حدّ اليربوع، أكبر من الفأرة، شَعرُه في غاية النعومة، يُتّخذ من جلده الفراء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo