< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/11/27

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: إذا انحصر ثوبُه في نجِسٍ

مسألة 4 : إذا انحصر ثوبُه في نجِسٍ، فإن احتمل وجود ثوب طاهر ضمن الوقت أو وجود ماء وجب عليه الصبر إلى أواخر وقت الفريضة بحيث يمكن له إيقاعُ كلّ الصلاة ضمن الوقت، وذلك لعدم معلوميّة الإضطرار للصلاة في الثوب النجس طالما كان يَحتمل إيجادَه للماء أو لثوب طاهر ضمن وقت الفريضة، ثم في أواخر وقت الفريضة إن لم يجد ماءً أو ثوباً طاهراً فإنه يأتي بالصلاة بالثوب المتنجّس .
وعلى أيّ حال فإن صلّى ـ سواءً راعى وظيفته الشرعية بالتأخير إلى أواخر وقت الفريضة أو لم يُراعِها ـ ثم وجد ماءً يمكن تطهيرُ ثوبِه به أو وجد ثوباً طاهراً وأمكن إعادة الصلاة ضمن وقتها وجب عليه ذلك، وذلك لموثّقة عمّار الساباطي(247)، ولا يجب قضاء الصلاة إن وجد ذلك بعد خروج وقت الفريضة .
وما ذكرناه يصحّ حتى ولو أمكن له نزْعُ الثوبِ المتنجّس، فقد عرفت أنه يجوز مع عدم وجود ثوب طاهر أن يصلّي بالثوب النجس وتصحّ صلاتُه، ولكنْ هل هو مخيّر بين أن يُصَلّيَ بالنجس أو يصلّيَ عارياً في المكان الذي لا يوجد فيه ناظِرٌ محترَمٌ أم لا ؟ يحتمل التخيير، ولكنْ ـ مع ذلك ـ الأحوطُ وجوباً أن لا يصلّي عارياً لصحيحة علي بن جعفر الناهية عن الصلاة عارياً، وعلى أيّ حال سواء صلّى بالثوب النجس أو صلّى عارياً ـ بناءً على صحّة ذلك ـ إن صادف أنه وَجَدَ ثوباً طاهراً أو ماءً يمكن تطهيرُ ثوبِه به فإنه ـ كما قلنا ـ يجب عليه إعادةُ الصلاة، دون القضاء(248) .
إذَنْ إذا تنجّس عضوٌ من الشخص وكان لا يستطيع على تطهيره لحصول التهابات مثلاً أو كما لو كان الجرحُ مغطّى بخرقة ولا يمكن ـ طبّياً ـ نزْعُها، فكان يصلّي بالنجاسة أياماً إلى أن شُفِيَ العضوُ، فذهب إلى الطبيب، فرأى الطبيبُ أنه صار من اللازم نزعُ الجبيرة عن الجرح، وكان ذلك ضمن وقت الفريضة، وكان الشخص قد صلّى قبل قليل، فإنه يجب عليه أن يطهّر العضوَ ويعيد الصلاةَ طالما لا يزال ضمن وقت الفريضة، نعم لا يقضي ما صلاّه سابقاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(247) وهي ما رواه في التهذيبين بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن محمد(بن فضّال، كان فطحياً غير أنه ثقة في الحديث) عن عَمرو بن سعيد(المدائني ثقة، قيل كان فطحياً) عن مصدق(بن صدقة قال الكشّي إنه فطحيّ من أجلّة العلماء والفقهاء والعدول وكان ثقة) عن عمّار(بن موسى الساباطي كان فطحيّاً إلاّ أنه ثقة في الرواية وله كتاب كبير جيد معتمد) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إنه سُئل عن رجل ليس عليه إلا ثوبٌ ولا تحل الصلاة فيه، وليس يجد ماءً يغسله، كيف يصنع ؟ قال : ( يتَيَمَّم ويصَلّي، فإذا أصاب ماءً غسله وأعاد الصلاة )[1] موثّقة السند، ومع التصريح في خصوص المقام بوجوب الإعادة فإننا يجب أن نُفْتِي على أساس ذلك، أي بحمل قوله (عليه السلام) ( أعاد الصلاة ) على ظاهر اللفظ وهو الوجوب، لكن يعيد صلاته من أجل أنه صلّى بنجاسة، لا من أجل أنه تيمّم ـ وذلك لتصريح عشر روايات أكثرها صحيحة السند بعدم وجوب إعادة الصلاة على مَن صَلّى بتيمّم ثم وَجَدَ ماءً ـ وفي خصوص ما لو ارتفع العذر ـ أي أصاب ثوباً طاهراً أو وَجَد ماءً ـ ضمن وقت الفريضة ـ لا ما إذا ارتفع العذر بعد فوات وقت الفريضة ـ وعليه فلا يصحّ الرجوع إلى عموم ( لا تُعاد الصلاةُ إلاّ من خمسة ..) وذلك للزوم تقديم الخاصّ على العامّ، على أنّ موثّقة عمّار الساباطي مطابقةٌ للقاعدة الأوليّة أيضاً .
ثم المفروض أنه حينما عمل على طبق وظيفته الشرعية وأتى بالصلاة بأجزائها وشرائطها فلا ينبغي ح القولُ بوجوب قضائها بعدما يرتفع العذر، وذلك لعدم الوجه لذلك، ولأنّ معنى ( أعاد الصلاة ) هي الإعادة ضمن الوقت، وذلك لوجود اختلاف ـ عند المتشرّعة ـ بين (أعاد الصلاة) و( قضَى الصلاة)، وأيضاً لحديث (لا تُعاد) وللبراءة .
قال السيد محسن الحكيم: ( كما أن إعراض المشهور عن موثّق عمّار لا يوجب سقوطه عن الحجية، لإمكان كونه لبنائهم على تعارض النصوص في الباب، ووجوب ترجيح غيره عليه . نعم لا يظهر منه كون الإعادة لأجل الصلاة في النجاسة، أو لأجل التيمم الذي قد اُمِرَ في جملة من النصوص بالإعادة من أجله، المحمولة على الإستحباب، حسبما يأتي في محله، فلعل ذلك موجب لحمله على الإستحباب لذلك، بقرينة خُلُوّ النصوص عن الأمر بالإعادة، فتأمّل .
ثم إنّ عدم وجوب الإعادة مبنيٌّ على مشروعية البِدار لذوي الأعذار كما يقتضيه إطلاق دليل البدلية، لصدق عدم القدرة مع عدم القدرة عليها في أول الوقت، وإن علم بالقدرة على بعض الأفراد في أثناء الوقت أو آخره، إذ القدرة في الأثناء لا تنافي العجز أول الوقت . نعم في ثبوت الإطلاق لخصوص المقام تأملٌ، لظهور كونها مسوقة مساق جعل البدل في ظرف عدم القدرة في قبال سقوطه، لا في مقام جعل البدلية بلحاظ جميع الأزمنة، وحينئذ يجوز البدار منوطاً بعدم القدرة في تمام الوقت واقعاً، فإذا انكشف ثبوت القدرة في أثناء الوقت انكشف فساد البدل من أوّل الأمر، ولعله يأتي توضيح ذلك إن شاء الله)(إنتهى) [2].

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo