< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: بيع الكلاب

مسألة 31 : لا شكّ في جواز الإنتفاع بالأعيان النجسة فيما لا فساد فيه، وكذا لا شكّ في جواز بيعها في غير وجوه الفساد كبيع الكلاب البوليسية المعلّمة، سواءً للمسلمين أو للكفّار، أمّا كلاب الهراش التي لا فائدة منها فالأحوط وجوباً حرمة بيعها واعتبارُ البيعِ فاسداً . ويجوز بيع المتنجّسات للمسلمين إذا كانت ممّا لا يشترط فيها الطهارة، أمّا ما فيه فساد فلا شكّ في حرمة بيعِهِ سواء كان من النجاسات أم من الاُمور الطاهرة، فبيعُ الخمر حرام، وبيع السلاح لأعداء الدين حرام، وبيع كتب الضلال والفساد حرام .. وهكذا . هذا ولكنْ لا شكّ في مبغوضية التجارة في بلاد الإسلام بما لا يليق بالإسلام والإيمان .. فمثلاً : يحرم بيع الخنزير للمسلمين ويحلّ بيعه للكافرين، لكن مع ذلك لو باعه شخص للمسلمين أو للكافرين لكان بيعه صحيحاً .. ولكن مع هذا لا تليق التجارةُ في بلاد الإسلام بالخنازير، هذا ولكن هناك بعض اُمور لا يجوز التجارة فيها أصلاً، خاصةً في بلاد الإسلام، كبيع الخمرِ، ولكنْ لو فُرِضَ أنّ مسلماً باع الخمر حتى للمسلمين أو اشتراه لكان البيع صحيحاً رغم استحقاقه للعقاب، لكنْ مع ذلك يُكره أكْلُ ثمنِ الخمر.

ذكرنا أدلّة كلّ ذلك في مسألة 2 من بدايات هذا الكتاب عند قولنا (لا مانع من بيع ما لَهُ قيمةٌ عقلائية كرَوْثِ مأكول اللحم وبول الإبل، وكذا يجوز بيعُ عذرةِ غيرِ المأكول على فرض الإنتفاع بها ـ للتسميد مثلاً ـ وأمّا التسميد بها فلا شكّ في جوازه ..)، وكذا ذكرناها في مسألة 10 عند قولنا (يحرم شرب الموائع النجسة، وكذا يحرم أكل النجاسات إلا في الضرورة، ويجوز سقيه للحيوانات، بل وللأطفال أيضاً مع عدم الضرر، ويجوز بيعه مع الإعلام)، وقلنا إنه لا شكّ في جواز بيع ما لَهُ قيمةٌ عقلائية، كرَوث مأكول اللحم لأنه مالٌ يَبذِل العقلاءُ في مقابله المال، وذلك لأنه يُستعمَلُ في تسميد الأراضي الزراعية، وهذا أمر لا إشكال فيه عند العلماء، وكذا عذرة غيره من السباع لو كان له قيمة عقلائية يُبذَلُ في مقابلها مال، وذلك تمسكّاً بعموم [العقود] في قوله تعالى[اَوفُوا بالعُقُود] ولقوله [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ][1] بعد عدم كون ذلك باطلاً، وتمسّكاً بالسيرة العقلائية والمتشرّعية ولأصالة البراءة .
ولا يصحّ الإستدلال برواية تحف العقول التي ورد فيها ( واَمّا وجوه الحرام من البيع والشراء فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهيّ عنه من جهة أكله وشربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته، أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد نظير البيع بالربا، لما في ذلك من الفساد، أو البيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش أو الطير أو جلودها أو الخمر أو شيء من وجوه النجس، فهذا كله حرام ومحرم، لأنّ ذلك كله منهِيّ عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه بوجه من الوجوه لما فيه من الفساد، فجميع تقلبه في ذلك حرام وكذلك كل بيع ملهو به وكل منهي عنه مما يتقرب به لغير الله[2]،
وذلك لإرسالها عن الإمام الصادق (عليه السلام) من دون أيّ سند، على أنّ الرواية إنما حرّمت البيع والشراء للاُمور المذكورة كالبيع الربويّ أو بيع المَيتة أو الدم أو لحم الخنزيرأو سباع الوحش أو الطير أو جلودها أو الخمر لما في ذلك من الفساد، وفرْضُنا غيرُ ذلك .
وأمّا التسميد بالروث والعذرات فلم يدلّ دليل على حرمته، فيُرجَع إلى أصالة البراءة، على أنّ التسميد بالعذرات الطاهرة كان ـ ولا يزال ـ أمراً شائعاً من أيام المعصومين (عليهم السلام) ولم يَرِدْ في ذلك ردْعٌ وإلاّ لوصَلَنا .
وأمّا الكلاب فقد استفاضت رواياتنا في بطلان بيعها وأنّ ثمنها سحت، روى ذلك محمد بن مسلم وأبو بصير والحسن بن علي الوشا وأبو عبد الله العامري (أو الوليد العماري ـ نسخة) والحسن بن علي القاساني وعبد الرحمن بن أبي عبد الله وجرّاح المدائني، وأجازت خمسة من هذه الروايات بيع كلب الصيد،


[2] تحف العقول – عن ال رسول الله (ص)- ابن شعبه الحراني : ص 333.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo