< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: بقية أحكام اشتراط الطهارة

... ويُلحق باللباس على الأحوط اللحافُ الذي يَتغطَّى به المصلي مضطجعاً إيماءً، إذا كان متستراً به بحيث صدق عليه أنه لباسه، وأمّا إن لم يصدق عليه أنه لباسه ـ بأن كان موضوعاً عليه فقط وكان ساترُه غيرَه ـ فالأقوى عدمُ اشتراط طهارته. ويُشترَطُ في صحة الصلاة إزالةُ النجاسةِ أيضاً عن موضع السجوددون المواضع الأخرى، فلا بأس بنجاستها إلا إذا كانت مسرية إلى بدنه أو لباسه .

ويُلحق باللباس على الأحوط وجوباً اللحافُ الذي يَتغطَّى به المصلي مضطجعاً إيماءً، إذا صدق عليه أنه لباسه، خاصّةً إذا كان مُلْتَفّاً به كما يلتحفون بالمئزر أو يَتَسَتّرون به، فإنه ح لا إشكال في صدق أنه لباسه، وح يجب أن يكون طاهراً، حتى ولو كان متستّراً بغيره أيضاً . فإنه لا يوجد في الروايات اشتراطُ أن يكون الساترُ طاهراً، وإنما الموجود أن يكون اللباسُ طاهراً .
وأمّا إن لم يصدق عليه أنه لباسه، وكان متستّراً بغيره، وكان فقط واضعاً إياه على بدنه، من قبيل وضع المحمول المتنجّس فقط، فالأقوى عدمُ اشتراط طهارته، وذلك لعدم كونه لباساً أو ثياباً حينئذ، وإنما يكون مجرّدَ شيءٍ موضوعٍ عليه من غير أن يكون لباساً له، ومع الوسوسة لك أن تستدلّ بأصالة البراءة من اشتراط الطهارة فيه .
أمّا إن وضع رأسَه تحت اللحاف وصلّى عرياناً بلا سببٍ موجِبٍ لذلك، بحيث وضع سجدته تحت اللحاف أيضاً وكان يرى نفسَه عرياناً، فإنه يصدق عليه أنه صلّى عرياناً لا متستّراً، وح يجب أن تكون صلاته باطلةً لصدق أنه صلّى عرياناً، سواءً كان اللحاف طاهراً أم متنجّساً . ولكنْ هذه مسألة خارجةٌ ممّا نحن فيه .
نعم، لو كان يلبِس ساتراً للعورة فقط، ووَضَعَ فوق رأسه لحافاً ـ كما فرَضْنا ـ فإنه ح لا تشترط طهارةُ اللحاف، إن لم يصدق عليه أنه لباسه، وإنما هو موضوع عليه ومحمول عليه ـ على كلام في صحّة الصلاة بالمحمول المتنجّس سيأتينا إن شاء الله تعالى ـ ولكن بما أنّ الظاهرَ أنه لباسه كان يصلّي به، فإنه يُشترط طهارته .
اُدّعِيَ الإجماعُ على اشتراط أن يكون موضعُ السجود طاهراً، فقد روى في الفقيه بإسناده ـ الصحيح ـ عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلّى فيه ؟ فقال (عليه السلام) : ( إذا جفّفته الشمس فصلِّ عليه، فهو طاهر )[1] [2][3] صحيحة السند، ممّا قد يعني مسلّميّة لزوم طهارة محلّ السجود .
هذا، ولكن يستشكل على هذا الفهم، بأنّ السؤال ليس عن خصوص مكان السجود، وإنما هو عن صحّة الصلاة في المكان الذي يبال عليه، أي كلّ موضع الصلاة، بما فيه مكان الوقوف أيضاً، فإذا أردتَ أن تشترط ـ من خلال هذه الرواية ـ طهارةَ محلّ السجود، فلماذا لا تشترطُ ـ من خلالها أيضاً ـ لزومَ طهارة كلّ مكان المصلّي، مع أنه من المتسالم عليه عدم لزوم ذلك في الصلاة ؟!
ومثلُها ما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن الحسن بن محبوب قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الجُصّ توقد عليه العذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه ؟ فكتب (عليه السلام) إليَّ بخطه : ( اِنّ الماء والنار قد طهراه )[4] صحيحة السند، ودلالتها غير واضحة، إذ لم يُعلم بمماسّة العذرة للجص، خاصّةً مع الظنّ بجفاف الجص عادةً . إلاّ أن تقول : إنّ السائل يسأل عن القذارة النفسية وشبه الماديّة، لأنّ صعود دخان العذرة وعظام الموتى قد يضرّ بصحّة السجود على الجصّ، فأجابه الإمام (عليه السلام) بقوله ( اِنّ الماء والنار قد طهراه ) أي قد أزال الماءُ والنارُ تلك القذارةَ النفسية وشبهَ الماديّة، فصار يُسجَدُ عليه، ممّا يظهر من هذا التعليل أنّ السبب في جواز السجود عليه هو طهارته، طبعاً بناءً على أنّ الجصّ لم يَخرُجْ بإحراقه عن مسمّى الأرض، وهو قول الكثير من العلماء، فإنّ الأرض المحترقة يصدق عليها ـ في بعض الحالات ـ أنها أرض .
المهمّ هو أنه لا شكّ في اشتراط طهارة موضع السجود، لكنْ دليلُنا الإجماعُ الواضح، وبعضُ الإشارات من الروايتين السابقتين، دون المواضع الأخرى من المصلَّى فإنه لا دليل على لزوم طهارتها ـ لاستفاضة الروايات في ذلك وللأصل ـ إلا إذا كانت النجاسةُ مسرية إلى بدنه أو لباسه ـ بالإجماع وللحفاظ على طهارة البدن واللباس ـ . ويكفي أن نتبرّك برواية واحدة فقط، فقد روى في يب بإسناده الصحيح عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن موسى بن القاسم(بن معاوية بن وهب البجلي فقيه ثقة ثقة) وأبي قتادة(علي بن محمد بن حفص الأشعري القمّي ثقة) عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهم السلام) قال : سألتُه عن البواري يُبَلُّ قَصَبُها بماء قَذِرٍ، أيُصَلَّى عليه ؟ قال : ( إذا يَبِسَتْ فلا بأس )[5] صحيحة السند .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo