< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: طهارة الخمر (تابع)

رابِعًا : لا يصح قول سيدنا الخوئي(حشرنا الله معه) بأنّ «مقتضى الأصل الأوّلي صدور رواية علي بن مهزيار بداعي بيان الحكم الواقعي فلا موجب لحملها على التقية لأنه بلا مقتضي » وذلك لإمكان حمل المكاتبة على التقية جداً مع ذهاب الأعم الأغلب من علماء العامة إلى نجاسة الخمر، والعبرة في المرحلة الأولى من مراحل المعارَضة المستقرّة علماء العامة، ومسألتنا قد اتفق فيها علماء العامة تقريباً فكيف لا نحملها على التقية ؟!
والعجب ـ بعد وضوح موافقة رواية علي بن مهزيار لعلماء العامة ـ أن سيدنا الخوئي أراد حمل كل روايات الطهارة على كثرتها ورغم مخالفتها لعلماء العامّة على التقية لأجل رواية علي بن مهزيار ولأن سلاطين العامة كانوا يشربون الخمر !!! فراجع[1].

أمّا ادّعاء السيد علي السيستاني(حفظه الله تعالى):
« نجاسةَ خصوص الخمر ـ دون كلّ مسكر مائع بالأصالة ـ واحتاط وجوباً في نجاسة الفقاع فلم أجد له دليلاً، بل الدليلُ على طهارة الخمر والفقاع واضح في الروايات السابقة »، فراجع .

خلاصة البحث : إنه لا شك في طهارة الخمر بأصنافه كما أفاد جمع من علمائنا رحمهم الله جميعاً، ولا داعي ـ بعد وضوح طهارة الخمر شرعاً ـ للبحث في السبيرتو، وهل أنه من مواد كيمياوية بحيث لا يطلق عليه الخمر عرفاً أم لا، فإنّ السبيرتو اختُرع بعد عصر النص، ومن هنا يكون العطر الممزوج بالسبيرتو المتعارف عليه اليوم طاهراً بلا شكّ، خاصّةً وأنه مستخرَج من موادّ بتروكيميائية فهو كالبنزين والمازوت، والله العالم، والحمد لله رب العالمين .
مسألة 1 : ألحق المشهورُ بالخمر العصيرَ العِنَبي إذا غَلَى قبل أن يذهب ثلثاه، وهو الأحوط، وإن كان الأقوى طهارتُه1، نعم لا إشكال في حرمته، سواء غلى بالنار أو بالشمس أو بنفسه، وإذا ذهب ثلثاه صار حلالاً، سواء كان بالنار أو بالشمس أو بالهواء، بل الأقوى حرمته بمجرد النشيش وإن لم يَصِلْ إلى حَدِّ الغليان، ولا فرق بين العصير ونفس العنب فإذا غَلَى نفسُ العنبِ من غير أن يُعْصَر كان حراماً .
وأما التمر والزبيب وعصيرهما فالأقوى عدمُ حرمتهما بالغليان، وإن كان الأحوط الإجتناب عنهما أكلاً، بل من حيث النجاسة أيضاً .
(1) من اللازم ـ قبل البدء بكلامنا ـ أن نذكر ما أفادنا به علماؤنا، خاصّةً الأقدمون منهم فنقول :
قال الشيخ المفيد في المقنعة : « والخمر ونبيذ التمر وكل شراب مسكرٍ نجسٌ »[2] (إنتهى) .

وقال السيد المرتضى في الناصريات :«أما الشراب الذي يسكر كثيره : فكلُّ مَن قال إنه محرم الشرب ذهب إلى أنه نجس كالخمر، وإنما يذهب إلى طهارته مَن ذهبَ إلى إباحة شربه، وقد دلت الأدلة الواضحة على تحريم كل شراب أسكر كثيره، فوجب أن يكون نجساً، لأنه لا خلاف في أن نجاسته تابعة لتحريم شربه» [3](إنتهى) .

وقال الشيخ الطوسي في المبسوط : « وهو ما عمل من العنب فمسته النار والطبخ أو من غير العنب مسه طبخ أم لم يمسه، فكل شراب أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام، وكلٌّ عندنا خمرٌ حرامٌ نجسٌ، يُحَدّ شاربُه، أسكر أو لم يسكر، كالخمر سواء، وسواء عمل من تمر أو زبيب أو عسل أو حنطة أو شعير أو ذرة، فالكل واحد، نقيعه ومطبوخه، هذا عندنا وعند جماعة وفيه خلاف » [4](إنتهى) .

وقال في الخلاف : « الخمر، الجمعُ على تحريمها، وهي عصير العنب الذي اشتد وأسكر . وكُلُّ شراب أسكر كثيرُه فقليلُه وكثيرُه حرام، وكله خمر حرامٌ نجسٌ، يُحَدُّ شاربُه، أسكر أو لم يسكر كالخمر، سواء عمل من تمر أو زبيب أو عسل أو حنطة أو شعير أو ذرة، الكل واحد، نقيعه ومطبوخه سواء »[5] (إنتهى) .

وقال أبو الصلاح الحلبي في (الكافي في الفقه) ـ عند تعداده للنجاسات ـ : « والشراب والمسكر والفقاع » [6](إنتهى).
* فتلاحظُهم أنهم أخذوا في موضوع النجاسةِ الإسكارَ.

ـ وقال السيد محسن الحكيم في مستمسكه : «حَكَى الشهرةَ المذكورةَ جماعةٌ، بل عن كنز العرفان (دعوى الإجماع على النجاسة بعد غليانه واشتداده، وأما بعد غليانه وقبل اشتداده فحرامٌ، اِجماعاً مِنّا، وأمّا النجاسة فعند بعضنا : أنه نجس، وعند آخرين : أنه طاهر)، وفي مجمع البحرين (هو نجس حرام، نُقِل عليه الإجماع)، وعن أطعمة التنقيح الإتفاق على أنه بحكم المسكر ».[7]
وكيف كان فمستند النجاسة إمّا الإجماعات المذكورة، أو ما دل على نجاسة المسكر ـ بناء على أنه منه ـ كما عن العلامة الطباطبائي وغيره ـ أو الأخبار الدالّة على أن الخمر من خمسة أو ستة ـ وعَدَّ منها العصيرَ من الكرم ـ بضميمة ما دل على نجاسة الخمر، أو الأخبار المتضمنة لنزاع آدم ونوح عليهما السلام مع إبليس لعنه الله تعالى ـ كما عن التنقيح الإستدلالُ بها على النجاسة ـ وقد تضمنت هذه أن الثُلث لآدم ونوح عليهما السلام، والثلثين لإبليس لعنه الله،
أو مصححة معاوية بن عمار المروية في التهذيب قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) : عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبُخْتَجْ ويقول : قد طبخ على الثلث، وأنا أعرف أنه يشربه على النصف، أفأشربه بقوله وهو يشربه على النصف ؟ فقال (عليه السلام): خمر، لا تشربه .. »[8] [9].


[9] وهذا سندها : الكافي : محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن محمد بن إسماعيل(بن بزيع) عن يونس بن يعقوب(ثقة) عن معاوية بن عمّار . لكنهم رووها في الكافي وفي بعض نسخ التهذيب من دون كلمة (خمر)، وهو سند صحيح، وتكملةُ الرواية : قلت : فرَجُلٌ من غير أهل المعرفة ممن لا نعرفه يشربه على الثلث، ولا يستحله على النصف، يخبرنا أن عنده بُخْتَجا على الثلث قد ذهب ثلثاه وبقيَ ثلثُه، يُشرب منه ؟ قال : ( نعم ) .، ولا نشكّ أنّ جواز الأخذ بقوله منشؤه خبر ذي اليد وإن كان عامّيّاً، أمّا ذاك الذي نهى الإمامُ (عليه السلام) عن شربه، وبالتالي لم يصدّقه، فالظاهر أنّ شربه له قبل ذهاب الثلثين أمارة أنه لا يهتمّ بدين الله، فلا يبعد أنه يكذب .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo