< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/01/14

بسم الله الرحمن الرحیم

مسألة 13 : المضغة نجسة، وكذا المَشِيْمَة وقطعة اللحم التي تخرج حين الوضع مع الطفل.[1]

قال لي أحد الأطبّاء ـ وهو متخصّص بهذا العلم وبالولادة والعقم ـ : "المَشِيْمَةُ هي الخلاص ـ باللهجة اللبنانية ـ وهي قطعة من الكيس أو قل جزء من الكيس الذي يكون فيه الجنين حينما يكون في رحم اُمّه، وهو يحضن الجنين ويدافع عنه ويضبّط حرارته . والمَشِيْمَةُ تكون كالسفنجة كلّها شبكة شرايين وفي باطنها دم، تتغذّى من الاُمّ وتغذّي الجنينَ بما يحتاج إليه حتى أنها تغذّيه بالاُوكسجين وتُخرِجُ منه ثاني اُكسيد الكاربون، كلّ ذلك بواسطة حبل سرّي، وتكون المشيمة لاصقةً برحم المرأة الحامل، وهي تنزل مع الجنين بعد خروج الجنين من الرحم . وعلى هذا يبعد القول بطهارتها، فيجب أن تكون نجسةً لكونها أشبه ما يكون بقطعة دم" .
ثم قال "أتصوّر أنّ المشيمة تتجيف كسائر أنواع الميتة، رغم صناعة أكثر من نوع من المراهم التجميلية منه كمراهم الوجه والبطن للنساء وبعض أنواع البودرة، وذلك لوجود نسبة عالية من الهورمونات والفيتامينات فيه" .
ثم قال : "نعم، يمكن تجفيف الكيس ـ لا المشيمة ـ وأتصوّر جداً أنه إن عُقِّمَ فيجب أن لا يتجيّف كالميتة"(إنتهى) .
أقول :يمكن أن تكون تُعتبَر المشيمة جزءً مباناً من الحيّ، فالأحوط وجوباً إن لم يكن أقوى كونها نجسة شرعاً .
أمّا الكيس ففيه شك واضح، من إلحاقه بالميتة النجسة من احتمال كونه جزءً مباناً من الحيّ وتشبيهاً له بالمشيمة ومن إلحاقه بضرع الشاة الميتة التي يخرج منه اللبن الطاهر، أو بفأرة المسك المبانة من الحي التي هي طاهرة، أو بجلد الميتة التي حكمنا ـ بناءً على الروايات الصحيحة السابقة ـ بطهارتها بعد عدم وضوح كونه جزءً مباناً من الحيّ، فالمرجع ح الطهارة، ولم أر من تعرّض لهذه المسألة بالذات إلاّ السيد السبزواري في مهذّب أحكامه إذ بنى على طهارة الكيس بناءً على أنّ "الأصل طهارته بعد عدم كونه جزءً من الأمّ ولا من الطفل"، نعم قال العلاّمة الحلّي في المنتهى"المشيمة التي فيها الولد نجسة لأنها جزء حيوان اُبِين منه" .
أقول : الأحوط اعتباره نجساً، للظنّ بأنه ميتة، وذلك لكون الكيس والمشيمة قطعة واحدة ممّا يبعّد كثيراً إمكان إجراء قاعدة الطهارة وأصالتها فيه، وبالتالي الأحوط وجوباً عدم كتابة الأوراد والأذكار عليه، والله العالِم .

* هل المضغةُ نجسة أم لا ؟ لم أرَ نصّاً أو دليلاً شرعياً يدلّ على نجاستها، إلاّ أنّي لا أظنّ أنه يوجد فقيهٌ يفتي بطهارتها، وذلك لأنها أشبهُ شيءٍ بالميتة وبالسقط قبل ولوج الروح، ويؤيّد هذا الكلام أنّ قوله (عليه السلام) (الجنين في بطن اُمِّهِ إذا أشعر وأوبر فذكاتُه ذكاة أمِّه ) يدلّ على أنه إنْ ذكّيت الاُمّ وكانت قد ولجت في السقط الروحُ كان السقط مذكّى، ومفهومُه أنه إنّ لم تُذَكَّ الأمُّ يكون السِقط مَيتةً، أمّا إن لم تلج فيه الروح من الأصل فلا يحلّ أكله حتى وإن ذكّيت اُمُّه، ولعلّ السبب في ذلك أنه أشدّ قذارة مما ولجت فيه الروح، فكيف إن كان لا يزال مضغةً ؟! لذلك ترى المتشرّعة يرون بفطرتهم أنها نجسة، إمّا لأنّ حالتها السابقة كانت نجسة ـ حينما كانت منيّاً أو علقة ـ وإمّا لأنّ حالتها اللاحقة ـ أي على فرض أنها صارت جنيناً وقبل ولوج الروح وسقطت ـ ستكون نجسةً أيضاً . ولك أن تُدخِل المضغةَ الساقطة من المرأة في مسألة (السقط قبل ولوج الروح) السالفة الذكر في مسألة 9 . وعلى أيّ حال يبعد كونها طاهرة أو كون العلقة طاهرة .

مسألة 14 : إذا قُطِعَ عضوٌ من الحيّ لكنه بقي معلَّقاً متصلاً به بنحو معتدّ به بحيث بقيت فيه روحُ الحياة فهو طاهر، وأمّا إنْ قُطِعَتْ يده مثلاً وكانت معلَّقةً قليلاً بحيث خرجت منه الروح فهو نجس، ويُعرَفُ وجود الحياة بعدم تجيّف العضو، ويعرف خروج الحياة بالتجيّف، ومع الشكّ ـ كما في حالة الساعة الاُولى من القطع ـ يُستصحَبُ بقاء الحياة، لكن إن تجيّف بعد حين فإنه يكشف أنه كان نجساً من الأوّل .

العبرةُ في الطهارة الإتصالُ الحقيقي بالبدن ـ لا الإتصال العرفي، لأنّ المسألةَ ليست من الاُمور العرفيه كعالَم الألفاظ الذي يجب الرجوع فيه إلى العرف لمعرفة معانيها ـ وذلك لأنّ المسألة مسألة تكوينية، والمناط هو وجود الحياة الحيوانية أو النباتية في العضو المقطوع، فإن كان متّصلاً بنحو توجد فيه الحياة الحيوانية أو النباتية فهو طاهر، وإن كان لا يوجد فيه الروح الحيوانية ولا النباتية فهو نجس، ويُعرَفُ هذا بتجيّف العضو، فإن تجيّف فلا حياة فيه وهو ميتة نجسة، وإلاّ فهو طاهر .
وإن شُكّ في بقاء الحياة الحيوانية أو النباتية فيه فيجب ح استصحابُ بقاء الحياة أو قل نستصحبُ عدمَ خروج الروح منه .
قالوا في علم المنطق إنّ اللحم وكلّ شيء حسّاس، فيه روح حيوانية، فقالوا بأنّ فصل الحيوان هو الحسّاس، والنامي غير الحسّاس يوجد فيه روح نباتية فقط كالسنّ والظفر والقرن والشعر .. وهي لذلك أجزاء طاهرة لأنها تحلّها الحياة النباتية، فقالوا إنّ فَصْلَ النبات هو النامي .. فالعبرةُ إذن هي بوجود حياة نباتية أي روح نباتية، وليست العبرةُ بالإحساس، فاليدُ المشلولة التي لا يشعر فيها الإنسان هي طاهرة بالإجماع وبلا شكّ، وعظمُ الإنسان طاهر لأنه على الأقلّ توجد فيه روح نباتية .. لذلك لا داعي لئن تُذكَرَ كلمةُ حيوانية وذلك لعدم وجود أثر لذلك .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo