< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/11/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تحليل وتأمل في أقسام الدين واعتباره من المؤونة:

كما يظهر مما قاله السيد الإمام (ره) في موضوع الدين وأدائه واحتسابه من المؤونة أن الدين ينقسم على عدة أقسام:

تارة يحصل الدين قهراً وأخرى اختياراً، وكل واحد منهما تارة يكون في سنة الربح وأخرى يكون من السنوات السابقة.

أما الدين الحاصل في سنة الربح فتارة يثبت في الذمة قبل ظهور الربح وأخرى بعد ظهوره.

وكل واحد منها قد يستيدن لأجل المؤونة وأخرى لغيرها من المصارف.

والأول قد يكون لمؤونة سنة الربح وأخرى لمؤونة السنوات السابقة.

وأما الدين الحاصل لمؤونة السنوات السابقة فإما أن يكون متمكناً من أدائه ولم يؤدّه وبقي الى سنة الربح، أو لم يكن متمكناً من الأداء.

وكل ذلك اما يؤديه في سنة الربح أو لا يريد أن يؤدّيه بل يبقيه إلى السنوات القادمة.

والمؤدي تارة يؤدي دينه دفعة واحدة أو يؤديه نجوماً.

فإذن هناك صور في المسألة متعددة ومتنوعة وحكم بعضها واضح من خلال المباحث التي قدمناها سابقاً ولا يحتاج إلى مزيد من البحث، وبعضها الآخر بحاجة إلى البحث والفحص عن الدليل وبيان الحكم.

أما الدين المتأخر عن الربح والمقارن له والحاصل لأجل مؤونة سنة الربح فلا شك في احتسابه من المؤونة واستثنائه من الربح، كما قال بعض الأعلام بأنه: يجوز وفاؤه من الربح قبل تخميسه[1] .

وكما قاله بعض آخر: (والظاهر أ نّه لم يستشكل فيه أحد ، إذ كما يجوز أن يشتري ذلك بنفس الربح ، فكذلك يجوز أن يشتريه بالذمّة ويؤدِّي الدين من الربح ، ففي الحقيقة هذا صرف للربح في المؤونة ديناً لا عيناً ، ولا فرق بينهما قطعاً[2] .

لأنه استدان حين ظهور الربح أو بعد ظهور الربح، وكما كان يجوز له أن يشتري من الربح مؤونته فكذلك يجوز له أداء الدين الذي استدانه مقارنا للربح أو متأخراً عنه للمؤونة .

لأن الملاك في صدق المؤونة صرف المال للمؤونة عينا أو دينا من دون فرق بينهما.

وفي هذا الفرض أيضا لا فرق بين أداء الدين قبل انتهاء السنة أو بعدها ولا فرق بين بقاء عين ما استدانه أو عدم بقائها.

لأنه كما قلنا بأنه يجوز صرف الربح لاشتراء المؤونة في سنة الربح عينا أو دينا.

وفي هذا الفرض كما قاله البعض: العادة قاضية وسيرة العقلاء جارية على صرف المؤن المحتاج إليها من الأرباح إمّا من عين الربح، أو من مماثله من دين أو مال مخمّس أو ما لا خمس فيه. [3]

وإن نُقل عن جماعة من الفقهاء منهم صاحب الجواهر تقييد الدين المقارن بالحاجة إليه، ولا يكفي الاستدانة لأجل المؤونة، وبالتالي يقولون بعدم جواز‌ وفاء الدين المقارن من دون شرط الحاجة اليه قبل إخراج الخمس.

ولكن الشيخ الاعظم الأنصاري وبعض آخر استشكلوا عليه ومضمون إشكالهم عبارة عن أننا لسا بحاجة الى التقيد بالحاجة، لأنه المفروض في صدق المؤونة وجود القيد، مضافا إلى أن إبراء الذمة من الدين بنفسه محسوب من المؤنة عرفاً، وإن يمكن القول بأن الاستدانة لم تكن للحاجة بل استدانه لغير الحاجة.

وهذا الاشكال صحيح وفي محله ونحن لسنا بحاجة الى التقييد بالحاجة.

وكذلك حكم الدين المتأخر والمقارن الذي حصل لا لأجل المؤونة، بل لغرض آخر مثلا استدان مالا واشترى به فرسا ليؤجره ويكسب به مالا، فهذا أيضا حكمه نفس حكم القسم السابق اذا كان اشتراؤه في سنة الربح.

لأنه يعتبر من باب تبديل الأرباح، مثل من يشتري فرسا ثم يبدله بدكان للإيجار.

ولكن الفرق هنا مع القسم الأول أن مثل الفرس أو الدكان بعد نهاية الحول وبعد مضي سنة الربح ورأس السنة الخمسية يبقي ربحا ويصدق عليه عنوان الربح وبالتالي يجب فيه الخمس بعد صدق عنوان الربح.

يعني أولا في نفس السنة يجوز أداء دين اشتراء الفرس من الربح لكن إذا تلف الفرس فلا خمس على المكلف وإذا بقي الفرس ولم يتلف بعد سنة فالربح هو بنفسه يكون ربحا ويجب فيه الخمس ولا بد من إخراجه.

هذا كله في خصوص الدين المقارن والمتأخر عن سنة الربح والاستدانة لأجل المؤونة أيضاً.

أما الديون الحاصلة من السنوات السابقة وصورها وأحكامها فيحتاج إلى مزيد من البيان.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo