< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/11/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : (حكم الاستقراض قبل حصول الربح)

المسألة العشرون: يقول السيد الامام : لو استقرض في ابتداء سنته لمؤونته، أو اشترى‌ بعض ما يحتاج إليه في الذمّة، أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح، يجوز له وضع مقداره من الربح.[1]

نقول لتوضيح المسألة و بيان وجوهها بأن الاستقراض يتصور على عدة صور:

مرة يكون الاستقراض لأجل تحصيل الربح وفي سبيل الاكتساب، كأن يستقرض مبلغاً ليتّجر به.

وأخرى يكون الاستقراض لتأمين معاش نفسه وعياله.

أما الأول فلا كلام في استثنائه من الربح، لأنه كما قلنا كراراً وتكراراً بأنه قبل استثناء ما ذهب من كيسه في سبيل الاسترباح لا يصدق عنوان الربح عرفاً.

إلا أن يكون الاستقراض لأجل الاسترباح في السنوات السابقة ولم يؤده وبقي في ذمته، فهذا بحث آخر وليس من مؤونة سنة الربح بل من مؤونة السنوات السابقة و لا يجوز استثناؤه من الربح من باب استثناء المؤونة، بل يأتي الكلام فيه في المسائل الآتية في استثناء الدين من الربح.

وأما الثاني وهو الاستقراض لتأمين معاش نفسه وعياله، وهذا هو محلّ الكلام في أنه هل يجوز الاستثناء أم لا؟

والخلاف انما لأجل تعدد صور المسألة لا لأجل تعدد الفتوى.

لأن الاستقراض في هذا الفرض أيضا مرة يكون لأجل مؤونة سنة الربح، يعني استقرض لتأمين مؤونة سنة الربح، وأخرى يكون لـتأمين مؤونة غير سنة الربح من السنوات الماضية.

أما الثاني فالكلام فيه أيضا مرتبط بموضوع استثناء الدين من الربح ويأتي إن شاء الله.

وأما الأول فمرة يكون الاستقراض في ابتداء السنة وقبل ظهور الربح.

وأخرى يكون الاستقراض في أثناء السنة وبعد ظهور الربح.

أما الثاني فهو أيضاً مما لا كلام فيه عند الفقهاء في حواز استثنائه من الربح، لأنه من القدر المتيقن من المؤونة التي تستثنى من الربح.

وأما الأول فهو موضع البحث بين الفقهاء من جواز الاستثناء أو عدم جواز الاستثناء.

ومقصود الإمام (ره) مما قاله أن هذا المورد أي الاستقراض لمؤونة سنة الربح في ابتداء السنة لتأمين المعاش.

والموارد الثلاثة التي جرت على لسان السيد الامام في نفس المسألة فهي مصاديق متنوعة وأشكال متفاوتة في صدق الاستقراض، أي إن الانسان إما أن يستقرض المال أي النقد لأجل اشتراء ما يحتاجه، أو يشتري المتاع الذي يحتاجه ويؤدي مبلغه نجوماً، أو يصرف من رأسماله، و لا فرق في ذلك من حيث المحتوى.

وقد قال السيد الامام (ره) فيه بجواز الاستثناء ولكن البعض من الفقهاء يقولون بعدم الجواز.

ومن الفقهاء الذين قالوا بجواز الاستثناء السيد اليزدي في العروة الوثقى.

يقول: إذا استقرض من ابتداء سنته لمؤنته أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح يجوز له وضع مقداره من الربح[2] .

السيد الگلبايگاني يعلق على كلام السيد اليزدي و يقول: هذا إذا أدّاهُ في سنة الربح و إلّا فالأحوط عدم احتسابه.[3]

يظهر من عبارة السيد الكلبايكاني أنه يعتبر الجواز من باب استثناء الدين لا من باب استثناء المؤونة.

وأيضاً السيد عبدالهادي الشيرازي يقول في تعليقته:

إذا صرف من رأس المال في المؤونة قبل حصول الربح فلا يوضع مقداره على الأحوط.[4]

كما لاحظنا أن تعليقاتهما على قول صاحب العروة مبنية على الاحتياط، وأما السيد الخوئي فتجاوز الاحتياط وقال:

"فيه منع نعم مئونة الربح تخرج منه بلا إشكال. و في تعليقة أخرى منه: فيه إشكال بل منع، نعم يستثني مقداره إذا كان بعد حصول الربح".[5]

فما هو سر الخلاف في المسألة؟

بعد التأمل في المسألة وفي مباني الفقهاء يظهر أن الخلاف ليس خلافاً في الفتوي فقط بل هو خلاف يرجع إلى الخلاف في المبنى في مبدأ السنة الخمسية، فهل المعيار في ابتداء السنة الخمسية هو الشروع بالكسب والعمل ؟ أو المعيار هو ظهور الربح؟

وفي المقام مبنيان مختلفان:

1 – ابتداء السنة الخمسية هو الشروع في الكسب. كما يقول به السيد اليزدي والسيد الإمام وعدد من الفقهاء.

2 – ظهور الربح هو المعيار في ابتداء السنة الخمسية. كما يقول به البعض.

وبناء على مبنى السيد اليزدي والامام وأتباعهما ومن سبقهما (ره) يمكن القول باستثناء ما استقرض من ابتداء سنته لتأمين معاشه.

وأما حسب مبنى سائر الفقهاء فلا يمكن القول بجواز الاستثناء من الربح بعنوان المؤونة.

فاذاً المسألة واضحة و لا تحتاج إلى مزيد من البيان.

وبقي نقطتان:

النقطة الأولى: حسب مبني السيد الامام (ره) من القول بالتفصيل في تعيين المعيار في ابتداء السنة الخمسية بين الأرباح التدريجية والأرباح الدفعية. فيقول بأن المعيار في التدريجيات هو الشروع وفي الدفعيات هو ظهور الربح.

بناء على المبنى المختار عند السيد الامام وهو التفصيل فلابد من القول بالتفصيل أيضاً في المقام ولكنه لم يقل به.

تأمل فيما قاله الإمام في المسألة العاشرة:

وإنّما يتعلّق بالفاضل من مؤونة السنة التي أوّلها حال الشروع في التكسّب فيمن عمله التكسّب واستفادة الفوائد تدريجاً يوماً فيوماً مثلًا، وفي غيره من حين حصول الربح و الفائدة......[6]

النقطة الثانية: وهي بنظرنا أن الفتوى في المقام هو القول بجواز الاستثناء على المبنيين و لا خلاف في المسألة عمليا، بل الخلاف علميٌّ فقط.

لأنه على المبنى الذي يقول بابتداء الشروع في الكسب فيقول بجواز الاستثناء وعلى المبنى الثاني وهو ظهور الربح أيضاً يقول بجواز الاستثناء، والخلاف في تعيين ملاك الجواز، فالأول إنما يقول بالجواز على ملاك استثناء المؤونة، وأما الثاني يقول بالجواز على ملاك استثناء الدين لا المؤونة.

لأن هذا الشخص وإن لم يبدأ بسنته الخمسية في ابتداء الشروع بالكسب لكنه يدخل في سنته الخمسية بمجرد ظهور الربح، واستقراضه كان قبل ظهور الربح ولكنه قد دخل في سنته الخمسية وكان مديوناً لأجل الاستقراض، ويجوز أداء الدين من الربح، والاستثناء منه.

فإذن الخلاف خلاف علمي فقط وليس عمليا والمكلف لا يحتاج إلى الفحص عن فتوى مرجعه بل يجوز له الاستثناء .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo