< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/10/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خمس العين المشتراة تدريجاً للمؤونة، وما يجمع من الأثمان تدريجاً لتأمين المؤونة:

المسألة السابعة عشرة:إذا احتاج إلى دار لسكناه مثلاً ولا يمكنه شراؤها إلا من أرباحه في سنين عديدة فالأقوى ‌أنه من المؤونة إن اشترى في كل سنة بعض ما يحتاج إليه الدار، فاشترى في سنة أرضها مثلا، وفي أخرى أحجارها، وفي ثالثة أخشابها وهكذا، أو اشترى مثلا أرضها وأدى من سنين عديدة قيمتها إذا لم يمكنه إلا كذلك، وأما إبقاء الثمن في سنين للاشتراء فلا يعدّ من المؤونة، فيجب إخراج خمسه، كما أن جمع صوف غنمه من سنين عديدة لفراشه اللازم أو لباسه إذا لم يمكنه بغير ذلك يعدّ من المؤونة على الأقوى، وكذلك اشتراء الجهيزية لصبيته من أرباح السنين ‌المتعددة في كل سنة مقدارها يعدّ من المؤونة لا إبقاء الأثمان للاشتراء‌.[1]

إن هذه المسألة من المسائل التي لم يتعرض لها القدماء ولا المتأخرين، بل دار الكلام فيها بين الفقهاء المعاصرين وحتى السيد اليزدي حسبما بحثت لم يتعرض لها.

و لعل السر في عدم تعرض الفقهاء (أعلى الله مقامهم) هو الاختلاف بين الأوضاع الاقتصادية آنذاك واليوم، لأن الوضع الاقتصادي آنذاك لم يكن مثل هذا الوضع الذي نحن نعيشه حالياً، فلم يكن ارتفاع سعر السِّلع في السوق مثل عصرنا هذا، ولم يكن يرتفع السعر على مدار اليوم أو الساعة أو.... بل كان الوضع ثابتاً، وأفراد المجتمع أيضا كانوا مقتنعين بما كان عندهم، وكانوا يعيشون بما كانوا يمتلكون، ولم يكن شكل وتكلفة البناء كما عليه الحال في هذا الزمان.

وأما اليوم فإن الأمر قد اختلف تماماً، فلذلك تم التعرض للمسألة اليوم بمناسبة ابتلاء الناس بها.

و أما حسبما تعرض لها السيد الإمام فيمكن تقسيم المسألة إلى ثلاثة فروع:

الفرع الأول: اشتراء البيت وما شابهه لأجل المؤونة خلال عدة سنوات.

الفرع الثاني: اشتراء البيت نسيئة، ودفع الأقساط تدريجياً.

الفرع الثالث: ادّخار ثمن البيت خلال عدة سنوات كي يتمكن من شراء البيت الذي هو بحاجة الى سكناه.

أما بالنسبة إلى الفرع الأول والثاني فلا ينبغي الإشكال في استثنائه من الخمس بعنوان المؤونة، لأن المشتري يحتاج إلى سكنى البيت وحاجته أيضاً فعلية، ولكنه لم يتمكن من شرائه كاملاً بدفعة واحدة، بل لابد من اشترائه في عدة سنوات.

وأما الفرع الثالث وهو ادّخار المبلغ والثمن في عدة سنوات لتأمين المؤونة فقد وقع الخلاف بين الفقهاء في جواز استثنائه من وجوب الخمس، وعدم استثنائه منه.

البعض كالسيد الإمام (رض) والسيد الإمام الخامنئي(حفظه الله) والشيخ مكارم الشيرازي وغيرهم يقولون بتعلق الخمس فيه. يعني أنهم قد فرقوا بين تأمين عين المؤونة تدريجاً، وبين جمع الثمن تدريجاً وشراء العين دفعة.

ولكن السيد الإمام الخامنئي والشيخ المرحوم بهجت يقولان بجواز ادّخار المبلغ مدة إضافية محدودة كثلاثة أشهر، زائدة على تمام الحول .

وأما البعض الآخر كالسيد الكلبايكاني في هداية العباد والشيخ الفاضل اللنكراني في تفصيل الشريعة والسيد الشبيري الزنجاني فيقولون بعدم تعلق الخمس به.

والملاك في هذا البحث هو الفرق بين ادّخار العين وادّخار الثمن، والقول بجواز الاستثناء من الخمس في الفرع الأول والثاني وعدم جوازه في الثالث.

عبارة السيد الگلبایگاني:

مسألة 1634: إذا احتاج إلى دار لسكناه مثلا وكان لا يمكن شراؤها إلا بإبقاء ربح سنين متعددة، أو احتاج إلى جمع صوف غنمه من سنين متعددة لأجل فراشه أو لباسه المحتاج إليه، فما يجمعه في سنين متعددة لهذه الحاجة لا خمس فيه[2] .

وللشیخ الفاضل اللنکرانی کلام في شرح عبارة السيد الإمام وتوضيح المسألة وبيان الملاك فيها:

یقول: لا ينبغي الإشكال في العدّ من المؤونة في الموارد المذكورة في المتن إذا كان بالكيفيّة المذكورة في المتن أيضاً، فإنّه لا مجال لتوهّم أنّ الدار التي يحتاج إليها لسكناه إنّما تكون من المؤونة إذا كان ربح سنة واحدة كافياً لشرائها، ولا يجوز شراؤها من أرباح سنين متعددة بالكيفيّة المذكورة أو مثلها، فإنّه على هذا التقدير ربما لا يقدر على الاشتراء مع كون المفروض الحاجة إليها لأجل السكنى والقدرة على الشراء في سنين عديدة، مع أنّه يمكن أن يقال بالأولويّة، فتدبّر جيّداً.

إنّما الإشكال في اختصاص العدّ من المؤونة بمثل الكيفيّات المذكورة، فإنّه في مسألة الدار إذا لاحظ أنّ الاشتراء في كلّ سنة من الأرباح بعض ما يحتاج إليه الدار ربما يصير موجباً لتلف بعض ذلك بالسرقة أو تصرّف المطر أو الهواء مثلًا ولا يكون له مكان للحفظ أصلًا، فأيّ مانع من جمع الثمن في مثل البنك ونحوه بهذا القصد، وبقائه إلى يوم الأخذ والاشتراء، فهل هذا يوجب الخروج من المؤونة؟ الظاهر العدم، وكذلك في مسألة الجهيزية، مثلًا إذا لاحظ أنّ اشتراءها تدريجاً يكون ملازماً لحفظه مع أنّه لا مكان له للحفظ مثلًا، أو رأى استلزامه للاندراس، أو لاحظ اختلاف الأنظار بحسب الأزمنة المتعدّدة، خصوصاً إذا كانت كثيرة، فإنّه إذا جمع الأثمان في البنك المذكور ونحوه بقصد تهيئة الجهيزية في الزمان اللازم، فهل هذا لا يعدّ من المؤونة؟ الظاهر العدّ.

نعم، الظاهر أيضاً كما أشرنا إليه‌ اختصاص ذلك بمن لا يقدر على تحصيل جهاز العروس بغير النحو المذكور، فالإنصاف أنّ تخصيص الجواز بخصوص النحو المذكور في المتن في غير محلّه، بل الظاهر عدم ثبوت الخمس في الكيفيّة التي ذكرناها. [3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo