< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/10/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التمسك بإطلاق دليل المخصص مقابل التمسك بعموم دليل العام:

مما استدل به لعدم وجوب الخمس في ما اشتراه للمؤونة ثم زاد عنها وبقيت العين، بإطلاق دليل المخصص وتقدمه على دليل العام، أنه قد ثبت في علم الأصول أن قرينية الدليل الخاص عرفاً تبيّن المراد من الدليل العام، أي إن الخاص بعد ظهوره يبين ما هو المراد من العام، ويدل على تعيين مقدار المراد من دليل العام.

وفي ما نحن فيه إنّ الدليل الخاص وهو الخمس بعد المؤونة مطلق، وغير مقيد بزمان دون زمان، الدليل الخاص وهو الاستثناء يخرِج ما هو متصف بالمؤونة من تحت العام مطلقاً وإلى الا بد، وبالتالي لو أُخرِج فردٌ من تحت العام مطلقاً وإلى الا بد، فدخوله واندراجه تحت العام مرة ثانية بسبب الاستغناء عنه وخروجه عن صدق العنوان عرفاً يحتاج إلى دليل جديد.

وبناء على ذلك إذا خرج فرد من تحت العام بسبب الدليل الخاص وإطلاق هذا الدليل الخاص من دون تقييد بزمان، ثم شككنا في دخوله تحت العام مجدداً لأجل زوال الوصف المذكور أي المؤونة، فهنا لا بد من التمسك بإطلاق الدليل الخاص، لأنه هو المقدم على عموم العام، لأنه قد بيَّن المراد من العام منذ البداية.

يعني أن الخاص قد بين بأن المراد من العام ما لا يشمل المؤونة من أول الأمر.

فإذن التمسك بإطلاق دليل المخصص أولى من التمسك بعمومية دليل العام، وبعبارة أخرى: إن إطلاق دليل المخصص يكشف عن تحديد عمومية العام في غير المؤونة.

فالمرجع حينئذ إطلاق دليل الخاص وفقاً لما ثبت في علم الأصول.

أما نحن فنقول:

إنّ ظاهر الوصف هنا، أي وصف المؤونة في الدليل الخاص (الخمس بعد المؤونة) يدل بظاهره على أن هذا العنوان حيثية تقييدية،

وبناء على ذلك إن دخل وصف المؤونة في الاستثناء عبارة عن دورانه مدار صدق العنوان حدوثاً وبقاءً، وهذا هو طبيعة الحيثيية التقييدية.

فيظهر أن الخارج من تحت العام بسبب الدليل الخاص، ودليل الاستثناء ليس مطلقاً، ومن دون تقييد بأي قيد من الزمان والوصف، بل الخارج هو ما اتصف من أرباح السنة بعنوان المؤونة (مادام مؤونة) أي مادام الوصف باقياً.

نعم، لا فرق بين أن يكون من مؤونة هذه السنة، أو من مؤونة السنوات اللاحقة.

لأن الخارج تابع لصدق العنوان، وليس تابعاً للزمان من السنة والشهر والأسبوع.

فإذن: ما دام يصدق عليه عنوان المؤونة يمكن القول بشمول دليل الاستثناء له، وإذا خرج عن العنوان بسبب خروجه عن الحاجة وحصول الاستغناء يشمله عموم دليل وجوب الخمس من أول الأمر.

يعني أن زوال الوصف وزوال صدق العنوان يكشف عن دخوله تحت العام من البداية، ويكشف أنه ليس أمراً جديداً كي يحتاج إلى دليل جديد.

فخلاصة ما يقال هنا إن دليل الاستثناء ليس مطلقاً، ولا نسلم وجود الإطلاق في دليله، بل هو مضيّق من أول الأمر، ولكنه ليس مضيقاً بزمان خاص، ومدة خاصة كالسنة والشهر والأسبوع، بل هو مضيق بوصف المؤونة، وبالتالي لا يدل على خروج الربح الذي اتصف بوصف المؤونة عن حكم عموم الأرباح مطلقاً وأبداً.

وبالنتيجة: إن تقدم إطلاق دليل الخاص على العام ثابت في محله بعد فرض وجود الإطلاق، وفيما نحن فيه لا إطلاق لدليل الخاص في البين.

وظهر من هنا ومن هذه المباحث التي قدمناها في بيان إطلاق الدليل الخاص أن ما قيل في المقام بأن العين إذا بقيت إلى ما بعد تمام الحول تدخل في السنة اللاحقة، لا يمكن القول بوجوب الخمس فيها، لأنه لا يصدق عليها عنوان ربح هذه السنة أي الماضية، بل إنه من ربح السنة اللاحقة، وهو في السنة الماضية قد خرج من تحت عموم دليل وجوب الخمس بالدليل الخاص، وهو دليل استثناء المؤونة، وليس عبارة عن فائدة جديدة، غير وارد.

لأننا قلنا في البيان السابق أن تقييد الدليل الخاص ليس تقييداً بزمان خاص، بل هو تقييد بوصف صدق العنوان، سواء في سنة الربح أو السنوات اللاحقة، إنما المهم هو صدق العنوان فقط حدوثاً وبقاءً.

ففي فرض صدق العنوان كالألبسة الشتوية والصيفية داخلٌ في الدليل الخاص، والباقي داخل في عموم العام.

مقتضى التحقيق والقول المختار:

بناء على ما بيناه في تبيين عمومية العام، وإطلاق المخصص وكيفية شمول كل واحد منهما لما نحن فيه، وتطبيق القاعدة الأصولية على ما نحن فيه، وتبيين كلام السيد الخوئي(قدس سره) فمقتضى التحقيق أن الملاك والمعيار في جواز استثناء المؤونة عن شمول دليل الخمس هو صدق العنوان الوصفي عرفاً.

فما دام العنوان صادقاً على ما نحن فيه فيشمله دليل الاستثناء، ويخرج من تحت الدليل العام، وأما لو لم يصدق عليه العنوان فيخرج من دليل الاستثناء ويكشف عن أنه كان داخلاً من أول الأمر في تحت العام، ويشمله دليل وجوب الخمس.

و صدق العنوان ليس مقيداً بسنة الربح، بل يشمل السنوات اللاحقة.

كما صرح بذلك السيد الحكيم في تعليقه على العروة الوثقى:

نعم إذا كان الاستغناء في أثناء السنة وجب إخراج خمسها إلّا إذا كان من شأنها ادّخارها للسنين الآتية كالملابس الصيفية والشتائية والأواني المعدّة للطبخ في أيّام مخصوصة فلا يجب إخراج خمسها وإن لم يحتج إليها في سنة الربح. [1]

فعلى هذا الأساس إن ما اشتراه لمؤونة سنته ثم زاد وبقيت العين إلى تمام الحول، وخرجت عن الحاجة سواء في أثناء السنة أو في السنوات اللاحقة، فلو لم نقل بأن الحق والأقوى وجوب الخمس فيه، لكان احتياط السيد الإمام في محله.

نعم بالنسبة إلى ما استهلك من مالية العين فلا يجب فيه الخمس، كما قلنا في المأكول والمشروب، لأنه استهلاكه يكشف عن صدق عنوان المؤونة، يعني بما أنه كان متصفاً بوصف المؤونة وكان مورد الحاجة فاستهلك بسبب التصرف.

فوجوب الخمس فيما زاد عن المؤونة بعد تمام الحول بعد حساب تنزل السعر والقيمة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo