< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/10/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة البحث حول جبر الخسارة بالربح في أنواع التجارات:

القول بعدم وجوب الخمس في الفرع الثالث والاستدلال بالقاعدة الأصولية

حديث أخلاقي:

الإمام عليّ عليه السلام : (أربَعٌ مَن اُعطِيَهُنَّ فَقَد اُعطِيَ خَيرَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ : صِدقُ حَديثٍ ، وأداءُ أمانَةٍ ، وعِفَّةُ بَطنٍ ، وحُسنُ خُلُقٍ)[1] .

البحث الفقهي:

كما قلنا: إن هذا الفرع، أي بقاء العين المشتراة للمؤونة بعد تمام الحول مع خروج العين عن الحاجة، قد وقع محلاً للبحث وتنوع الآراء والأنظار؛ فمنها: القول بعدم وجوب الخمس فيه، والملاك عندهم هو القول بعدم التفصيل بينه، أي بقاء الحاجة وبين عدم بقائها، لذلك في كلتا الصورتين يقول بعدم وجوب الخمس مستدلاً بإطلاق دليل استثناء المؤونة (الخمس بعد المؤونة).

ومن القائلین بهذا القول السيد الخوئي حيث ذكرنا قوله من قبل، وأما الدليل عندهم فهو الاستدلال بإطلاق دليل استثناء المؤونة (الخمس بعد المؤونة) ضمن الاستدلال بقاعدة أصولية معروفة ذكرها الاصوليون منهم الشيخ الانصاري والنائيني وصاحب الكفاية وغيرهم.

وإليكم أولاً نص ما قاله السيد الخوئي (قدس سره):

(الظاهر عدم وجوب الخمس من غير فرق بين صورتي الاستغناء وعدمه.

بيان ذلك: إنّا قد ذكرنا في محلّه في الأُصول‌: أنّه إذا كان هناك عامّ أو مطلق وقد ورد عليه مخصّص زماني: فإن كان الزمان ملحوظاً فيه بنحو المفرديّة، بحيث كان له عموم أو إطلاق أزماني وأفرادي فلوحظ كلّ زمان فرداً مستقلا للعامّ في قبال الزمان الآخر، كان المرجع فيما عدا المقدار المتيقّن من التخصيص هو عموم العامّ حتى إذا كان استصحاب المخصّص جارياً في نفسه مع أنّه لا يجري، لتعدّد الموضوع - لتقدّم الأصل اللفظي - أعني: أصالة العموم أو الإطلاق على الاستصحاب الذي هو أصل عملي.

و إن كان ملحوظاً ظرفاً لا قيداً فكان الثابت على كلّ فرد من العامّ حكماً واحداً مستمرّاً لا أحكاماً عديدة انحلاليّة، فلا مجال حينئذٍ للتمسّك بالعامّ حتى إذا لم يكن الاستصحاب جارياً في نفسه، إذ لم يلزم من استدامة الخروج تخصيص آخر زائداً على ما ثبت أوّلاً، ولا دليل على دخول الفرد بعد خروجه عن العامّ، بل مقتضى الأصل البراءة عنه.

ولكن هذا كلّه مخصوص بما إذا كان التخصيص أزمانيّاً بأن تكفّل دليل المخصّص للإخراج في زمان خاصّ.

وأمّا إذا كان أفراديّاً بأن أخرج فرداً عرضيّاً من أفراد العامّ، كخروج زيد عن عموم وجوب إكرام العلماء، فلا يجري فيه حينئذٍ ذاك الكلام، فإنّه خارج عن موضوع ذلك البحث، فإذا خرج زيد ولو في زمان واحد يؤخذ بإطلاق دليل المخصّص المقدّم على عموم العامّ، لعدم كون زيد فردين للعامّ كما لا يخفى. فسواء أكان الزمان مفرداً أم لا لا مجال للتمسّك فيه بأصالة العموم، بل المرجع أصالة البراءة عن تعلّق الحكم به ثانياً.

وعليه، فنقول: المستفاد من قوله (عليه السلام): «الخمس بعد المؤونة» الذي هو بمثابة المخصّص لعموم ما دلّ على وجوب الخمس في كلّ غنيمة وفائدة من الكتاب والسنّة أنّ هذا الفرد من الربح وهو ما يحتاج إليه خلال السنة المعبّر عنه بالمؤونة خارجٌ عن عموم الدليل، والظاهر منه أنّ الخروج لم يكن بلحاظ الزمان، بل هو متعلّق بنفس هذا الفرد من الربح بالذات كما عرفت، فهو من قبيل التخصيص الأفرادي لا الأزماني.

كما أنّه لم يكن مقيّداً بعدم كونه مؤونة في السنة الآتية ولا بعدم الاستغناء عنه في السنين القادمة فيشمل كلّ ذلك بمقتضى الإطلاق. فهذا الفرد بعد خروجه لم يكن مشمولاً لإطلاقات الخمس فيحتاج شمولها له ثانياً إلى الدليل ومقتضى الأصل البراءة، فلا موجب للاحتياط إلّا استحباباً.

ومع التنازل عن هذا البيان وتسليم كون الخروج بلحاظ الزمان فلا ينبغي التأمّل في عدم مفرديّة الزمان في عموم الخمس المتعلّق بالأرباح ليلزم الانحلال، بل هو ظرف محض، فلكلّ فرد من الربح حكم وحداني مستمرّ من الخمس تكليفاً ووضعاً، فإذا سقط الحكم عن فرد في زمان بدليل التخصيص احتاج‌ عودُه إلى دليل آخر، بعد وضوح أنّ أصالة العموم لا تقتضيه، لعدم استلزام التخصيص الزائد.

وبالجملة: فعلى التقديرين أي سواء أكان التخصيص فرديّاً كما هو الظاهر، أم زمانيّاً لم يجب الخمس بعد الاستغناء، إذ الموجب له كونه غنيمة، والمفروض أنّ هذا الفرد حال كونه غنيمة لم يجب خمسه، لكونه من المؤونة، فعروض الوجوب ثانياً وخروج الخمس عن الملك يحتاج إلى الدليل، ولا دليل.

بل المرجع حينئذٍ إطلاق دليل المخصّص أو استصحابه، لا عموم العامّ، وتكفينا أصالة البراءة عن وجوب الخمس ثانياً، بعد وضوح عدم كون المؤونة في السنة اللّاحقة أو بعد الاستغناء مصداقاً جديداً للربح ليشمله عموم وجوب الخمس في كلّ فائدة) [2] .

هذا تمام كلام السيد الخوئي(قدس سره) ولكنه يحتاج إلى تأمل وتطبيقه مع قول الأصوليين وتطبيقه مع ضوابط القاعدة الأصولية المعروفة وأيضاً يحتاج إلى تأمل في خصوص كيفية لحاظ الزمان في الدليل وغيرها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo