< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/10/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم تخميس الزائد مما اشتراه من الأرباح :

قلنا إن المسألة السادسة عشرة مشتملة على فروع ثلاثة:

الفرع الأول: ما اشترى لمؤونة سنته ثم زاد بعد تمام الحول والمؤونة مما يتلف بسبب التصرف فيها مثل الحنطة والشعير.

والسيد الإمام قال بوجوب الخمس فيما زاد وبقي الى تمام الحول، وهكذا سائر الفقهاء.

وذكروا الأدلة على وجوبه:

منها: إطلاق أدلّة الخمس.

يعني أن أدلة وجوب الخمس تدل على وجوب تعلق الخمس بالربح مطلقاً، ودليل الاستثناء يدل على استثناء المؤونة فقط، وأما ما نحن فيه فهو أنه بسبب بقائه بعد الحول انكشف أنه ما كان من المؤونة، لأنّ مؤونية مثل الحنطة إنما تتحقق بإتلافه وأكله، فإذا لم يؤكل وبقي بعد الحول شملته إطلاقات أدلة الخمس.

ومنها: ظهور الإجماع.

أي يظهر من آراء الفقهاء أنهم مجمعون على وجوب الخمس في ما نحن فيه.

ومنها: السیرة المستمرة.

وهي سيرة المتشرعة المتصلة بزمن المعصومين (ع) في تعلق الخمس بما نحن فيه، وهو ما زاد عن مؤونة السنة بعد اشترائه للمؤونة.

ومنها: عدم صدق عنوان المؤونة.

كما قد بينا ذلك سابقاً، وقلنا إن تمييز مصداق المؤونة عن غير المؤونة إنما هو بصدق العنوان على المورد عرفاً، وإذا صدق عليه فهو مؤونة، وبالتالي تستثنى من وجوب الخمس، وأما ما نحن فيه فعدم صدق العنوان عليه عرفاً أمر واضح، كما بينا أن صدق عنوان المؤونة عليه إنما بإتلافه بعد التصرف، لأن المأكولات ليس من شأنها البقاء بعد الأكل وبعد التصرف فيها وهو لم يتلف بعد، بل بقي بعد الحول.

وهذا كاشف عن أن هذا الإنسان إنما كان يتخيل أنه بحاجة إليه للمؤونة، والواقع ليس كذلك.

هذا بالنسبة الى الفرع الأول وهو واضح ولا يحتاج إلى مزيد بيان، ولكنه بقي هناك شيء يجب التذكير به وهو أن القول بوجوب الخمس في الفرع الأول كما قلنا به واتفق عليه الفقهاء، ولا إشكال فيه، إنما يستلزم القول بالمحاسبة وإخراج الخمس عما يبقى ولو شيئا قليلا كالملح، أو زيت السراج، وشبهه من الأشياء اللطيفة التي قد تجري السيرة على عدم احتسابها لأجل الغفلة عنها.

وأما السيد الإمام فقد صرح بذلك وقال: يجب إخراج خمسه قليلاً كان أو كثيراً...

هذا وإن كان يمكن أن يشكل عليه أحد بأنه لو كان يقع عادة مورد الغفلة ولا يحتسبها أهل الخمس من المتدينين، فإنه لو كان واجباً إخراجه لكان على الشارع أن يبيّنه، ويقوم بتوجيه المؤمنين لذلك كي لا يقعوا في الغفلة، ويمكن القول بأن الإشكال ليس بعيداً عن المقام، ولكن يؤيده الاحتياط بإخراجه لأهل التقوى مقدمة لعدم الوقوع في ترك الواجب الشرعي.

الفرع الثاني: وهو ما زاد عن مؤونة السنة ومن شأنه البقاء، لأن مؤونيته ليست مستلزمة لإتلافه، بل تبقى العين حتى بعد التمون بها، والمفروض أن الانسان بحاجة إليه بعد الحول حتى للسنين اللاحقة.

فهذا هو الذي قال فيه السيد الإمام بعدم وجوب الخمس مثل الأواني، والفرش، والفرس، أو نحوها مثل اللباس والكتب، وغيرها.

أما الاستدلال على هذا الفرع فمما ذكره الفقهاء في المقام هو الاستدلال بإطلاق دليل الخمس بعد المؤونة.

أقول: إن هذا الاطلاق إنما يوجب الخمس بعد استثناء المؤونة، والمفروض أن المورد ليس من شأنه عد البقاء كما كان في الفرع السابق، بل تبقى العين، ويصدق عليها عنوان المؤونة، وما دام يصدق العنوان لابد من استثنائه عن وجوب الخمس، مضافاً إلى ذلك أن بقاء الحاجة إليها أيضا يؤيد استمرار صدق العنوان واستثنائه عن الوجوب.

وأيضاً مما يؤيد عدم وجوب الخمس فيه الفرق بينه وبين الفرع الأول؛ وهو أن بقاء العين في الفرع الأول كان يكشف عن عدم كونه من مؤونة السنة من الأول، وأما الفرع الثاني فإنّ بقاء العين لا يكشف عن عدم كونها مؤونة من الأول، لفرض وجود الحاجة إليها، ووجوب الخمس مع صدق عنوان المؤونة واضح لا غبار عليه.

مضافاً إلى ذلك فإن بقاء الحاجة إلى العين يؤيد استمرارية صدق عنوان المؤونة، لأنه قد تمّت في تحقيق عنوان المؤونة لأنها عبارة عن حاجة الإنسان إلى شيء في حياته.

والحاجة ليست عبارة عن الحاجة الفعلية فقط، بل تشمل الحاجة الشأنية أيضاً، كما يمكن عد موارد عديدة لذلك مثل الألبسة الشتوية التي لا يلبسها الإنسان في فصل الصيف فهل تخرج عن صدق عنوان المؤونة؟ طبعاً لا.

أو الكتب التي يدرسها الإنسان في الفصل الدراسي، ولا يدرسها في خارج الفصل، ولكنه بحاجة إليها في الفصل القادم، فهل يخرج من صدق العنوان؟ أيضاً لا يخرِجها، أو غير ذلك.

و شمول دليل الخمس بعد المؤونة يشمل المورد، وعدم وجوب الخمس فيما زاد عن مؤونة سنته ثابت بالدليل.

و أما في الفرع الثالث وهو الخروج عن الحاجة فيحتاج الى بحث.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo