< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/10/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسؤولية العلماء في التعليم:

رُوِيَ عَن بَعضِ الصادقِين (ع): إنَّ النّاسَ أربَعَةٌ: رَجُلٌ يَعلَمُ ويَعلَمُ أنَّهُ يَعلَمُ، فَذاكَ مرشد عالِمٌ فَاتَّبِعوهُ، ورَجُلٌ يَعلَمُ ولا يَعلَمُ أنَّهُ يَعلَمُ، فَذاكَ غافِلٌ فَأَيقِظوهُ، ورَجُلٌ لا يَعلَمُ ويَعلَمُ أنَّهُ لا يَعلَمُ، فَذاكَ جاهِلٌ فَعَلِّموهُ، ورَجُلٌ لا يَعلَمُ ويَعلَمُ أنَّهُ يَعلَمُ، فَذاكَ ضالٌّ فَأَرشِدوهُ. [1]

نقاط هامة في الحديث:

1- إن تعبير (بعض الصادقِين) قد ورد في بعض النصوص والروايات وأُطلق على الأئمة المعصومين (ع) لكن هذا ليس أمراً قطعياً مسلَّماً لا خلاف فيه، بل يوجد خلاف في إطلاقه على الإمام المعصوم (ع).

واختلف الفقهاء فيه أيضاً، فبعضهم يقول الظاهر أن المراد منه هو الإمام المعصوم (ع)، وبعضهم الآخر يستشكل على ذلك ويقول بأن المراد منه بعض العدول. وكيف كان فهذا لا يهمنا في المقام.

2- إن استعمال مفردة (يعلم) و (لا يعلم) وتكرارها في الحديث وفي الأقسام الأربعة يفيدنا بأن المقصود من العلم الأول هو التعلم، يعني أنه: تعلّم وعلِم، وأما المقصود من العلم الثاني فهو المعرفة بالمسؤوليات، يعني أنه تعلم وعلم وعرف مسؤوليته وتكليفه ووظيفته تجاه ما تعلم وعلم.

لذلك يقول في القسم الأول: فذاك مرشد عالم.

فمن الواضح أن المرشد هو الذي عرف مسؤوليته، ثم بدأ بإرشاد الناس.

ويؤيد ذلك أنّه استخدم معه مفردة (فاتبعوه) و (أيقظوه) وهما تدلان على المعرفة بالمسؤولية، وليس عدم المعرفة بها فقط. وفي فرض وجود المعرفة يأمر الناس باتباعه، وفي فرض الغفلة عن المسؤولية يأمر الناس بإيقاظه بها.

و أما في القسمين الآخرين فقد استخدم مفردة ( فعلموه) و (فأرشدوه) وهما تدلان على مرحلة ما قبل المسؤولية.

3- إن العلم يستلزم المسؤولية ولا يمكن الفرار منها، ولا بدّ من أداء المسؤولية وحسب ما صرّح بها في الحديث أن مسؤولية العالم هي إرشاد الخلق.

4- إن عدم معرفة الإنسان بمسؤوليته غفلة، وليست عذراً، ويجب تنبيه الغافل؛ لأن الغافل في خطر عظيم، وبحكم العقل لا بد من إيقاظه كي لا يقع في التهلكة.

5- إن إرشاد الخلق من دون شعور ومعرفة بالمسؤولية هو عبارة عن الضلالة بعينها.يعني أن العالم الذي لم يعرف أن مسؤوليته هداية الخلق عندما يرشد الناس، ويبلّغ الناس و.. ففي الحقيقة هو يشتغل بتضليلهم، لا بإرشادهم، لأنه قد دخل في عمل دون أن يعرف مسؤوليته ووظيفته.

6- يمكن الاستشهاد على هذه النقاط ببعض المقاطع التاريخية كقضية أمير المؤمنين علي (ع) لأن المؤمنين كلهم كانوا يعلمون أنه الأفضل، والأعلم، والأتقى، والأشجع، و.. وكلهم كانوا يعلمون أنه وصي رسول الله (ص) ولكنه لماذا لم يقوموا بالدفاع عنه وعن ولايته؟

لأنهم لم يعرفوا مسؤوليتهم، أي عرفوا مؤهلات أمير المؤمنين (ع) للإمامة، ولكن كانوا غافلين عن مسؤوليتهم تجاه ذلك.

(قال أسامة بن زيد: سمعت رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه وسلم يقول: يؤتى بالعالم يوم القيامة فيلقى في النّار فتندلق أقتابه فيدور بها كما يدور الحمار بالرّحى فيطيف به أهل النّار فيقولون: ما لك؟ فيقول: كنت آمر بالخير ولا آتيه، وأنهى عن الشّرّ وآتيه». وإنما يضاعف عذاب العالم في معصيته لأنه عصى عن علم. ولذلك قال اللّٰه عز وجل : (إِنَّ الْمُنٰافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّٰارِ) لأنهم جحدوا بعد العلم، وجعل اليهود شرا من النصارى مع أنهم ما جعلوا للّٰه سبحانه ولداً ولا قالوا إنه ثالث ثلاثة، إلا أنهم أنكروا بعد المعرفة، إذ قال اللّٰه: (يَعْرِفُونَهُ كَمٰا يَعْرِفُونَ أَبْنٰاءَهُمْ) وقال تعالى: (فَلَمّٰا جٰاءَهُمْ مٰا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ، فَلَعْنَةُ اللّٰهِ عَلَى الْكٰافِرِينَ). وقال تعالى في قصة بلعام بن باعوراء (وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنٰاهُ آيٰاتِنٰا فَانْسَلَخَ مِنْهٰا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطٰانُ فَكٰانَ مِنَ الْغٰاوِينَ}[2]

نعود إلى البحث الفقهي:

لأجل هذه الفترة التي أوجبت الفراق بيننا وبينكم، ينبغي أن أعطيكم صورة إجمالية عما قلناه وتحدثنا حوله سابقاً من كتاب الخمس في العام الماضي والعام الدراسي الجاري.

فأقول: المباحث التي تحدثنا حولها في العام الماضي في موضوع الخمس هي عبارة عن:

- تعريف الخمس وبيان الفرق بينه وبين الزكاة.

- حول اتفاق المسلمين في مسألة الخمس واختلافهم، وتعيين مورد الخلاف بين المسلمين.

- هل الخمس من الضروري في الاسلام؟ وضروري المذهب؟ أم لا؟

- و لو قلنا بأنه ضروري، فهل إنكاره يوجب الكفر؟

- علة تشريع الخمس في الاسلام .

- هل الخمس حق أو ملك؟ وما الفرق بينهما.

- الخمس في الشرائع السابقة.

- تحقيق في ضروري الدين والمذهب مفهوماً، وملاكاً، ومعياراً.

- البحث حول بعض ما يتعلق به الخمس من الغنائم.

وفي هذا العام بدأنا ببيان ما يجب فيه الخمس وشرعنا في بيان تتمة خمس الغنائم وخمس المعدن.

وبعد الانتهاء من خمس المعدن لم نسِرْ وفق ما سار عليه السيد الإمام، بل خالفناه وتركنا البحث حول خمس الكنز والغوص ودخلنا في البحث حول ما يفضل عن مؤونة السنة، وذكرنا خمسة عشر مسألة منها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo