< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/07/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فضائل امام محمد التقي

عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ يَحْيَى الصَّنْعَانِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام وَ هُوَ بِمَكَّةَ وَ هُوَ يُقَشِّرُ مَوْزاً وَ يُطْعِمُهُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا الْمَوْلُودُ الْمُبَارَكُ ؟؟ قَالَ(ع): نَعَمْ يَا يَحْيَى! هَذَا الْمَوْلُودُ الَّذِي لَمْ يُولَدْ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلُهُ مَوْلُودٌ أَعْظَمُ بَرَكَةً عَلَى شِيعَتِنَا مِنْهُ. [1]

نقف عند هذه الرواية وقفة مختصرة ونتأمل فيها كي يظهر لنا حكمة هذا البيان وسر بركة عظيمة بهذا المستوى من العظمة في هذا المولود!

سؤال: ما هو المراد من هذا الحديث ومن هذه العبارة التي تحكي لنا بركة هذا المولود؟ وأي بركة جعلها الله تعالى في هذا المولود ولم يجعل في آبائه وأبنائه؟

ومن تأمل ودقق النظر فيه يظهر له نقاط متعددة ومفيدة:

الأولى: من بركات هذا المولود المبارك أن المسلمين قرؤوا القرآن الكريم وعرفوا أن عيسى بن مريم عليه السلام أعلن نبوته وهو في المهد حيث قال: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾[2] .

وكان يحيى عليه السلام نبيا وهو صبي حيث قال الله تعالى: ﴿يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا.﴾

ولكنهم لم يروا بأعينهم ولم يشاهدوا كيف يمكن أن يبلغ الصبي الى مقام النبوة ؟!

فببركة ولادة الإمام الجواد ع وبلوغه منصب الامامة بعد مضي سبع سنوات من عمره ثبتت واستقرت هذه المسألة الاعتقادية، فأثبت الله تعالى للناس نبوة عيسى و يحيى ببركة ولادة الإمام الجواد (ع).

الثانية: إن الإمام الجواد (ع) بلغ الإمامة في طفولته، ولم يكن قبله أحد من الأئمة المعصومين (ع) مثله، فلذلك هو الذي ثبتَ بولادته إمكان تصدي الإمامة في سن الطفولة.

الثالثة: إمامته قد مهّدت الطريق لإمامة الإمام الحجة المنتظر المهدي (عج)، من خلال أن الإمام الحجة سوف يتولى الإمامة في السن الذي هو أصغر من سن الإمام الجواد (ع)، يعني أن من بركة هذه المولود أنه لولا ولادته وإمامته في الصّبى لصار أمر الإمامة في الإمام المهدي (ع) صعباً.

الرابعة: إن هذا الرواية تشير إلى وجود شبهة عقائدية كانت في عصر الإمام الرضا (ع)، وهي شبهة وشكٌّ في إمامته ، لأجل ظهور تيار الوقف بعد استشهاد الإمام الكاظم (ع)، وهم الذين قالوا بأن موسى بن جعفر لم يمت وإنما غاب، وسيعود وهو الإمام المهدي (ع) فعن لم يعترفوا بامامة الإمام الرضا (ع)، ووقفوا على إمامة الكاظم (ع)، وقد زداد التشكيك في إمامة الإمام الرضا (ع) لما لاحظوا عدم تحقق الإنجاب للإمام (ع) حتى مضى من عمره الشريف سبعة وأربعين عاماً، فغدوا يشكّون في إمامته (ع)، لأنهم كانوا يقولون لو كان إماماً لكان له خلف. بتت امامة أبيه الرضا وأكملت سلسلة الامامة، لذلك بعد ولادة الإمام الجواد (ع) فولادته قد أبطلت فكرة الوقف وأث لن يوجد أحد يقول بالوقف بل استمر القول بامامة الأئمة المعصومين (ع) الى الإمام المهدي (ع) فثبت القول بإمامة الأئمة الاثني عشر.

الخامسة: من المحتمل أن تكون هذه الرواية مشيرة الى قصة تاريخية حدثت في عصر الإمام الجواد (ع) وهذه القضية أيضا لأجل شبهة الناس في الإمام الجواد (ع) التي ارتفعت ببركته (ع).

والقصة هي أنه(ع) قد ولد حائل اللون، وكان متأثراً من أمه وهي كانت أمرأة نوبية بخلاف آبائه (ع)، بما أنهم كان لونهم شفافاً، فالناس وضعفاء الإيمان كانوا اذا ينظرون إلى وجه الإمام ، يشكون في شخصية الإمام وشخصية أبيه الرضا (ع)، حتى أنه بعضهم تكلموا بكلام سيء كما ورد في رواية: ولقد قال فيه الشاكّون المرتابون - وسنّه خمسة وعشرون شهراً-: إنّه ليس هو من ولد الرضا عليه السلام.... حتى وصل الأمر الى حد أخذوه، فحملوه إلى القافة، وهو طفل بمكّة في مجمع من الناس بالمسجد الحرام، فعرضوه عليهم، فلمّا نظروا إليه، وزرقوه بأعينهم، خرّوا لوجوههم سجّداً، ثمّ قاموا. فقالوا لهم: يا ويحكم! مثل هذا الكوكب الدرّي، والنور المنير، يعرض على أمثالنا، وهذا واللّه، الحسب الزكي، والنسب المهذّب الطاهر،....فنطق بلسان أرهف من السيف، وأفصح من الفصاحة، يقول بعد الحمد والثناء و بعد ذكر نسبه الى رسول الله (ص) :...ففي مثلي يشكّ، وعليَّ وعلى أبوىَّ يفترى، وأُعرَض على القافة !؟ وقال: واللّه! إنّني لأعلم بأنساب الناس من آبائهم،...وأيم اللّه! لولا تظاهر الباطل علينا، وغلبة دولة الكفر، وتوثّب أهل الشكوك والشرك والشقاق علينا، لقلت قولاً يتعجّب منه الأوّلون والآخرون. ثمّ وضع يده على فيه، ثمّ قال: يا محمد! اصمت، كما صمت آباؤك «فاصبر كما صبر اُولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo