الموضوع: تأمل في مبنى السيد الامام والتنويه إلى التضاد الموجود في فتوى السيد اليزدي:

قلنا أن هذه المسألة تتكفل بيان خمس الزيادة الحاصلة من العين، متصلة كانت أم منفصلة، وإن كان السيد الامام قد ذكر مثل هذه المسألة تحت رقم 8 و بين الموضوع من الزيادة العينية متصلا كان أو منفصلا و الزيادة الحكمية، حيث قال:

لو كان عنده من الأعيان التي لم يتعلّق بها الخمس، أو أدّى خمسها وارتفعت قيمتها السوقيّة لم يجب عليه خمس تلك الزيادة إن لم تكن الأعيان من مال التجارة ورأس مالها، كما إذا كان المقصود من شرائها وإبقائها اقتناءها والانتفاع بمنافعها ونمائها، وأمّا إذا كان المقصود الاتّجار بها فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إن أمكن بيعها وأخذ قيمتها، وإن لم يمكن إلّا في السنة التالية تكون الزيادة من أرباح تلك السنة لا الماضية على الأظهر.

و هنا أيضاً بدأ الإمام (ره) بذكر هذه المسألة في بيان خمس الزيادة الحاصلة للعين، ولكنه اكتفى بذكر الزيادة العينية ولم يذكر الزيادة الحكمية، وهذا هو الفرق بين هذه المسألة وتلك المسألة، ولايوجد بينها فرق آخر.

وإن کان من المناسب ذكرها بعد تلك المسـألة حفاظا على الارتباط بينهما من دون فصل ولكنه لم يذكرها هناك بل ذكرها هنا و بعنوان مسألة مستقلة.

والمسألة واضحة كما شرحناها من حيث الأقوال والأدلة ومقتضى التحقيق، ولا نريد إعادة البحث بدون دواعٍ جديدة.

لكن النقطة المهمة هي التعرف على مبنى السيد الامام في تعلق الخمس بالنماء والزيادة، وهو التكسب لا الانتفاع والتعيّش كما صرح به فيما قدمناه و فيما ذكره هنا.

لذلك في كل مورد يُبقي الإنسان المال بقصد الاتجار والتكسب يحكم بوجوب الخمس في نمائه متصلا كان أم منفصلا، وأما اذا لم يُبقه بقصد التكسب بل يبقيه بقصد الانتفاع بعينه أو بنمائه فلا يقول بتعلق الخمس فيه، وهذا ثابت بالنسبة إلى رأي الامام ومبناه.

التضاد الموجود في فتوى السيد اليزدي في الموضعين من كلامه:

والسيد اليزدي ره بيّن المسألة أيضاً في موضعين، في مسألة 53، و 55.

يقول فی الموضع الثاني (55): إذا عمَّر بستاناً وغرس فيه أشجاراً ونخيلاً للانتفاع بثمرها وتمرها لم يجب الخمس في نمو تلك الأشجار والنخيل، وأما إن كان من قصده الاكتساب بأصل البستان فالظاهر وجوب الخمس في زيادة قيمته وفي نمو أشجاره ونخيله.

إذا کان عنده من الأعيان الّتی لم يتعلّق بها الخمس أو تعلّق بها لکنّه أدّاه فنمت وزادت زيادة متّصلة أو منفصلة وجب الخمس فی ذلک النماء....

کما هو واضح أن السيد اليزدي فی الموضع الأول قال بوجوب الخمس في الزيادة العينية بشكل مطلق متصلاً كان أم منفصلاً من دون تقييد بقصد التكسب أو الانتفاع، وأما في الموضع الثاني يقول بالتفصيل بين قصد التكسب قصد الانتفاع والتعيش، ففي الأول يقول بوجوب الخمس وفي الثاني بعدم وجوب الخمس.

وواضح أنه يوجد تناقض في الفتوى في الموضعين وهذا ما به بعض المحشين على العروة ومنهم السيد الخوئي حيث يقول:

وأمّا في الثاني: فقد نفى الخمس في مطلق الزيادة. و لكنّك خبير بأنّ إطلاق كلامه ينافي ما تقدّم منه سابقاً من وجوب الخمس في الزيادة المتّصلة و المنفصلة[1] .

نعم لاشک فی التناقض الموجود في كلام السيد في الموضعين ولايليق بمقامه فلذلك اهتمّ البعض بتوجيه كلامه كي لا يرد عليه الإشكال حفاظا على شأنه.

ومنهم السيد الخوئي (ره) أيضاً

قال: فلا بدّ من حمل كلامه على بستان أعدّه للانتفاع به شخصاً لنفسه وعائلته بحيث كان من المؤونة، نظير البقرة التي اشتراها لينتفع بلبنها، فإنّ هذا هو الذي لا خمس فيه مطلقاً، لا في الزيادة الفعليّة من المتّصلة و المنفصلة، و لا في الزيادة الحكميّة، نظراً إلى استثناء المئونة[2] .

و شيخنا الأستاذ مكارم الشيرازي يقول بنفس ما قاله السيد الخوئي: يمكن حمل كلامه على صورة كونها في سبيل مؤونته. [3]

و بعض آخر کالسيد الشبيري الزنجاني بعد التصريح بعدم مقبولية مثل هذه التوجيهات يقول: يمكن القول بعيداً بحمل كلامه على مورد يكون صاحب البستان على غفلة تماما عن نماء البستان وثمره، يعني أنه لم يكن ملتفا بوجود الثمرة وإمكان الاكتساب بها، فهذا يمكن القول بعدم وجوب الخمس فيها بخلاف المسألة 53[4] .

وبعد الالتفات الى هذه النقطة نقول بكل احترام للسيد وللأعلام الذين اهتموا بذكر التوجيهات كما قاله البعض بأن هذه التوجيهات لا تليق بعبارة السيد اليزدي، بل إن الإشكال أي وجود التضاد بين موضعين من كلامه وارد، ولكن قبول الإشكال لايقلل من شأن السيد اليزدي.