< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأقوال في مبدأ السنة الخمسية التي تستثنى مؤونتها:

کما قلنا: إن السيد الإمام (رض) في المسألة العاشرة تحدث عن أمرين: عن مؤونة تحصيل الربح، وعن تعيين مبدأ السنة التي تستثنى مؤونتها.

الأمر الأول وقد تحدثنا حوله سابقاً، وبقي الكلام في الأمر الثاني، وإنّما الكلام في السنة الخمسية ومبدئها، وهنا أيضا مسألتان:

المسألة الأولى: في أن السنة الخمسية هل هو العام الواحد في الجميع من دون تفصيل، أو أن لكل واحد من أنواع الربح عاماً خاصاً به؟

و أما المسألة الثانية: على فرض القول بأن لكل واحد من أنواع الربح عاماً خاصاً به، فما هو المعيار في تعيين مبدأ السنة الخمسية؟

هل هو من حين الشروع في اكتساب الربح وتحصيل الفائدة، أو من بداية زمان حصولها أو يفصّل بين أرباح المكاسب والتجارات وبين سائر الفوائد الحاصلة بغير كسب وتجارة؟

فنقول: قد وقع الخلاف فيهما:ففيهما قولان أساسيان:

القول الأول: بوحدة العام الخمسي وبعمومية السنة الخمسية للجميع.

والقول الثاني: بتعيين عامٍ لكل واحد من أنواع الربح والفائدة.

فالأول ذهب إليه الشهيد الأول في الدروس، والمحقق البحراني في الحدائق، وكاشف الغطاء وغيرهم.

ومالَ البعضُ إليه كصاحب الجواهر والمدارك وغيرهما كصاحب العروة وبعض المحشين على العروة.

إليكم كلام صاحب الحدائق يقول: ولا يعتبر الحول في كل تكسب بل مبدأ الحول من حين الشروع في التكسب بأنواعه فإذا تم الحول خمس ما بقي عنده"[1] .

وإليكم أيضا قول صاحب العروة: مبدأ السنة الّتي يكون الخمس بعد خروج مؤونتها حال الشروع في الاكتساب فيمن شغله التكسّب، وأمّا من لم يكن مكتسباً وحصل له فائدة اتّفاقاً فمن حين حصول الفائدة.

فهؤلاء الفقهاء كالسيد الإمام (ره) لم يفصلوا في مبدأ السنة التي تستثنى منها المؤونة، بل إنما ارتبط تعيين السنة بأنواع الشغل وكيفية وصل الربح بين الوصول التدريجي والدفعي، يعني إذا كان شغله التجارة والتكسب ويحصل الربح تدريجاً فمبدأ سنته هو زمان واحد، وأما غيره فحسب المعيار المناسب.

و كذلك يقوله السيد الكلبايكاني : في مثل التجارة والصناعة الّتي يحصل الفوائد فيها متدرّجاً من حين الشروع وأمّا ما ينفكّ حصول الربح عن الشروع فيه مثل الزرع والغرس والنعم فالمبدأ حال حصول الفائدة.

و أما الثاني: ذهب إليه الشهيد الثاني في الروضة البهية وقال: ولو حصل الربح في الحول تدريجا اعتبر بكل خارج حول بانفراده، نعم توزع المؤونة في المدة المشتركة بينه وبين ما سبق عليهما ويختص بالباقي.

و في المسالك حيث قال فيه: وإنما يعتبر الحول بسبب الربح فأوله ظهور الربح فيعتبر منه مؤونة السنة المستقبلة. ولو تجدد ربح آخر في أثناء الحول كانت مؤونة بقية حول الأول معتبرة منهما، وله تأخير إخراج خمس الربح الثاني إلى آخر حوله، ويختص بمؤونة بقية حوله بعد انقضاء حول الأول وهكذا[2] ، فإن المراد بالسنة هنا ما تجددت بعد الربح لا بحسب اختيار المكتسب.

مثلا: لو كان الإنسان خطيباً ومبلغاً وحصلت المنافع عنده في عدة مناسبات من عاشوراء وصفر وشهر رمضان وغيرها فلابد من أن لكل واحد منها حولاً وعاماً خمسياً برأسه .

فحسب ما ذكرنا أن في المسألة قولان: القول بتعيين العام الواحد. والقول بتعيين الأعوام المتناسبة مع حصول الربح.

أما سماحة الشيخ السبحاني (حفظه الله) نظر الى المسألة من جانب آخر وقال بوجود أربعة أقوال:

يقول: لما كان الخمس متعلّقاً بما زاد على مؤونة السنة، وقع الكلام في مبدئها، والأقوال أربعة:

1. الشروع بالاكتساب.

2. ظهور الربح وحصوله.

3. الفرق بين الاكتساب، والفائدة الاتفاقية، فالمبدأ في الأوّل، هو الشروع في الاكتساب؛ وفي الثاني حصول الربح، من غير فرق بين الاكتساب المقارن لحصول الربح من أوّل يومه، أو عدمه، أعني: ما لا يربح إلّا بعد فترة.

4. الفرق بين التجارة والصناعة، فالمبدأ هو حال الشروع بهما وبين الزراعة والغرس وتربية الأنعام، فالمبدأ هو حصول الربح. هذه هي الوجوه المحتملة[3] .

و أما بعض شارحي تحرير الوسيلة تعرض للأقوال في المسألة وقال بوجود ثلاثة أقوال:

يقول: قد وقع الخلاف في المقام على ثلاثة أقوال:

أحدها: إنّ مبدأ السنة من حين الشروع في الكسب مطلقاً، والقائل به قليل.

ثانيها: أنّ الاعتبار بظهور الربح مطلقاً، في جميع الموارد، فذهب إليه جماعة منهم الشهيد. وعليه فلا تستثنى المؤون المصروفة قبل ذلك من غير فرق بين ربح الكسب وغيره من الفوائد.

ثالثها: التفصيل بين أرباح المكاسب وبين سائر الفوائد الحاصلة بغير كسب وتجارة.

فإنّ الاعتبار على القول الأوّل: بزمان الشروع في الكسب مطلقاً، وعلى الثاني: بحصول الفائدة كذلك، وعلى القول الثالث: بزمان شروع الكسب في أرباح المكاسب وحين ظهور الربح في سائر الفوائد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo