< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة في مسئلة العاشرة:

يوم ولادة السيدة الزهراء (ع) و ولادة حفيدها الإمام الخميني (ره)

إن السيده فاطمة الزهراء (ع) مظهر جميع الأوصاف الکمالية، و بلغت أعلى مراتبها وتفردت في بعض الأوصاف حتى يمكن االقول بأن لا نظير لها ولا شبيه.

ومن صفاتها التي كانت متميزة فيها بين الخلق، هي وصف العبادة، لأنها كانت عابدة قد عبدت الله تعالى بأحسن صورها وأفضل مراتبها، وإنها إذا اشتغلت بالعبادة منفردة كانت عابدة زاهدة، لا تشتغل بغير العبادة.

نعم قد عُرفت السيدة الزهراء عليها السلام بكثرة العبادة، فلأجل هذا من أسمائها: الزكيَّة والزاكية، لاهتمامها بتزكية النفس الموصلة إلى الفلاح كما قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾

إن رسول الله (ص) قد وصف عبادة ابنته فاطمة (ع) فقال: وأما ابنتي فاطمة، فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة منِّي، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبيّ، وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربِّها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عز وجل لملائكته: (يَا مَلَائِكَتِي انْظُرُوا إِلَى أَمَتِي فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ إِمَائِي قَائِمَةً بَيْنَ يَدَيَّ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهَا مِنْ خِيفَتِي وَ قَدْ أَقْبَلَتْ‌ بِقَلْبِهَا عَلَى‌ عِبَادَتِي‌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ آمَنْتُ شِيعَتَهَا مِنَ النَّار) [1]

وقد وصف الحسن البصري عبادتها فقال: (مَا كَانَ‌ فِي‌ هَذِهِ‌ الْأُمَّةِ أَعْبَدُ مِنْ‌ فَاطِمَةَ كَانَتْ تَقُومُ حَتَّى تَوَرَّمَ قَدَمَاهَا)[2]

وأما الإمام الخميني (ره) فتقول السيدة فاطمة طباطبائي: المرة الأولى التي رأيت فيها الإمام كانت بعد زواجي (بولده السيد أحمد) بمدةٍ فقد كان عمر ابني يومها تسعة أشهر، وسبب عدم رؤيتي لسماحته قبل ذلك هو أن السيد أحمد كان ممنوعاً من الخروج من إيران مدة، وبعد إزالة هذا المنع سافرنا إلى العراق عبر لبنان وسورية، لكي نحظى بلقائِهِ؛ أنا للمرة الأولى، والسيد أحمد بعد فراقٍ استمر عدة سنوات. عندما وصلنا إلى منـزله في النجف الأشرف، طرقنا الباب، ففتح لنا بنفسه لأن الآخرين كانوا نائمين فقد وصلنا قبل ساعةٍ من أذان الفجر. لقد فرح كثيراً بوصولنا، وهذا أمرٌ طبيعي بحكم طول سني الفراق وبحكم العاطفة الجياشة التي يتميز بها الإمام، ولكنه رغم ذلك لم يجلس معنا إلا دقائق قليلة حتى قال: «ينبغي أن أذهب»!! وكانت السيدة زوجته قد استيقظت، لكنني تعجبت من قلة المدّة التي جلس فيها معنا رغم ما ظهر عليه من فرح وسرور لقدومنا عليه، فسألت السيد أحمد باستغراب: أين يذهب السيد؟ فأجابني: هذا هو وقت إقامته لصلاة الليل. وعندها أدركت أن الإمام لا يستبدل بلذة نافلة الليل أي شي‌ء آخر.

تتمة البحث في المسألة العاشرة:

مسألة 10: الخمس في هذا القسم، بعد إخراج الغرامات والمصارف التي تصرف في تحصيل النماء والربح، و إنّما يتعلّق بالفاضل من مؤونة السنة التي أوّلها حال الشروع في التكسّب فيمن عمله التكسّب واستفادة الفوائد تدريجاً يوماً فيوماً مثلًا، وفي غيره من حين حصول الربح و الفائدة، فالزارع مبدأ سنته حين حصول فائدة الزرع ووصولها بيده، و هو عند تصفية الغلّة، ومن كان عنده الأشجار المثمرة مبدأ سنته وقت اقتطاف الثمرة واجتذاذها. نعم، لو باع الزرع أو الثمار قبل ذلك، يكون مبدأ سنته وقت أخذ ثمن المبيع، أو كونه كالموجود بأن يستحصل بالمطالبة.

تحدث السيد الإمام (ره) في هذا المسألة عن أمرين:

الأمر الأول عبارة عن المؤونة التي تستثنى من الأرباح في تعلق الخمس بها، أي يتعلق الخمس بعد استثناء المؤونة.

والأمر الثاني عبارة عن مبدأ السنة الخمسية والتفصيل فيما يتعلق بها.

ففي الأمر الأول ينبغي أن نعلم أنّ الكلام يقع في أن مفردة (المؤونة) لها مفهومان: تارة تستعمل ويقصد منها مؤونة الاكتساب وما يصرف منها في سبيل تحصيل الربح.

ومرة أخرى تستعمل ويقصد منها مؤونة معاش نفسه وعياله.

وقد وقعا مورداً للبحث عند الفقهاء ولهما تأثير في الفقه، ولاشك في أن الكلام هنا في مؤونة التحصيل، والمقصود منها أيضاً مؤونة تحصيل الربح.

وهذا ظاهر ما ورد في النصوص والروايات والمتيقن من مدلولها، فلذلك يمكن القول بدلالة النصوص على استثناء مؤونة التحصيل من الربح قبل التخميس؛ لأن القدر المتيقن من مفهوم هذه المفردة عبارة عن مؤونة التحصيل وأما مؤونة معاش نفسه وعياله تحتاج الى إحرازه في المفهوم وهو ما يصرح به في النصوص والروايات.

يضاف إلى ذلك ومع قطع النظر عن النصوص أن استثناء مؤونة التحصيل عن الربح هو مقتضى القاعدة ، لأنّه قبل إخراج ما صرفه في تحصيل الربح کأجرة الآلات وأجرة النقل وأجرة الدلال والمحل ونحو ذلك، نشک لو لم نتيقن في صدق عنوان الربح عليه، لأنه لم يعد إليه الفائدة أصلاً.

و بالتالي لا فرق في ذلك بين طول مدّة التحصيل وقصرها، ولا فرق بين صرف عين المال أو صرف منافعه في تحصيل الربح بسبب الايجار وغيره.

وأما النصوص فيمكن القول بدلالة بعض الروايات مثل ما رواه أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يَزِيدَ قَالَ: كَتَبْتُ: جُعِلْتُ لَكَ الْفِدَاءَ! تُعَلِّمُنِي مَا الْفَائِدَةُ وَ مَا حَدُّهَا؟ رَأْيَكَ أَبْقَاكَ اللَّهُ َنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِبَيَانِ ذَلِكَ لِكَيْ لَا أَكُونَ مُقِيماً عَلَى حَرَامٍ لَا صَلَاةَ لِي وَ لَا صَوْمَ؟ فَكَتَبَ(ع): الْفَائِدَةُ مِمَّا يُفِيدُ إِلَيْكَ فِي تِجَارَةٍ مِنْ رِبْحِهَا وَ حَرْثٌ بَعْدَ الْغَرَامِ أَوْ جَائِزَةٌ. [3]

وقد ذكرنا سابقا أن المشكلة في هذا الحديث أنه لم يذكر فيه بأنه إلى من كتب يزيد ؟ إلى أي معصوم من المعصومين (ع)، وإنما صرح بأنه كتب فقط ولم يعين مخاطب الكتاب.

وبالنسبة إلى استثناء مؤونة التحصيل فهو واضح الدلالة، لأنّ معنى قوله: (بعد الغرام) استثناء ما تحمّل الشخص من الغرامة وما ذهب من كيسه من المخارج في سبيل تحصيل الربح.

علي أي حال لا مجال للشک في استثناء مؤونة التحصيل قبل إخراج الخمس ولا كلام في أصل استثناء مؤونة السنة


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo