< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/06/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: کلام السيد الخوئي في توجيه تفصيل السيد اليزدي:

ذكرنا إشكال بعض الفقهاء كالشيخ مكارم الشيرازي على تفصيل السيد اليزدي في تعلق الخمس بالزيادة التي تحصل بسبب ارتفاع القيمة السوقية قبل البيع وبعد البيع، وقلنا هذا الإشكال لا يمكن الذبّ عنه.

و أما السيد الخوئي وإن كان موافقاً في رأيه للسيد اليزدي، لكنه في مقام الدفاع عن تفصيل السيد، قام بشرح جامع لكلامه وذكر الموارد والأمثلة وذكر ضمن كلامه توجيهاً له، ولكنه بعيد كل البعد عن ساحة السيد.

وإليكم تلخيص ما ذكره السيد في موسوعته مع الحفاظ على نص عبارته، يقول:

(إنّما الكلام في الزيادة الحكميّة الناشئة عن ارتفاع القيمة السوقيّة التي تتّفق في جميع الأجناس ولا سيّما الأراضي مع بقاء العين على حالها كمّاً وكيفاً، فهل يجب الخمس في هذه الزيادة، أو لا يجب، أو أنّ فيه تفصيلاً؟ فنقول: ...وإنّما الكلام فيما إذا لم تكن العين متعلّقة للخمس من الأوّل كما في الإرث، أو كانت ولكن أدّى خمسها فأصبح المال بتمامه ملكاً طلقاً له، وقد زادت القيمة عندئذٍ.

و هذا قد يفرض في المال الذي ملكه من غير معاوضة كالمنتقل إليه بالإرث أو الإحياء ...أو الاستيلاء على مال مباح لا ربّ له من البرّ أو البحر أو هبة مصروفة في المئونة، كما لو بذل له أحد داراً للسكنى، أو قلنا: إنّ الهبة لا خمس فيها، ونحو ذلك ممّا تملّكه بلا عوض ومن غير أن يقع بإزائه مال، بل انتقل بما له من الخصوصيّة.

و أُخرى: يفرض فيما تملّكه بسبب المعاوضة من شراء ونحوه، بحيث يكون المقصود التحفّظ على الماليّة والتبدّل في الخصوصيّة كما هو الشأن في عامّة المعاوضات.

أمّا في الأوّل: فلا ينبغي التأمّل في أنّ زيادة القيمة لا تعدّ فائدة حتى ولو باع العين بأغلى الثمن، إذ لا يصدق عرفاً أنّه استفاد شيئاً، بل غايته أنّه بدّل عيناً مكان عين اُخرى لا أنّه ربح وغنم، إذ لم يشتر شيئاً حتى يربح أو يخسر، ....

والارتفاع أمر اعتباري ينتزع من كثرة الباذل، فكان مالكاً للبستان مثلاً والآن كما كان يملكه على ما هو عليه، زادت قيمته أم نقصت.

...و يلحق به ما هو شبه المعاوضة كالمهر الذي هو بإزاء الزوجيّة، فلو أمهرها داراً أو عقاراً أو بستاناً فترقّت قيمتها لم يجب خمسها، سواء باعها أم لا، لعين ما عرفت.

و لا يبعد أنّ عبارة الماتن أعني قوله: نعم، لو باعها لم يبعد، إلخ منصرفة عن هذا الفرض وناظرة إلى الفرض الآتي، أعني: ما كان الانتقال بسبب المعاوضة من شراءٍ ونحوه، بقرينة قوله(قدس سره) بعد ذلك: كما إذا كان المقصود من شرائها، إلخ.

وكيفما كان، فلا ينبغي التأمّل في عدم وجوب الخمس في الزيادة في هذه الصورة، لعدم صدق الفائدة، من غير فرق بين صورتي البيع وعدمه حسبما عرفت.

و أمّا في الفرض الثاني أعني: ما لو استند التملّك إلى المعاوضة من شراء ونحوه فقد يكون المقصود منها الاتّجار بالتحفّظ على الماليّة وازديادها من غير نظر إلى خصوصيّة المال كما هو الحال في أغلب التجار.

و أُخرى: يكون الغرض منها الانتفاع من نفس العين كسكنى الدار أو ركوب السيّارة، أو من أُجرتها كما لو أعدهما للإيجار، أو من نمائها أو نتاجها كما لو اشترى غنماً أو بقراً لينتفع من أصوافها أو ألبانها أو ما يتولّد منها ولو ببيعٍ ونحوه مع التحفّظ على أصل العين كما هو المفروض.

أمّا في القسم الثاني: فلا ينبغي التأمّل في أنّه ما لم يبع العين لا يصدق الربح، فلا يستوجب ترقّي القيمة صدق عنوان الفائدة لتخمس. نعم، يتحقّق الصدق بعد البيع، إذ كان قد اشترى البقرة بخمسين مثلاً وباعها بمائة، فتكون الخمسون الزائدة ربحاً وفائدةً عرفاً، فيصحّ أن يقال: إنّه ربح في هذه المعاملة كذا مقداراً.

فيفصّل في هذا القسم بين البيع وعدمه، فلا يجب الخمس في الثاني، لانتفاء الفائدة، ويجب في الأوّل، لحصول الزيادة على ما اشترى، وهو معنى الربح عرفاً، فإنّه إنّما يقاس بالإضافة إلى رأس المال، فكان مائة فصار ألفاً مثلاً فقد ربح تسعما....[1]

ونقول:

إن هذا التوجيه الذي ذكره السيد الخوئي ضمن كلامه الطويل هو مما لايرضى به صاحبه، أي خلاف ما قاله السيد اليزدي.

لأنه أولا: لا شاهد من كلام السيد قدس سره يدل على هذا التوجيه.

و ثانيا: إن ظاهرعبارته خلاف ذلك، حيث إنّه ره ذکر الشراء وعَطَف على الإبقاء بسبب حرف‌ (أو) في قوله: (كما إذا كان المقصود من شرائها أو إبقائها في ملكه) وهذا لا يدل على ما ذکر من التوجيه ، بل هذا العطف ظاهر في انتقال العين بالأعمّ من‌ الشراء، كما لو ملكها بالإحياء أو الحيازة أو الإرث ونحو ذلك من أسباب الملك فأبقاها، إمّا لغرض الاتّجار والتكسّب بها أو للانتفاع بها.

فإذن لا شاهد ولا قرينة على اختصاص تفصيل السيد بفرض خاص وهو فرض الانتقال بسبب الشراء، فما قاله السيد عام والإشكال يرد عليه.

توجيه آخر لتفصيل السيد:

وأما بعض المعاصرين فقد اهتم بتوجيه آخر لتفصيل السيد في اشتراط البيع لصدق الفائدة والربح وهو:

وقد وجّه هذا التفصيل بأنّه لو سلمنا صدق عنوان الفائدة والربح قبل البيع ولکنه لا يصل شيء من الربح إلى يد الشخص قبل يبع العين المشتراة، وإنما تكون تلك العين بنفسها باقية في يده من دون تغيير وكما كانت[2] .

و بالتالي إن المالية الزائدة التي نتحدث عن تعلق الخمس بها، لم تعد إلى شخصه ولا تصل إلى يده بالفعل وفي الخارج الواقع.

ومن الواضح أنه بمجرّد ارتفاع القيمة السوقية لا يصدق الربح قبل يبعها وقبل وصول المالية الزائدة إلى يده في الخارج بصورة المال.

فما هو مهم للزوم القول بالتفصيل واشتراط البيع بعنوان البحث العلمي أن ارتفاع القيمة السوقية في الحقيقة تشكل الزيادة الحكمية، وتعلق الخمس يحتاج الى تحقق الزيادة العينية والخارجية، ومن الواضح أن تحقق المالية الزائدة يحتاج إلى الزيادة العينية، ولاريب في أن العامل الأساس والمؤثر في مرحلة الانتقال هو البيع.

وبعبارة أخرى إن صدق الربح على هذه المالية الزائدة التي نشأت من ارتفاع القيمة السوقية معلّق على بيع العين والمعلق هنا يصير منجّزاً بالبيع.

فنقول:

هذا أيضا خلاف ما يفهمه العرف، وبخاصة عند التجار كما شرحه الشيخ مكارم الشيرازي، لأن الملاكات العرفية تدل - بضمِّ القواعد الاقتصادية لها- على صدق عنوان الفائدة والربح قبل البيع وكذلك على تحقق المالية الزائدة، والعرف يحكم بحصول المالية الزائدة في فرض إمكان البيع كما اذا كان المشتري موجوداً ومستعداً للشراء بالزيادة الحاصلة بسبب ارتفاع القيمة السوقية.

ولانحتاج في صدق عنوان الفائدة إلى المباحث العميقة في التعلق والتنجيز.

فلذلك الحق معه السيد الامام وتفصيل السيد اليزدي لا يمكن المساعدة عليه، والتوجيهات المذكورة غير وجيهة في المقام.


[2] دليل تحرير الوسيلة، الخمس، للمازندراني، ج1، ص173.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo