< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: إشكال تأخر الموضوع عن الحكم في تعلق الخمس فيما ملك بالخمس:

قلنا سابقا أنه يظهر من عبارة السيد الامام (ره) أنه يقول بملكية الخمس والزكاة للسادة وأربابها، وعلى هذا المبنى فهو يقول بعدم تعلق الخمس فيما مُلِك بالخمس، فهو من باب رد الدين إلى صاحبه، فلا يصدق الفائدة بشرط التكسب على ما نحن فيه.

وقد يوجه قول السيد الامام (قدس سره) في عدم تعلق الخمس بما نحن فيه بسبب الإشكال المعروف الذي يطرح نفسه على ملكية الخمس والزكاة، وعلى إطلاق الفائدة على المال الذي ملك بالخمس، ومضمون الإشكال أن القول بملكيتهما يستلزم تأخُّر الموضوع عن الحكم، وهو واضح البطلان في علم الأصول، لأنه من المسلَّم القطعي تقدم الموضوع على الحكم.

وتوضيح ذلك: أن إثبات ملكية الخمس للسادة ولأربابه إنما يكون بسبب أدلة تشريع الخمس وليس بسبب آخر، و بناء على ذلك يستلزم أن الخمس- وهو الحكم- لا بد من أن يوجد موضوعاً لنفسه، وهذا القول يؤدي إلى القول بتأخّر الموضوع عن الحكم وتأسيس الموضوع من جانب الحكم، وهو أيضاً في الحقيقة تأخّر ما هو متقدم.

بعبارة أخرى: إنّ الحكم لا يثبت موضوعه فإنّ الحكم فرع ثبوت موضوعه، بل هو من قبيل المعلول له والمعلول لا يسبق علّته، فهو من قبيل قولنا كلّ خبرٍ كاذب فإنّه لا يشمل نفسه، فكذلك فيما نحن فيه فإنّ دليل الخمس لا يوجد موضوعه.

وبما أن هذا المال الذي دفع بعنوان الخمس إلى أربابه قد وجد بعد العمل بدليل الخمس فرتبته متأخرة عن رتبة الحكم فلا يصلح أن يكون موضوعاً جديداً لدليل الخمس.

مضافا الى أن هذا الإشكال هو الإشكال الذي يطرح نفسه في باب حجية الخبر مع الواسطة.

وقد تعرض له الكثير من الفقهاء منهم السيد الخوئي (ره) وقد دفعه بقوله:

(نعم، إنّ هاهنا إشكالاً معروفاً تعرّضوا له في بحث حجّيّة الخبر الواحد، وهو أنّ دليل الحجّيّة لا يشمل الأخبار مع الواسطة، نظراً إلى لزوم تحقّق الخبر وفرض وجوده قبل تعلّق الحكم عليه بالحجّيّة، ضرورة سبق الموضوع على الحكم، مع أنّ خبر الواسطة كالمفيد إنّما يتحقّق لدينا بعد الحكم بحجّيّة خبر العادل لكي نتعبّد بصدق من يخبرنا عنه بلا واسطة كالشيخ، فخبر المفيد يتوقّف ثبوته على حجّيّة الخبر، مع أنّ الحجّيّة متوقّفة على فرض وجوده كما عرفت. فعلى ضوء هذا الإشكال يستشكل في المقام أيضاً بأنّ ملكيّة السادة للخمس إنّما كانت بأدلّة الخمس، فهذه الفائدة مترتّبة على تشريع الخمس فلا تكون موضوعاً للخمس.

و الجواب عنه في الموردين بكلمة واحدة، وهي أنّ القضيّة انحلاليّة، وكلّ فرد من الحكم يولّد موضوعاً يتعلّق به حكم آخر، نظير قيام البيّنة على قيام البيّنة، حيث تثبت بالبيّنة الاُولى بيّنة اُخرى تثبت لها الحجّيّة، فالحكم الثابت‌ للفرد الأوّل يشكّل الحكم الثابت للفرد الآخر وإن أُنشئ الكلّ بإنشاء واحد وعلى سبيل القضيّة الحقيقيّة. فلا مانع إذن من تعلّق الخمس بكلّ ما هو مصداق للفائدة وإن كان تكوّنها معلولاً لتشريع الخمس وإيجابه بعد أن كان الوجوب انحلاليّاً لا حكماً وحدانيّاً. وهكذا الحال في الزكاة). [1]

و أما الاستدلال برواية علي بن الحسين بن عبد ربه فهو أيضا غير صحيح بل دلالتها على ما نحن فيه توهم!

لأنه كما قلنا سابقا في بحث خمس الهدية أن مورد الرواية هدية صاحب الخمس وهو واضح وأما جريانها في غير موردها فيحتاج الى دليل وقرينة وهو غير موجود فيما نحن فيه.

مضافا الى أن ههنا توهماً آخر بأن المقصود من صاحب الخمس هو السيد، ولكنه من الواضح أن المقصود منه هنا هو الامام (ع) بما أن له الولاية على الخمس.

وقد أشكل البعض على الرواية بضعف سندها من أجل سهل بن زياد ولكن سهل عندنا ليس ضعيفاً كما بيّنا سابقا في كتاب النكاح بالتفصيل فمن يريده فليراجع.

وبالنتيجة كما قلنا أن الدليل المهم الأساس في عدم تعلق الخمس بما ملك بالخمس هو عدم صدق الملاك والفائدة بشرط كونها تكسباً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo