< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/05/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تتمة كلام السيد الإمام حول إطلاق الأجر على المهر:

قد ذكرنا كلام السيد الإمام وتوجيهه حول النصوص التي تعبر عن النساء بأنهن مستأجرات، كخبر زرارة، وخبر محمد بن مسلم وقد تقدم الكلام حولهما وحول ما قاله الشيخ الأعظم حينما حمل الروايات وحمل مفردة (إجارة) على المفهوم الحقيقي للإيجار، وأن السيد الإمام قال بأن استخدام مستأجرات في النصوص في خصوص النكاح ليس استخداماً حقيقياً، بل مجازي بلا ريب ولا شبهة، ونظير ذلك ما ورد في النصوص بتشبيه النكاح المؤقت بالإماء فهو أيضا مجاز.

إلى هنا قد نقلنا كلام السيد الإمام، وبقي بيان توجيهه أي وجه إطلاق مفردة الأجر في الآية على المهر.

والمقصود منها الآية ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ....﴾ [1]

وهذه الآية من الآيات التي يستدل بها الإمامية على تشريع عقد المتعة، كما صّرح بذلك الشيخ الطبرسي في مجمع البيان حيث قال:

إنّ لفظ الاستمتاع والتمتع وإن كان في الأصل واقعاً على الانتفاع والالتذاذ، فقد صار بعرف الشرع مخصوصاً بهذا العقد المعيّن، لا سيما إذا أضيف إلى النساء، فعلى هذا يكون معناه: (متى عقدتم عليهن هذا العقد المسمى متعة فآتوهن أجورهن) ويدلّ على ذلك أنّ اللّه علّق وجوب إعطاء المهر بالاستمتاع وذلك يقتضي أن يكون معناه هذا العقد المخصوص، لا الجماع والاستلذاذ، لأنّ المهر لا يجب إلاّ بالعقد. [2]

ومن هنا نبدأ بذكر تتمة كلامه (ره) فيقول السيد الإمام:

وتوهم دلالة الآية الكريمة على ذلك وهي قوله تعالى﴿: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً"﴾ حيث استدل الأئمة (ع) بها على تشريع المتعة، فتدل على أنه استمتاع بالأجر، وهو عين الإجارة - في غاية السقوط، لأن استدلالهم (ع) إنما هو بقوله: " استمتعتم " أي نكحتم متعة، كما في غير واحد من الروايات "استمتعتم إلى أجل مسمى " فالاستدلال بهذه الكلمة لا بكلمة " أجورهن " واستعمال الأجر في المهر توسع بالضرورة، لمشابهته له في بعض الأمور، وقد ورد بلفظ الأجر في نساء النبي (ص)، وهو قوله تعالى﴿: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [3]

والمراد بأجورهن مهورهن، كما هو واضح، وقد ذكر المهر بلفظ "أجورهن" في بعض الآيات الأخر ولم يستدل الأئمة (ع) بها، فراجعها. فما في قول أمير المؤمنين (ع) )معاذ الله أن يجعل لها أجراً( مراده الأجر بمعناه المعهود في إجارة البيت والطاحونة، وإلا فالأجر بمعناه المجازي لا إشكال فيه. [4]

فظهر مما قاله السيد الإمام (ره) في توجيه بعض النصوص أن تعبير المستأجرات بشأن النساء ليس تعبيراً حقيقياً، بل التعبير كنائي وفي مقام التشبيه، ولا منافاة بين وجوب الخمس في الإجارة وعدم وجوبه في المهر وعوض الخلع، وهذا المقدار من التوجيه يكفينا في مقام الإجابة عن الشبهات، ولا نحتاج إلى ذِكر بعض ما قيل من قِبل سائر الفقهاء في ما نحن فيه من زوال مال الإجارة وثبات الزوجية، وأمثال هذه الكلمات كما في بيان السيد الحكيم والسيد الخوئي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

فالعمدة في الدليل على عدم وجوب الخمس في المهر وعوض الخلع هو عدم وجود ملاك تعلق الخمس في مطلق الفوائد، وهو صدق عنوان الفائدة، وهو غير موجود هنا، بالبيان الذي قدمناه.

مضافاً إلى أنه يمكن القول بوجود سيرة المتشرعة المتصلة بزمن المعصومين (ع) في عدم الالتزام بأداء الخمس في المهر وعوض الخلع، وهذه السيرة على فرض وجودها وإثباتها أيضاً تدل عدم تعلق الخمس بهما، ويؤيده أنه لم يفت بوجوبه أحد حسب الظاهر.

فلذلك يكون مقتضى التحقيق عدم ثبوت الخمس في المهر وعوض الخلع، والحق مع السيد الإمام، وحسن الاحتياط ممّا لا ينبغي أن ينكر في مثل هذا المورد وسائر الموارد.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo