< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تتمة خمس المهر وعوض الخلع:

قدمنا البحث حول دليل السيد الإمام والمشهور في عدم وجوب الخمس في المهر وعوض الخلع؛ وذلك لعدم صدق عنوان الفائدة والغنيمة عليهما، وهذا هو الدليل الأساس في ذلك، و ذكر إشكالاً وجواباً في الفرق بين الإجارة والمهر وشرحنا الموضوع وقلنا بعدم صحة الإشكال؛ لأن الفارق الأساس بين الإجارة والمهر هو النصوص فالنصوص تدل على وجوب الخمس في الإجارة ولا يوجد نص يدل على وجوب خمس المهر.

إلا أن هناك إشكالاً وجواباً آخر ينبثق من الإشكال السابق الذي قدمناه آنفا، لأن النصوص التي تعتبر فارقا بينهما تدل أيضا على أن المهر هو من قبيل الأجرة أيضاً ، ووردت بشأن النساء و صرح بأنهن مستأجرات. مثل هذا الحديث:

محمد بن يعقوب عن الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ ، عَنْ أَبِيهِ : عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه ‌السلام ، قَالَ : ذَكَرْتُ لَهُ الْمُتْعَةَ ، أَهِيَ مِنَ الْأَرْبَعِ؟ فَقَالَ(ع): تَزَوَّجْ مِنْهُنَّ أَلْفاً؛ فَإِنَّهُنَّ مُسْتَأْجَرَاتٌ. [1]

و مثل هذه الرواية أيضا

وَ عَنْهُ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّائِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (ع) لِمَ لَا تُوَرَّثُ الْمَرْأَةُ عَمَّنْ يَتَمَتَّعُ بِهَا قَالَ لِأَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ وَعِدَّتُهَا خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْماً.[2]

وكذلك ورد في الآية المباركة: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة.

فهذا هو الإشكال الذي طرح في المقام ولكننا نقول:

أولا: إن هذه النصوص واردة في عقد المتعة لا الدائم، وإنما الكلام هنا في مطلق العقد.

وثانياً: لاشك في أنّ المقصود من (أجورهن) في الآية المباركة ومن (المستأجرة) في النصوص ليس هو أجرة باب الإجارة، لوضوح انصراف مهر النكاح والزواج عنها عرفاً، ولكون المهر هدية وعطية من اللَّه بحكمه تعالى للزوجة، كما قال تعالى: ﴿وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾.[3] أي هدية وعطية.

فعلى هذا لا بد من التصرف في مفهوم الأجر الذي ورد في القرآن والروايات ولا بد من حمله على غير مفهومه الحقيقي.

فهنا لا بد من توجيه في مثل هذه النصوص في مقام الإجابة عن الإشكال لاسيما في البعد الاجتماعي فضلا عن البعد الفقهي.

بيان السيد الإمام في توجيه هذه النصوص:

إن للسيد الإمام الخميني كلاماً و بياناً في توجيه مثل هذه الروايات التي تعبّر عن النساء بأنهن مستأجرات، فلذلك ينبغي الالتفات إليه في هذا المجال خصوصاً لدفع الشبهة التي تطرح بشأن الإسلام وتعبيره عن النساء.

يقول السيد الإمام في كتاب البيع في بيع الإماء وموضوع أرش قيمتها إذا وجد مشتريها فيها عيبا بعد أن وطأها، فهل يستحق الرجل أجرة، أو تستحق المرأة أجرة ؟

مثل هذه الرواية

عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع‌ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْجَارِيَةَ فَيَقَعُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَجِدُ بِهَا عَيْباً بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ(ع): لَا يَرُدُّهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَ لَكِنْ يُقَوَّمُ مَا بَيْنَ الْعَيْبِ وَالصِّحَّةِ فَيُرَدُّ عَلَى الْمُبْتَاعِ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَ لَهَا أَجْراً.[4]

قوله عليه السلام: معاذ الله أن يجعل لها أجرا كأنهم كانوا يقولون ببطلان البيع من الرأس، فيلزم أن يكون وطؤه في هذه المدة بالأجرة بدون عقد وملك.أي معاذ الله أن يجعل لها أجرا يكون بإزاء الوطء حتى لا يأخذ منه الأرش، بل الوطء مباح له والأرش لازم.يشير السيد الإمام الى هذه النصوص ويهتم بتوجيهها ويقول:ولا ينقضي تعجبي من الشيخ الأعظم (قده) وغيره، حيث اغتروا بظاهر بعض الروايات التي ورد فيها (إنهن مستأجرات)، فحملوها على الحقيقة، فأتعبوا نفوسهم الكريمة في توجيه قوله عليه السلام: (معاذ الله أن يجعل لها أجرا). والحق الذي لا ينبغي الريب فيه هو ان المتعة نكاح وزواج حقيقي لا فرق بينه وبين النكاح الدائم إلا في بعض الخصوصيات والأحكام، ومن الواضح أن ماهية النكاح تباين ماهية الإجارة عقلا وعرفا، والمهر فيها كالمهر في الدائم ينافي الأجرة عرفا وعقلا، ولهذا لا يقع النكاح مطلقا بلفظ الإجارة ولا الإجارة بلفظ النكاح، فالجمع بين كونه زواجاً ونكاحاً يترتب عليه آثاره مثل عدم جواز متعة أختها أو أمها أو بنتها وكونه إجارة كإجارة بيت وطاحونة مما لا يعقل، فإما أن نحمل ما دل على أنه زواج ونكاح وزوجة من النصوص الكثيرة الموافقة للعرف وارتكاز أهل الحق على غير معانيها، أو أن نحمل مثل قوله عليه السلام: " إنهن مستأجرات " على التشبيه والمجاز، والمتعين هو الثاني، بل الشواهد الكثيرة عليه نذكر بعضها.

ففي بعض الروايات عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ذكرت له المتعة أهي من الأربع؟ فقال: تزوج منهن ألفا، فإنهن مستأجرات " فهل يخطر ببال أحد من قوله عليه السلام: " تزوج منهن " أنه ليس زواجاً بل استئجار؟!، ويظهر منه بأعلى ظهور أنه تزويج بمنزلة الاستئجار في بعض الخصوصيات، لكونه ذا أمد وانقطاعها بمضيّه، وعدم كونه محدودا بالكثرة والقلة، فيصح تزويج ألف منهن، كما يصح إجارة ألف بيت، كما يعلم منه بوضوح أن كون المتعة تزويجاً لا إجارة مفروض ومسلم بين السائل والمجيب وإنما السؤال عن كونها من الأربع، فقوله عليه السلام: " إنهن مستأجرات " مجاز بلا ريب وشبهة. كما تشهد به رواية أخرى قال عليه السلام فيها: " هن بمنزلة الإماء " والتنزيل إنما هو من جهة جواز التزويج أكثر من أربع، كما هو المقصود من مثل الرواية الأولى، ويشهد لذلك بوضوح صيرورة المتعة دائمة مع عدم ذكر المدة كما في النص والفتوى. [5]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo