< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خمس الميراث:

قلنا أن في هذه المسألة ثلاثة أقوال: القول بالوجوب مطلقا، والقول بعدم الوجوب مطلقا، والقول بالتفصيل بين المحتسب وغيره.

أما الأول والثاني فقد ذكرناهما من قبل وبقي الثالث وهو التفصيل.

السيد الامام الخميني لم يفصل ولم يفرق بين الهدية والميراث، كما لم يفرق بين الميراث المحتسب وغير المحتسب، فلذلك قال فيهما بعدم وجوب الخمس بل قال باستحبابه احتياطاً.

وأما السيد اليزدي في العروة الوثقى فقد ذكر تفصيلا بين الميراث المحتسب وغير المحتسب. أما في الأول فقد قال فيه بعدم الوجوب، وأما في الثاني فقال بوجوب الخمس فيه كالهدية.

يقول السيد:(ما يفضل عن مؤونة سنته ومؤونة عياله من أرباح التجارات و من سائر التكسّبات... بل الأحوط ثبوته في مطلق الفائدة وإن لم تحصل بالاكتساب كالهبة والهديّة والجائزة والمال الموصى به ونحوها، بل لا يخلو عن قوّة، نعم لا خمس في الميراث إلّا في الّذي ملكه من حيث لا يحتسب فلا يترك الاحتياط فيه كما إذا كان له رحم بعيد في بلد آخر لم يكن عالماً به فمات وكان هو الوارث له)[1] .

تحليل لكلام السيد اليزدي:

فبالتامل في ما قاله السيد اليزدي يظهر أن له في الميراث تفصيلين وليس تفصيلاً واحداً، لأنه أولا قد فصّل بين الهبة والميراث، ولم يقل باتحاد الحكم فيهما، فقال بالوجوب في الهبة وعدم الوجوب في الميراث، ثم فصّل تفصيلا جديداً في الميراث بين المحستب وغير المحتسب، أما السيد الامام فلم يذكر تفصيلاً ولم يقل به، لا بين الهبة والميراث ولا في الميراث؛ لأن الأقوى عنده عدم تعلق الخمس فيهما وأما الاحتياط فحسن في الجانبين. فهذه هي حقيقة قول السيد بالتفصيل.

و أما دليل هذا التفصيل الذي ذكره السيد فهو صحيحة علي بن مهزيار الطويلة التي تفسر الغنيمة، لأن الامام الجواد (ع) قال فيها:

والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الانسان للانسان التي لها خطر والميراث الذي لا يُحتسب من غير أب ولا ابن.

هذه الرواية الصحيحة قد فرق في الحكم بين الجائزة و الهبة الخطيرة وغيرها و بين الميراث الذي يحتسب والذي لا يحتسب.

هذه الرواية صحيحة وواضحة الدلالة الا أن الفقهاء أعرضوا عنها.

أما في بيان مصداق ميراث ما لا يحتسب فإن السيد اليزدي ذكر ثلاثة شروط للإرث الذي يجب الخمس فيه وهي:

أولا: ان يكون من رحم بعيد.

ثانيا: أن يكون في بلد آخر.

ثالثا: بشرط أن لا يعلم به.

وأما هذه الشروط الثلاثة فهل هي صحيحة ولازمة ومقبولة عند الفقهاء أو لا؟

بعض الفقهاء الذين لهم تعليقات على العروة الوثقى قد أشكل على ضرورة هذه الشروط لبيان المثال، لأنه يمكن تحقيق المورد بدون هذه الشروط.

ومنهم السيد ضياء العراقي الذي يقول في تعليقته على الشرط الثالث (بشرط أن لا يعلم): لا يحتاج إلى هذا القيد كما لا يخفى على من تدبّر[2] ق.

فنقول: الظاهر أن الحق معه، لأنه يمكن أن يعرفه الانسان بين أقربائه ولكنه لايظن ولا يخطر بباله أنه سيرثه مثل ما لو توفوا جميع الورثة في الطبقة الأولى في حادثة وبقي هو وارثه. يعني من قبل الحادثة لم يكن يخطر بباله أن سيرثه ولكنه بعد الحادثة ورثه وكان من قبل يعلم بوجوه.

والسيد الخوئي ره أيضاً علق على ضرورة وجود شرطين آخرين وهما أن يكون من رحم بعيد وفي بلد آخر وقال:

وقد يتحقّق عدم الاحتساب في الرحم القريب في البلد مع العلم به أيضاً في بعض الفروض[3] .

و نحن أيضا نقول: الحق مع السيد الخوئي وهذان شرطان أيضا غير ضروريين في تحقق إرث ما لايحتسب.

وأما المحقق الداماد في بحثه حول تعلق الخمس بالفوائد القصدية سواء كونها تكسباً مثل التجارة أو غير تكسب مثل الهبة والجائزة فيقول دفعاً للشبهة وهي وجود سيرة المتشرعة من زمن المعصومين (ه) في عدم دفع الخمس في مورد الهبة والجايزة: بأن لو كانوا يدفعون الخمس لكان دفع الخمس من ضروريات الدين والمذهب ولا بد من وصوله إلينا لكنه لم يصل.

أما في مورد خمس الميراث فيقول :

أمّا الميراث: فيمكن ادّعاء السيرة عليه وعدم قيام المتعبّدين بالسنّة به وإلّا لنقل جزما بعد ان كان عامّ البلوى، وأمّا التفصيل بين المحتسب وعدمه فغير مسموع، لعدم العمل، فيمكن القول بإعراض الأصحاب عن الرواية من هذا الحيث[4] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo