< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تحليل السيد البروجردي في ما يستفاد من جميع النصوص:

حديث أخلاقي يقول الامام المجتبی(ع):

هَلَاكُ‌ النَّاسِ فِي‌ ثَلَاثٍ‌ الْكِبْرِ وَ الْحِرْصِ وَ الْحَسَدِ فَالْكِبْرُ هَلَاكُ الدِّينِ وَ بِهِ لُعِنَ إِبْلِيسُ وَ الْحِرْصُ عَدُوُّ النَّفْسِ وَ بِهِ أُخْرِجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْحَسَدُ رَائِدُ السُّوءِ وَ مِنْهُ قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ.[1]

تحليل السيد البروجردي في ما يستفاد من جميع النصوص:

ان السيد البروجردي بعد ذكر هذه الروايات والنصوص بدأ بتحليل كلي للنصوص وقال:
والحاصل: إنك إذا تأملت فيما قدمناه من أنّ الأموال الواصلة إلينا:

قد تكون بإزاء بذل عين كالبيع أو منفعة كالإجارة وهكذا وإن هذه هي الاكتساب حقيقة؛

وقد تكون بإزاء إيجاد هيئة في العين تكون مرغوبة لدى الناس وهي الصناعة؛

و قد تكون بإزاء ازدياد وإنتاج وهي الزراعة.

و تارة لا بإزاء شي‌ء بل مجانا وبلا عوض كالعطايا وأنواع الصدقات مع توقفها على القبول؛

وأخرى كذلك مع عدم توقفها على القبول كالمواريث.

ثم إذا تدبرت في الروايات المتقدمة وغيرها علمت عدم صلاحيتها للشمول لما لا يكون بإزاء بذل شي‌ء من الإنسان سواء توقف انتقاله على القبول كالهبة والصدقة أم لا كالمواريث وما يحذو حذوهما وذلك لأن التعبير بالإفادة يوما بيوم كما في بعضها وبالاكتساب كما في بعضها الآخر وبالاستفادة كما في طائفة منها وبعنوان التجارة والصناعة والضياع كما في جملة منها منصرف إلى خصوص موارد الاكتساب بالتجارة بأقسامها وبالصناعة والزراعة[2] .

مقتضى التحقيق والقول المختار

بعد أن قدمنا بحثا مطوّلا في تعيين متعلق الخمس وذكرنا كلمات اللغويين وأقوال المفسرين وعبارات الفقهاء وجدنا أن المشهور منهم قد وسعوا في معنى الفائدة والتكسب من المال الذي يكسبه في مقابل عمل ومن دون عمل وتحمل التعب، لأنهم ذكروا مطلق الفائدة من دون التقييد بمقابل العمل وعدمه، وهذا واضح من مراجعة الكلمات التي ذكرناها طيلة البحث.

وأما في مقام التطبيق على المصاديق وبيان الحكم فقد ذكروا كثيراً من المصاديق المتنوعة وبينوا حكم وجوب الخمس فيها كربح التجارة والزراعة وغيرهما ولكنهم لم يذكروا الهبة والميراث ولم يبينوا تعلق الخمس فيهم ولا عدم تعلقهم، إلا القليل من الفقهاء، أي إن عبارات مشهور الفقهاء مطلقة من دون تصريح بالهبة والميراث وحتى القدماء منهم.

وأما في مقام الفتوى فكذلك، أي إن المشهور الغالب لم يقولوا بوجوب الخمس في الهبة .

وأما الروايات فأكثرها مطلقة، ومن دون تصريح بالهبة والميراث إلا البعض القليل، وفيها روايات ضعاف وفيها موثق ، وأما البعض الذي صرح بموضوع الهبة كرواية أبي بصير ورواية علي بن حسين بن عبد ربه، فإن الفقهاء أعرضوا عنها ولم يعملوا بها وبخاصة بعد أن وقعت محل إعراض القدماء مع اطلاعهم على وجود هذه الرواية.

إن قيل: كما قلتم إن المشهور لم يتعرضوا لخمس الهبة وعدم التعرض لا يدل على مخالفتهم للقول بوجوب الخمس في الهبة؟

ومضافا الى أنهم لم يعرضوا عن روايات خمس الهبة، بل لم يتعرضوا لها، ويمكن أن يعود ذلك إلى عدم اطلاعهم على هذه الروايات.

فنقول: نعم أكثرهم لم يتعرضوا لهذا المصداق ولم يتعرضوا للنصوص المذكورة ولكننا لابد أن نلتفت هل ذلك لعدم الالتفات أو لعدم الاعتقاد بالوجوب؟

لأن الروايات كانت موجودة بمرأى منهم ومعرفة وفي مقابل عيونهم، و صرح به البعض من القدماء كأبي الصلاح الحلبي الذي هو مقدم على الشيخ الطوسي مع عدم تعرض الشيخ لهذه النصوص وعدم تعرضه للهبة، فهذا دليل على إعراضهم لا عدم التفاتهم!

نعم لو لم يصرح به الحلبي لكان يمكن لنا القول بغفلتهم وعدم تعرضهم لها ولكنه بعد تصريح الحلبي لا يمكن التوجيه.

مضافا الى أن هذه المسألة كانت محل ابتلاء كثير من الناس فكيف يمكن القول بأن الفقهاء غفلوا عنها؟ّ

وبناء على ذلك فإن المشهور بل فوق المشهور قد أعرضوا عن النصوص المصرحة فيها للهبة، وأعرضوا عن العمومات الموجودة في سائر النصوص ولم يقولوا بوجوب الخمس في الهبة.

ومقتضى التحقيق أن القول بوجوب الخمس في الهبة غير ثابت بالأدلة، وغير محرز عندنا، لأن تعلق الخمس بالهبة لا بد من إحراز أنها مصداق مما يجب فيه الخمس وفي فرض عدم الإحراز يشمله العدم.

وبناء على ذلك فإن الحق مع السيد الامام والسيد البروجردي والمشهور في عدم تعلق الخمس بالهبة حسب الأدلة.

نعم نحن لم نقبل بتوجيهات السيد البروجردي لا كُلّها و لا جُلّها، وما قبلنا البعض.

وأما في مقام الفتوى والقول المختار رعاية للاحتياط في المقام ورعاية لبعض النصوص التي ورد فيها التصريح نقول: الأحوط تأدية خمس الهبة، خاصة في الهبة الخطيرة والجائزة الخطيرة!


[2] - زبدة المقال في خمس الرسول و الآل، آيت الله البروجردي، ج1، ص81.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo