< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نظرة في النصوص الدالة على تعيين متعلق الخمس في ما يفضل عن مؤونة السنة:

بعد أن نظرنا في آراء الفقهاء وأقوال اللغويين في تعيين مفهوم الفائدة والتكسب، وقدمنا البحث حول عموميتهما وشمولهما للهبة والميراث وعدم شمولهما لهما، واستفدنا من جميع المباحث نقول:

أولا: إن عبارة الفقهاء مختلفة ومتفاوتة، ولايمكن جمعها في موضع واحد.

ثانيا: كثير من الفقهاء لم يتعرضوا لشمولهما لهما، وعدم التعرض لا يدل على الموافقة ولا على المخالفة.

وثالثا: إن الإجماع أيضا غير ثابت لوجود كثير من المخالفين.

فالنتيجة: إن المسألة لم تتضح بعد، وتحتاج إلى البحث أكثر، وإن كان الظاهر من عباراتهم عمومية البحث حسب القاعدة والأصل، ولكن الأحسن في المقام تقديم البحث بمراجعة النصوص الواردة في المقام كي نستخرج ما هو مراد الشارع من استعمال عنوان الفائدة والتكسب في متعلق الخمس.

فمن هنا ندخل في البحث حول النصوص والروايات وإن كنا قد قمنا بالبحث حول الروايات بمناسبة الاستدلال بالكتاب وبالسنة على عمومية تعلق الخمس بغير غنائم دار الحرب والاستدلال على وجوب أصل الخمس فيه، وذكرنا ستة أحاديث وهنا في هذا الموضع من البحث أيضا لابد من الالتفات لما ذكرناه سابقا، وذكر بعض آخر.

كما قلنا إن الروايات والنصوص قد ذكرها الشيخ الحر العاملي في كتاب الخمس الباب الثامن وكذلك ذكر بعضها في أبواب الأنفال الباب 4.

ومن الأحاديث التي ذكرناها هو مرسل عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ كَتَبَ‌ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (ع‌) أَخْبِرْنِي عَنِ الْخُمُسِ أَ عَلَى جَمِيعِ مَا يَسْتَفِيدُ الرَّجُلُ‌ مِنْ‌ قَلِيلٍ‌ وكَثِيرٍ مِنْ جَمِيعِ الضُّرُوبِ وعَلَى الصُّنَّاعِ؟ وكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَكَتَبَ(ع) بِخَطِّهِ: الْخُمُسُ بَعْدَ الْمؤونةِ. [1]

نعم إن السيد البروجردي رجح احتمالا في الحديث وهو أنه سؤال الراوي كان عن خصوص مقدار الخمس وليس عن متعلق الخمس ولكننا قلنا يحتمل الجمع بين الاحتمالين : عن متعلق الخمس ومقداره.

ولكن المهم لم يذكر الهبة والميراث حينما كان الإمام ع يبين مصاديق الفائدة.

و ذكرنا حديث عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ النَّيْسَابُورِيِّ عن الإمام الهادي ع عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ مِنْ ضَيْعَتِهِ مِنَ الْحِنْطَةِ ..... فَوَقَّعَ(ع): لِي مِنْهُ الْخُمُسُ مِمَّا يَفْضُلُ مِنْ مؤونتِهِ.

ففي هذا الحديث كما تتذكرون كان الرواي محل بحث ومناقشة من جهة العنوان ومن جهة الاعتبار ومن جهة نسخة التهذيب والاستبصار وقدمنا البحث فيه وقلنا بأنه لم يرد بشأنه توثيق في كتب الرجال.

وأما دلالة الحديث وإن قلنا في موضع الاستدلال بأن دلالتها تامة، لكننا هنا لم نقل بذلك، لأن بحثنا كان في ذلك الموضع عن تعلق الخمس بغير غنائم دار الحرب، وأما هنا كان بحثنا في شمول الدليل للهبة والميراث فلذلك دلالته أيضا غير تامة.

و ذكرنا حديث سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الْخُمُسِ؟ فَقَالَ(ع): فِي كُلِّ مَا أَفَادَ النَّاسُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ. [2]

و هذا الحديث فكذلك لا يدل على وجوب الخمس في الهبة والميراث، إلا أن نعمم في معنى الفائدة وشمولها حتى للهبة والميراث وهذا محل البحث ونريد أن نستدل بالروايات عليه.

و ذكرنا أيضا حديث أَبي عَلِيِّ بْن رَاشِدٍ وهو كالسابق.

وأما الحديث الخامس الذي ذكرناها هو ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ فِي بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ آيَةَ الْخُمُسِ فَقَالَ(ع): مَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ لِرَسُولِهِ ومَا كَانَ لِرَسُولِهِ فَهُوَ لَنَا ثُمَّ قَالَ واللَّهِ لَقَدْ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَرْزَاقَهُمْ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ جَعَلُوا لِرَبِّهِمْ وَاحِداً وأَكَلُوا أَرْبَعَةً أَحِلَّاءَ. [3]

كما قلنا وإن أشكل البعض في سند الحديث لأجل عمران بن موسى من جهة عدم توثيقه ولكننا ذكرنا بأن النجاشي قد وثقه.[4]

وأما الاستدلال بذيل الحديث فصحيح لأن الإمام (ع) ذكر المؤمنين وتعلق الخمس بأرزاقهم، ومن الواضح شمول مفردة الرزق لجميع أنواع الفوائد، فالكل مرزوقون، فبناء على ذلك دلالته تامة، ولا يرد عليه إشكال. وحتى أنه يشمل الميراث والهبات، لأنه من الواضح صحة إطلاق الرزق على الهبة والميراث ولا يخالفه أحد.

كما صرح بذلك السيد المحقق الداماد في تقريرات بحثه التي قررها آية الله جوادي الآملي قال: الدلالة تامّة لأنّها شاملة لجميع ما يرتزقون، سواء كان حاصلا بالاحتراف، أو بالقصد فقط، أو قهراً نحو الإرث وغيره من النماءات الحاصلة في الملك قهرا[5] .

فبناء على ذلك استفادة العموم من قول الإمام ليس ببعيد لو لم نقل بأنه صريح في ذلك، وإشكال عدم كون الإمام في مقام بيان عمومية متعلق الخمس غير وارد، لأنه ولو لم يكن في المقام لكنه ذكر في ضمن بيانه وهو كاف في مقام الاستدلال.


[5] كتاب الخمس، للمحقق الداماد، ج1، ص213.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo