< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/03/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاستدلال بالأخبار على وجوب الخمس في مطلق ما يفضل عن مؤونة السنة:

يمكن الاستدلال على وجوب الخمس في مطلق ما يفضل عن موونة السنة بطوائف من الروايات التي ذكرها الشيخ الحر العاملي في كتاب الخمس الباب الثامن وكذلك الروايات التي ذكرها في أبواب الأنفال الباب 4.

أما الطائفة الأولى منها فصريحة فيما نحن بصدده، وأما الطائفة الثانية فهي الروايات التي تتحدث حول تحليل خمس الأرباح والفوائد للشيعة، وهذه الطائفة وإن لم تكن في مقام بيان وجوب الخمس، لكنها تستلزم تعلق الخمس بها قطعاً؛ لأنه اذا لم يتعلق الخمس بشيء فكيف يمكن القول بأن الامام (ع) قد أحلّه لشيعته.

ولذلك نذكر هنا شطراً من الطائفة الأولى بغض النظر عن سند الأحاديث، لتظافرها:

الحديث الأول:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ كَتَبَ‌ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (ع‌) أَخْبِرْنِي عَنِ الْخُمُسِ أَعَلَى جَمِيعِ مَا يَسْتَفِيدُ الرَّجُلُ‌ مِنْ‌ قَلِيلٍ‌ وَكَثِيرٍ مِنْ جَمِيعِ الضُّرُوبِ وَ عَلَى الصُّنَّاعِ؟ وَ كَيْفَ ذَلِكَ؟

فَكَتَبَ(ع) بِخَطِّهِ: الْخُمُسُ بَعْدَ المؤونة[1] .

هكذا في الوسائل تبعا للتهذيب ولكن في الاستبصار (الضياع) بدل (الصناع) وهو الصحيح.

نعم هذا الحديث مرسل لاشتماله على "بعض أصحابنا".

وإن للسيد البروجردي قدس سره كلاما في توجيه الاستدلال بهذه الرواية، حيث يقول:

ثم قول السائل أخبرني عن حكم الخمس إلخ يحتمل أن يكون سؤالا عن متعلق الخمس فيكون سكوت الامام (ع) في الجواب عن التعرض له تقريرا له من حيث عمومه فتدل الرواية (ح) على عموم المتعلق بعد إخراج المؤونة ويحتمل ان يكون عن خصوص مقدار التعلق ساكتا عن جهة المتعلق فلا يكون الجواب حينئذ دليلا على عموم المتعلق بل يكون وارداً لبيان أن التعلق إنما هو بعد المؤونة.

وبعد ذكر الاحتمالين رجح السيد البروجردي الثاني، وبناء على ذلك لايمكن القول بدلالتها على العموم، ولكننا نقول: يحتمل الاحتمال الثالث وهو الجمع بين الاحتمالين يعني يحتمل أن يكون السؤال عن الجهتين أي عن المتعلق ومقدار التعلق، ولا منافاة بينهما.

الحديث الثاني:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ(ع) عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ مِنْ ضَيْعَتِهِ مِنَ الْحِنْطَةِ مِائَةَ كُرِّ مَا يُزَكَّى فَأُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ عَشَرَةُ أَكْرَارٍ وَ ذَهَبَ مِنْهُ بِسَبَبِ عِمَارَةِ الضَّيْعَةِ ثَلَاثُونَ كُرّاً وَ بَقِيَ فِي يَدِهِ سِتُّونَ كُرّاً مَا الَّذِي يَجِبُ لَكَ مِنْ ذَلِكَ وَ هَلْ يَجِبُ لِأَصْحَابِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ؟ فَوَقَّعَ(ع): لِي مِنْهُ الْخُمُسُ مِمَّا [2] يَفْضُلُ مِنْ مَؤونَتِهِ.

في هذا الحديث: سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وعَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، وكل واحد من هؤلاء الثلاثة ثقة وأما عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ النَّيْسَابُورِيِّ فهو محل بحث من جهتين: أولا من جهة العنوان لأنه ورد في بعض نسخ التهذيب (محمد بن علي)، وأما في نسخة الاستبصار فهكذا (علي بن محمد)، وكذلك في جامع الرواة للمحقق الأردبيلي الذي نقله عن الاستبصار نفس العنوان (علي بن محمد) ، وبما أن صاحب الوسائل أيضا يذكر في المتن بعنوان (في نسخة: محمد بن علي) و هو لا يصرح بمميزات النسخة، فيحتمل أن مراده هو نسخة التهذيب، لأن محمد بن علي لا يوافق نسخة الاستبصار.

فعلى أي حال علم أن الخلاف موجود بين نسخة التهذيب ونسخة الاستبصار، والمهم هنا أن نعرف أية النسختين أصح؟ في مقام الاجابة أقول: يمكن أن يحصل الظن للانسان بأن نسخة الاستبصار أصح؛ لأن الشيخ قد كتب الاستبصار بعد كتابة التهذيب، مضافا الى أن الشيخ الطوسي رحمه الله بدأ بتأليف كتاب الاستبصار فيما اختلف من الأخبار لأجل تأليف كتاب أكثر اختصارا من التهذيب، وبدراسة عميقة في فقه الحديث، وحل تعارض الأخبار، فألّفه بعد التأمل في التهذيب، وهذا هو أول كتاب في فقه الحديث الذي تعرض لتعارض الأخبار، فالاستبصار أدق وأصح من التهذيب، وعند حدوث الخلاف بينه وبين التهذيب يمكن الاعتماد على الاستبصار أكثر من الاعتماد على التهذيب.

فيسظهر أن نسخة الاستبصار أصح من نسخة التهذيب!

ومن المشهور أن التهذيب لما ألفه الشيخ كان أصحابه وتلامذته يستنسخونه مباشرة من دون فاصل زمني، ولذلك لم يكن مجال للشيخ لدراسة الكتاب مرة ثانية، وأما الاستبصار فليس كذلك.

مضافا الى أننا لا نعثر في الروايات على شخص اسمه (محمد بن علي بن شجاع) وأما عنوان (علي بن محمد بن شجاع) فكثيرا ما ورد في سند الروايات التي يبلغ عددها 22 حديثاً في كتب متنوعة ومعتبرة مثل كتب الصدوق وتفسير العياشي ورجال الكشي وغيرها.

والنتيجة إن عنوان (علي بن محمد بن شجاع) صحيح كما في المتن ولكنه لم يرد بشأنه توثيق في كتب الرجال.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo