< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تتمة الاستدلال بالكتاب (التفات الى النصوص المفسِّرة)

استكمالا للبحث حول الاستدلال بالكتاب على وجوب الخمس في مطلق ما يفضل عن مؤونة السنة من الفوائد والأرباح، وبعد ذكر كلمات الفقهاء واللغويين والمفسرين حول معنى مفردة الغنيمة، ينبغي الالتفات الى النصوص التي تفسر الآية وتعمم معناها الى مطلق الغنيمة والربح ولا تحصرها في غنيمة الحرب فقط؛ لأن الروايات والنصوص المفسرة تويد ما قلناه من عموم المعنى في لفظ الغنيمة الواردة في الكتاب فنتعرض للبعض في هذا المجال:

منها
صحيحة عليّ بن مهزيار:

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ ع‌ وَقَرَأْتُ أَنَا كِتَابَهُ إِلَيْهِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، قَالَ: «إِنَّ الَّذِي أَوْجَبْتُ فِي سَنَتِي هَذِهِ، وَهَذِهِ سَنَةُ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَقَطْ لِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي أَكْرَهُ تَفْسِيرَ الْمَعْنَى كُلِّهِ خَوْفاً مِنَ الانْتِشَارِ، وَسَأُفَسِّرُ لَكَ بَقِيَّتَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ....فَأَمَّا الْغَنَائِمُ وَالْفَوَائِدُ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ عَامٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمسهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَالْغَنَائِمُ وَالْفَوَائِدُ- يَرْحَمُكَ اللَّهُ- فَهِيَ الْغَنِيمَةُ يَغْنَمُهَا الْمَرْءُ، وَالْفَائِدَةُ يُفِيدُهَا، وَالْجَائِزَةُ مِنَ الْإِنْسَانِ الَّتِي لَهَا خَطَرٌ، وَالْمِيرَاثُ الَّذِي لَا يُحْتَسَبُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلَا ابْنٍ، وَمِثْلُ عَدُوٍّ يُصْطَلَمُ فَيُؤْخَذُ مَالُهُ، وَمِثْلُ الْمَالِ يُؤْخَذُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ صَاحِبٌ؛ وَمَا صَارَ إِلَى مَوَالِيَّ مِنْ أَمْوَالِ الْخُرَّمِيَّةِ الْفَسَقَةِ، فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَمْوَالًا عِظَاماً صَارَتْ إِلَى قَوْمٍ مِنْ مَوَالِيَّ؛ فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُوصِلْ إِلَى وَكِيلِي، وَمَنْ كَانَ نَائِياً بَعِيدَ الشُّقَّةِ فَلْيَتَعَمَّدْ لِإِيصَالِهِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، فَإِنَّ نِيَّةَ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِه[1] .

كما هو
واضح لمن ينظر في هذه الصححية بأدنى تأمل أن الامام الجواد (ع) فسر الغنيمة الواردة في الكتاب وفي خصوص آية الخمس بمطلق الفوائد ولم يحصرها في غنيمة دار الحرب، وان كان مورد الآية في الحرب وغنيمة دار الحرب.

إن قلت:
لو سلمنا كون معنى الغنيمة عامّاً ويشمل مطلق الفوائد لكنها استعملت في الكتاب في مصداق خاص مع وجود القرينة وهي ارتباط الآية المباركة بالحرب وحكم غنائم الحرب، فكيف نستفيد منها العموم تستدل بها على وجوب الخمس في مطلق الفوائد؟

قلت: مجرّد استعمال لفظ في مورد خاص، لا يكون دليلًا على استعمالها في المعنى الخاص، فإنّ المورد لا يمكن أن يكون خارجاً عن الحكم المذكور فيه، ولا يدل على اختصاص الحكم به.

فمن
باب المثال لو فرضنا نزول آية الانفال في كتاب الله في مورد بعض الغزوات وأخذ الغنائم فيها بغير حرب فهل يمكن القول بعدم شمول الآية لأراضي الموات وشبهها من مصاديق الأنفال؟

وكذلك
لو فرضنا نزول حكم تحريم المسكر في مورد الخمر، فهل يمكن القول بأن يدل على تخصيص الحكم بالخمر خاصة ولا يشمل غيرها من المصاديق؟

إذن الحكم عام ويشمل جميع مصاديقه، وإن كان المورد خاصاً، وهذا جارٍ في جميع العمومات الواردة في موارد خاصة ومنها ما نحن فيه.

مضافاً
الى ذلك قد أثبتنا وبيّنا أن لفظة الغنيمة استعملت في نفس الكتاب في المعنى العام كما ذكرناها من قبل كقوله تعالى: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ﴾[2]

و لاشك في أن هذه الآية المبارك لا تدل على اختصاص المغنم بغنيمة دار الحرب، بل تشمل مطلق الفوائد لتصريح الآية بمغانم كثيرة وهو واضح.

نعم
أشكل البعض كصاحب المدارك والمحقق الهمداني وصاحب العروة وغيرهم على الاستدلال بصححية علي بن مهزيار من الجوانب العددية ويمكن الرد عن بعضها ولا يمكن الرد عن بعضها الآخر، لكنّ النقطة المهمة هنا بأننا لم نذكر الرواية لأجل الاستدلال بها على وجوب الخمس، كما لم نذكرها لأجل استنباط الحكم الشرعي منها؛ بل ذكرناها لأجل استشهاد الإمام بهذه الآية المباركة، ولأنه بيّن فيها عموم المعنى لهذه اللفظة أي لفظة الغنيمة.

ومن هذه الجهة لا يرد عليها اشكال.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo