< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الاستدلال بالكتاب:

كما قلنا سابقا أن بعض الفقهاء استدل بالكتاب لتعلق الخمس بمطلق الفوائد ومطلق ما يفضل عن مؤونة السنة، بعد الاستدلال بالاجماع. والمقصود من الكتاب هذه الآية:

﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[1]

وقد ذكر بعض فقهاء الإمامية والمفسرين الاستدلال بهذه الآية المباركة وإن كان البعض منهم شرح كيفية الاستدلال والآخر اكتفى بالإشارة الى الآية فقط من دون بيان أمر آخر.

ومنهم الشيخ الطوسي حيث يستفاد من كلماته في (الخلاف) أنه يقول بدلالة الكتاب عليه حيث قال:… (وأيضاً قوله تعالى‌ «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ» عامّ في جميع ذلك، فمن خصّصه فعليه الدلالة). [2]

وصاحب الجواهر بعد أن أشار الى اتفاق المسلمين في الجملة على وجوب الخمس في الإسلام قال: (فالخمس في الجملة مما لا ينبغي الشك في وجوبه بعد تطابق الكتاب والسنة والاجماع عليه)[3]

و قال السيد الخوئي: (لا إشكال كما لا خلاف في وجوب الخمس في الشريعة الإسلامية وقد نطق به الكتاب العزيز والسنة المتواترة)[4] .

وقال النراقي ( في المستند: «إعلم أنّ الأصل وجوب الخمس في جميع ما يستفيده الإنسان ويكتسبه ويغنمه، للآية الشريفة والأخبار، أمّا الآية فقوله سبحانه: «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ ...» الآية.

فإنّ الغنيمة في أصل اللغة: الفائدة المكتسبة، صرّح به في مجمع البحرين وغيره من أهل اللغة، وليس هناك ما يخالفه، ويوجب العدول عنه، بل المتحقق ما يثبته ويوافقه من العرف وكلام الفقهاء والأخبار)[5] .

وقال صاحب المدارك: (ذكر الشهيد في البيان أنّ هذه السبعة كلها مندرجة في الغنيمة)[6] .

هذه كلمات بعض الفقهاء في التصريح بدلالة الكتاب وصحة الاستدلال بآية الخمس لوجوبه على مطلق الفوائد والمكاسب وهذا هو المشهور بين فقهاء الإمامية.

وبعد أن ذكرنا شهادة الفقهاء على الاستدلال بهذه الآية المباركة، واستشهادهم بها في كلماتهم، نذكر بعض كلمات أرباب اللغة والمفسّرين في مقام الاستدلال بها:

فمن اللغويين صاحب المفردات الراغب الأصفهاني يقول:

والغنم ـ بالضم فالسكون ـ إصابته والظفر به ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم قال : ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [7] ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً﴾[8] والمغنم ما يغنم وجمعه مغانم قال : «فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ». [9]

وقال صاحب تاج العروس: (الغنم (والغنيمة) الفوز بالشي‌ء بلا مشقّة)[10] .

وقال ابن منظور في لسان العرب: «والغنم: الفوز بالشي‌ء من غير مشقّة ... والغنم والغنيمة والمغنم: الفيى‌ء ... وفي الحديث الرهن لمن رهنه له غنمه وعليه غرمه، غنمه: زيادته ونماؤه وفاضل قيمته ... وغنم الشي‌ء غنماً: فاز به[11] .

وقال صاحب مجمع البحرين: (الغنيمة في الأصل هي الفائدة المكتسبة)[12] .

وقال صاحب المقاييس: (الغين والنون والميم أصل صحيح واحد يدلّ على إفادة شي‌ء لم يُملَك من قبل، ثم يختص به ما أُخذ من مال المشركين بقهرٍ وغلبة)[13] .

هذه هي كلمات اللغويين في معنى مفردة الغنيمة، وكما يشاهدها كل إنسان منصف وعاقل، ويتأمل فيها يظهر له أنّ لها معنيين: معنى عام ومعنى خاص.

وأما المعنى العام، وهو الأصل لهذه الكلمة، الظفر بالشيء مطلقاً، أو الظفر به بلا مشقّة كثيرة، كما جرت هذه العبارة على لسان أكثر اللغويين.

وأما المعنى الخاص، فهو غنائم الحرب، ولكن استعماله في هذا المعنى يحتاج إلى قرينة بعد كون أصل اللغة عامّاً غير مقيد بالحرب.

فاتضح من تصريح اللغويين سواء الذين يشيرون الى أصل اللغة، أو الذين يشيرون الى موارد استعماله، أن مفردة الغنيمة في الأصل كانت عامة تشمل مطلق الفوائد والمكاسب، ولا يرد عليه إشكال.

وبعد هذا البيان اتضح أيضاً أن اللفظ الذي يدل بطبيعته على معنى عام لو أريد به المعنى الخاص فهو يحتاج إلى قرينة، فثبت بهذا البيان أن "الغنيمة" أولا وبالذات تدل على مطلق الفوائد وعمومها، ولكنه في بعض الموارد استعمل في المعني الخاص في الكتاب و السنة وكلمات العرف وأهل المحاورة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo