< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/02/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الدليل الثالث: الاستدلال بقاعدة الجب.

من الأدلة التي ذكرت لإثبات اشتراك الكفار مع المسلمين في التكليف هي قاعدة معروفة بعنوان (الإسلام يجُبُّ ما قبله) وهذه القاعدة مأخوذة من نص الحديث من قول رسول الله (ص) الإسلام يجُبُّ ما قبله.

و تقريب الاستدلال:

بعد فرض إثبات هذه القاعدة يمكن أن يقال أن الذي يستفاد من هذه القاعدة هو ارتفاع ما كان عليه من التكاليف حال كفره، بسبب دخوله في الإسلام، ولازم ذلك كونه مكلّفاً حال کفره بالتكاليف والأحكام المشرعة في الإسلام، وان لم يکن مكلفا فلا معنى لارتفاع آثارها، من القضاء و الكفارة و غيرهما.

فإذن ثبت بهذا البيان تکليف الكفار بالفروع حال كفرهم كمسلمين.

وفيه: يمکن الإشكال على الاستدلال بأن المقصود من جب الإسلام ما قبله هو هدم جميع آثار الكفر و ليس المقصود هدم جميع آثار ترك الفروع، أي أن كفر الكافر هو المانع من قبول صلاته، فلم يصلّ وترك الصلاة، وفي الحقيقة قد حرم نفسه من بركات الصلاة، وأما الآن فقد قبِل الإسلام ودخل فيه، وبما أن المانع الأساس وهو الكفر قد زال عنه وهو يستطيع أن يصلي فإن الله تعالى تلطفا بعبده الذي اختار الإسلام يهدم ما قبْله من آثار الكفر و بهذا البيان لا دلالة لهذه القاعدة لإثبات تكليف الكفار!

أي بما أن الكفار كانوا مكلفين بالأصول فتركوا الأصول ولم يؤمنوا بالله ولا برسول الله (ص) فهم معاقبون بالأصول ولكنهم بسبب دخولهم في الإسلام و زوال المانع يرتفع عنهم ما كانوا يستحقونه من العقاب.

وبعبارة أخرى يمكن أخذ الكفار بترك الفروع حال كفرهم لأجل كفرهم وعدم قبولهم للإسلام عناداً، لا لأجل تكليفهم بالفروع بشكل مستقل ومع قطع النظر عن تكليفهم بالأصول، وبناء على هذا فإن تشرّفهم بالإسلام يرفع عنهم آثار ما كان عليهم من التكاليف الفرعية المترتبة على الإيمان بالأصول.

ويؤيد ذلك الفرقُ بين إسلام الكافر وتوبة العاصي والمذنب، بما أن الإسلام يجبّ ما قبله ولا يجب عليه قضاء ما فات عنه من العبادات، ولكن التائب يجب عليه قضاء ما فاته حين ارتكاب المعصية بما أنه كان مسلماً ولكن الكافر لم يكن مسلماً؛ فلذلك يكون عقاب الكفار لأجل عدم إسلامهم لا لأجل تركهم الفروع.

و الحاصل من البحث حول الاستدلال بهذه القاعدة أنها على فرض صحتها وتماميتها تدل على ثبوت التكليف الطولي بالفروع على الكفار، وصحة إيجاب تدارك ما فات عنهم من التكاليف الفرعية بسبب سوءِ اختيارهم، لكن الشارع تسامح في تكليفهم بتدارك ما فاتهم رأفةً بهم وامتناناً عليهم لانتحالهم الإسلام وتشويقاً لهم للدخول في الشريعة السمحة السهلة.

و هذا خلاف ما قاله المشهور لأنهم يعتقدون بتكليف الكفار بالفروع في عرض تكليفهم بالأصول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo