< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/02/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : القول الثاني: وهو عدم اشتراك الكفار مع المسلمين في التكليف.

وهنا أنقل بعض كلمات الفقهاء في عدم الاشتراك :

منهم الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة في مسألة وجوب الغسل من الجنابة وغيرها من الأحداث على الكافر بأقسامه عند حصول سببه يقول:

>إنّا لا نقول بكون الكفار مخاطبين بالفروع تفصيلًا، كيف وهم جاهلون بها غافلون عنها؟ وكيف يعقل خطاب منكري الصانع والأنبياء؟! وعلى تقدير الالتفات يستهجن، بل يقبح خطاب من أنكر الرّسول بالإيمان بخليفته، والمعرفة بحقّه وأخذ الأحكام منه، بل المراد أن المنكر للرسول مثلًا مخاطب بالإيمان به والائتمار بأوامره والانتهاء بنواهيه، فإن آمن وحصل ذلك كلّه، كان مطيعاً، وإن لم يؤمن ففعَل المحرّمات وترك الواجبات عوقب عليها كما يعاقب على ترك الإيمان، لمخاطبته بها إجمالًا، وإن لم يخاطب تفصيلًا بفعل الصلاة وترك الزنا لغفلته عنها، نظير ذلك ما إذا أمر الملكُ أهلَ بلدٍ نصب لهم حاكماً بالإذعان لولايته من قبل الملك، والانقياد له في أوامره ونواهيه المسطورة في طومار بيده، فلم تذعن تلك الرعية لذلك الحاكم، ولم يلتفتوا الى ذلك الطومار ولم يطلعوا عليه أصلًا، فاتفق وقوعهم من أجل ذلك في مخالفة كثير من النواهي وترك الأوامر الموجودة فيه، فإنه لا يقبح عقابهم على كل واحد واحد من تلك المخالفات؛ لكفاية الخطاب الإجمالي مع تمكن المخاطب من المعرفة التفصيلية<[1] .

وكذلك المحدث البحراني من المخالفين لهذا الرأي، لأنه قد خالف المشهور في مقام الاستدلال بالنصوص على اشتراك الكفار مع المسلمين في التكليف بالفروع.

قال في الحدائق بعد ذكر رواية صحيحة: وهو كما ترى صريح الدلالة على خلاف ما ذكروه (أي خلاف ما ذکره المشهور)......

و إلى العمل بالخبر المذكور ذهب المحدث الكاشاني؛ حيث قال في كتاب‌ الوافي بعد نقله ما صورته: >وفي هذا الحديث دلالة على أنّ الكفار ليسوا مكلّفين بشرائع الاسلام كما هو الحق؛ خلافاً لما اشتهر بين متأخّري أصحابنا<[2] .

وأما القول بالتوقف في المقام فهو القول المنسوب للشهيد في المسالک والروضة حسب ما رواه صاحب الرياض، حيث صرح أولاً بأن الكفار مكلفون بالفروع، ثم مال إلى القول بالتوقف.

قال صاحب الرياض في بيع لحم المشتبه والمختلط بغير المذكى إلى الكافر:

بناء على مذهبنا من أن الكفار مكلفون بالفروع، وقد أثبتنا ذلك في رسالة مفردة. وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك والروضة التوقف في المسألة. ولا يخلو عن وجه، مع أنه أحوط في الفتوى بلا شبهة[3] .

 

أقوال فقهاء العامة:

هذه القاعدة من القواعد التي ذكرها فقهاء العامة في كتبهم فلذلك ينبغي أن نشير الى بعض أقوالهم.

فقد اختلف فقهاء العامة فيها أيضاً: وكثير منهم قالوا بعدم اشتراك الكفار مع المسلمين في التكليف.

فيظهر أن الأمر بين العامة بعكس ما اشتهر بين أصحابنا الإمامية، لأن عدم الاشتراك هو مشهور فقهاء العامة.

يقول العلامة: >الإسلام ليس شرطا في الوجوب وإن كان شرطا في الصحّة. ذهب إليه علماؤنا أجمع. و به قال الشافعيّ في أحد الوجهين، و في الآخر: أنّه شرط. و به‌ قال أبو حنيفة<[4]

والنووي يقول: >ولا يخاطب به في حال الكفر معناه لا نطالبه بفعل الصلوة في حال الكفر وأمّا الخطاب الحقيقي فهو مخاطب بالفروع على المذهب الصحيح<.

ويقول صاحب ابن رشد:

فلا خلاف بينهم (علماء أهل السنّة) أنّ من شروطه (الصحّة) الإسلام[5] .

فبناء على ما نقلنا من أقوال العامة من أنهم يقولون بعدم اشتراك الكفار في التكليف وإنما يشترطون الإسلام في صحة عمل العبد وصحة التكليف. فما دام أن الإنسان لم يدخل في الإسلام فهو غير مخاطب بالتكليف الفرعي.

فالحاصل من ذكر أقوال الفقهاء والتأمل فيها أن القاعدة ليست إجماعية وما قاله الشيخ الطوسي ليس صحيحاً بل هي قاعدة مشهورة فقط. وأنها ذات أقوال ثلاثة كما قلنا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo