< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/02/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : القول الثاني في مدلول حديث رفع القلم عن الصبي:

تحدثنا حول موضوع الصبي و تكليفه، و هل أنه مكلف أو غير مكلف ؟ وحول ما هو المراد من رفع القلم عن الصبي؟ فهل هو رفع قلم التكليف أو رفع قلم المؤاخذة؟ أي هل تعلق قلم التشريع بالصبي أم لا؟

قلنا بالجملة هناك وجوه متعددة بل أقوال عديدة.

أما القول الأوّل: الذي بيناه هو نفي قلم جعل الأحكام على الصبيّ والمجنون مطلقًا، و استثناؤهما عن قلم التشريع كالبهائم. وهو ما قاله السيد الخوئي والمحقق النائيني خلافاً للمشهور.

و أما القول الثاني: أنّ المرفوع هو قلم المؤاخذة لا قلم جعل الأحكام والتشريع وهذا ما قاله كثير من الفقهاء والأصوليون كالشيخ الأعظم‌ الأنصاري[1] .

ويمكن لنا أن نأتي ببعض المؤيدات لهذا القول أي القول الثاني وهو رفع قلم المؤاخذة والعقاب.

منها المتفاهم العرفي والمتبادر إلى الذهن في العرف من استعمال كلمة الرفع، فإنّ أهل العرف إذا قالوا: فلان مرفوع عنه القلم، فيريدون عدم مؤاخذته في أفعاله وتروكه، هذا أولاً.

وأما ثانيًا، فإن الظاهر من رفع الحكم خصوصاً في حديث الرفع هو الامتنان والتسهيل وهذا أيضًا يناسب المعنى المذكور وهو رفع المؤاخذة والعقاب.

وكذلك يمكن القول بأن الحكمة في رفع الحكم بهذا المعنى هي عدم التفات الصبي ونظرائه كالمجنون والمحجوز إلى المصالح والمفاسد؛ إما لعدم العقل في المجنون و قلّة العقل غالباً في الصبي. وهذا ما أشار إليه السيد البجنوردي[2] .

 

نقطة مهمة :

نعم هناك نقطة مهمة لا بد أن نلتفت إليها في هذا المقام في بيان مراد الفقهاء والأصوليين وهي أن الظاهر من الشيخ الأنصاري ومن تبعه أنهم قالوا برفع المؤاخذة والعقاب، لأنهما من لوازم التكاليف الإلزاميّة وخواصّها، وفي الحقيقة إن رفعهما يكشف عن رفع خصوص التكاليف الإلزامية، لا جميع التكاليف، فضلا عن كلّ الأحكام حتّى يشمل الأحكام الوضعيّة.

فلذلك لا بد من القول المنتسب إليهم برفع الأحكام والتكاليف الإلزامية كالواجب والحرام فقط لا كل الأحكام حتى يشمل الاستحباب و المكروه؛ لأنه لا عقاب على تركهما.

و هذا المعنى مناسب لما اشتهر بينهم من مشروعيّة عبادات الصبيّ، ومن أنّ الأحكام الوضعيّة ليست مختصّة بالبالغين.

كما صرح بذلك الشيخ الفاضل اللنكراني وقال: إنّ المرفوع في الحديث هو قلم المؤاخذة والعقوبة الأخروية والدنيويّة، ولازمه‌ عدم ثبوت التكليف اللزومي في حقّه، وعدم ترتّب استحقاق العقوبة على ترك الواجب وفعل الحرام، فيقتصر في تخصيص عمومات أدلّة التكاليف على هذا المقدار.

 

الحمد لله ربّ العالمين


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo