< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/01/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقام الثالث: حکم تعلق الخمس بالمعدن إذا كان المستنبط هو الصبي أو المجنون:

وهذا المقام من البحث في عبارة السيد الإمام مهم جداً؛ لأنه مضافا إلى اشتماله على بيان حكم تعلق الخمس بالمعدن الذي أخرجه الصبي أو المجنون، واشتماله على وجوب أدائه على الولي، فهو يتكفل ببيان مسألة مهمة شاملة وسارية في كثير من أبواب الفقه وهي مسألة تكليف الصبي وغير البالغ.

وقد ذكر الفقهاء هذه المسألة في العديد من أبواب الفقه منها كتاب النكاح، ومستثنيات النظر إلى الأجنبية، وكتاب الخمس، والضمان ..وغيرها.

و قد ذكر السيد الإمام هذه المسألة في غير واحد من كتب الفقه، منها كتاب الخمس في خمس المعدن:

قال الإمام (ره) : ولو استنبط المعدن صبيّ أو مجنون تعلّق الخمس به على الأقوى، ووجب على الوليّ إخراجه. [1]

کما يظهر من عبارة السيد الإمام أنه (ره) يقول بعدم الفرق في تعلق الخمس بالمعدن بين أن يكون المستخرج صبياً أو مجنوناً، لأن تعلق الخمس بالمعدن عنده واضح ومسلّم به بشكل مطلق ومن دون قيد.

وإن كان السيد الإمام ذكر وجوب الخمس على الصبي ولكن المهم في هذه المسألة هو الالتفات إلى اشتراط البلوغ في تعلق الخمس وعدم اشتراطه، ففي الحقيقة ترجع المسألة إلى هذا الأصل والمبنى الفقهي.

وقد ذكر الفقهاء سواء القدماء منهم والمتأخرون هذه المسألة، ومع وجود خلاف بينهم من جهة المبنى إلا أن المشهور يقول بعدم اعتبار البلوغ في تعلق الخمس، والنتيجة هي أنه يتعلق الخمس بالمعدن الذي أخرجه الصبي وكذا يتعلق بالكنز الذي وجده الصبي.

فصاحب الجواهر يشير ضمن كلماته إلى القول المشهور، وهو في شرحه لعبارة المحقق الحلي في الشرائع (الخمس يجب في الكنز، سواءٌ كان الواجد له حرّا أو عبدا، صغيرا أو كبيرا، و كذا المعادن و الغوص)

يقول: الخمس يجب في الكنز لما عرفت من الأدلة السابقة، بل ظاهرها‌ ذلك سواء كان الواجد له حرا أو عبدا صغيرا أو كبيرا كما في التحرير والقواعد والمنتهى والتذكرة والبيان والمسالك وغيرها، بل هو قضية إطلاق الباقين بل سواء كان مجنونا أو عاقلا ذكرا أو أنثى مسلما أو ذميا كما صرح به أيضا في بعض هذه الكتب،... بل و كذا المعادن والغوص كما في القواعد.[2]

فهذا القول هو القول المشهور والموافق لما قاله السيد الإمام .

و أما الشيخ الأنصاري فهو يصرح بعدم الخلاف في ذلك وهو فوق المشهور:

يقول: الظاهر أنه لا خلاف في عدم اشتراط البلوغ و العقل في تعلق الخمس بالمعادن و الكنوز والغوص، وقد ادعى ظهور الاتفاق في الأخيرين في المناهل وعن ظاهر المنتهى في الأول، وتبعه في الغنائم ويدل عليه إطلاق الأخبار[3]

و أما في المقابل يقول بعض الفقهاء كالسيد الخوئي والمحقق النائيني وغيرهما باشتراط البلوغ والعقل في تعلق الخمس، وخالفوا قول المشهور وقالوا بعدم تعلق الخمس بالمعدن الذي أخرجه الصبي والمجنون:

والسيد الخوئي في تعليقته على قول السيد اليزدي في العروة حينما يقول بما قاله المشهور من عدم اشتراط البلوغ و العقل، قال:

على المشهور من عدم سقوط الخمس عن الصغير والمجنون فيتصدى وليهما للإخراج ولكن تقدم في كتاب الزكاة أن الأظهر سقوطه عنهما، فإن الخمس كالزكاة وإن كانا من قبيل الوضع و أن مقداراً معيناً من المال ملك للغير، إلا أن إطلاق حديث رفع القلم يشمل التكليف والوضع ولا موجب للتخصيص بالأول، بل مفاده أن الصبي والمجنون ممن رفع عنه قلم التشريع ولم يكتب عليهما في دفتر القانون شيء،

وعلى الجملة : لا يزيد المقام على ما تقدم في كتاب الزكاة بشيء لعدم ورود نص خاص فيه‘ فيجرى في الكافر والصغير والمجنون كلما أسلفناه هناك<[4] .

فعلى أي حال يوجد في المسألة قولان: قول المشهور وقول المحق النائيني والسيد الخوئي وآخرون.

بل الصحيح القول بأنه يوجد هنا مبنيان :

المبنى الأول: الالتزام برفع قلم التكليف عن الصبي والمجنون بشكل عام سواء في الأحكام الوضعية أو التكليفية، والالتزام بعدم تشريع قلم التكليف على الصبي والمجنون والالتزام بجعلهما كالبهائم.

المبنى الثاني: الالتزام بتشريع الأحكام للصبي والمجنون وعدم اشتراط البلوغ في الأحكام وشمول قلم الجعل والتشريع لهما، وإنما يستثنى منها بعض الأحكام مثل الأحكام التكليفية لا الوضعية، وهذا هو مفاد حديث رفع القلم.

فبعد ملاحظة هذين المبنيين يمكن الالتفات لوجود قولين في هذا المقام.

وعلى هذا يظهر أن الخلاف الموجود بين السيد الإمام والسيد الخوئي وبين المشهور والمحقق النائيني إنما هو خلاف في المبنى لا خلاف في الفتوى.

وبناء على ذلك لابد من البحث العميق في التعرف على المبنى عند كلا الطرفين من المشهور وغيره، ولا بد من تقديم البحث في تكليف الصبي والمجنون.

وبما أن مفاد حديث رفع القلم هو الدليل الأساس على اتخاذ المبنى، فلذلك سنبدأ البحث حول هذا الموضوع كي يتضح لنا و لكم قول الحق في ذلك.

 

الحمد لله ربّ العالمين


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo