< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/01/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تتمة البحث في المقام الأول:

أشرنا سابقاً إلى اتفاق الفقهاء على وجوب الخمس في المعدن مطلقاً من دون فرق بين وجوده في الأرض المباحة والمملوكة كما صرح به السيد الإمام والسيد اليزدي وغيرهما من الفقهاء وكأن الفقهاء أرسلوا هذه المسألة إرسال المسلمات و لا إشكال عندنا فيه.

وأما النقطة المهمة التي لا بد من الالتفات إليها هنا هي: على من يجب الخمس؟ فهل يجب على المستخرج أو يجب على المالك فقط؟

بعبارة أخرى هل للمستخرج دخل في تعلق الخمس؟ أم أن الخمس واجب على المعدن من دون فرق بين أن يكون المستخرج هو المالك أو غيره؟

بعبارة ثالثة: هناك مقامان من البحث:

المقام الأول: في ملكية المعدن المستخرج أي من يملكه؟

المقام الثاني: على من يجب دفع الخمس؟ على المخرج أو على المالك؟

في هذا الموضع تحدث الفقهاء بالتفصيل و استدل البعض و استشكل البعض.

كما يصرح به السيد الخوئي في شرحه على العروة:

المخرج للمعدن قد يستخرجه من ملكه الشخصي .

وأخرى : من ملك الغير المختصّ به .

وثالثةً : ممّا هو ملك لعامّة المسلمين ، كالأراضي المفتوحة عنوةً العامرة حال الفتح .

ورابعةً : ممّا هو ملك للإمام (عليه السلام) ، كما في الأراضي الموات حال الفتح ، حيث إنّ موات الأرض لله ولرسوله .

أمّا القسم الأوّل : فلا شكّ أنّه ملك للمستخرج ، وهو القدر المتيقّن ممّا دلّ على تخميس المعدن الذي تكلّمنا حوله لحدّ الآن.

وأمّا القسم الثاني : فالمعروف بينهم أنّه ملك لصاحب الأرض وعليه خمسه، من غير استثناء المؤونة التي صرفها المستخرج ، لعدم الموجب لضمانها بعد أن لم يكن الإخراج بإذنه كما هو المفروض .

هكذا ذكر المشهور ومنهم الماتن بحيث أرسلوه إرسال المسلّمات[1]

و بعد ذلك استشكل السيد الخوئي في ما أرسله المشهور إرسال المسلمات ولكن لا نريد أن ندخل فيه الآن.

نعم لا شک فی القسم الأول وهو القسم الذي يستخرجه المخرج في ملكه فهو الذي يجب عليه أداء الخمس لأنه هو المتيقن أولا.

أي إن الدليل على ذلك هو القدر المتيقن من أدلة وجوب الخمس التي قدمناها وهي نصوص وجوب تخميس المعدن.

أمّا القسم الثاني وهو المعدن الواقع في الأرض المملوكة لشخص آخر فالمعروف بين الفقهاء كونه ملكاً لمالك الأرض، وأنّ عليه خمسه من غير استثناء المؤونة لعدم ذهابها من كيسه، بل ذهب من كيس المخرج ولا يضمنه مالك الأرض لفرض عدم كون الإخراج بإذنه، بل تصرّف المخرج في أرضه عدواناً فذهب ما صرفه من المال في سبيل ذلك هدراً.

إشکال وجواب:

قد يستشكل على الحكم بأن تكليف تخميس المعدن متوجه إلى مالك الأرض حينئذٍ، لأنّ المستفاد من نصوص المقام هو توجّه وجوب التخميس إلى من تَملّك المعدن، إما من طريق استخراجه بالمباشرة أو بالتسبّب والمفروض في‌ هذه الصورة أنّ مالك الأرض لم يستخرج شيئاً من المعدن بوجهٍ لا بالمباشرة ولا بالتسبب. فلا وجه لتوجّه وجوب الخمس إليه.

ويمكن الجواب: أنّ مالك الأرض قد تملّك ما أخرجه الغير من المعدن، كما في إخراج الأجير. فإنّه وإن كان الإخراج هناك بأمر المؤجر والإخراج يسند إليه، ولكن في المقام أيضاً قد حكم الشارع بملكية المعدن لصاحب الأرض بمجرّد إخراج الغير.

وظاهر نصوص المقام توجّه تكليف خمس المعدن إلى كلّ من تملّكه باستخراجه سواء كان استخراجه بالمباشرة أم لا. وإنّ ملكية المخرَج حاصلة بحكم الشارع لمالك الأرض قهراً ؛ حيث إنّه وإن لم يأمر المخرِج بإخراج المعدن، إلّا أنّه يدخل في ملكه تبعاً للأرض بمجرّد الإخراج بحكم الشارع، وإن لم يقصد تملّكه بخصوصه.

والحاصل: أنّ في المقام لمّا حَكمَ الشارع بكون المعدن المستخرَج بإخراج غير الغاصب ملكاً لصاحب الأرض فيصدق أنّه مَلك ما أخرج من المعدن- ولو بحكم الشارع- فلا مانع من توجّه تكليف تخميس المعدن إليه.

تنويه هام:

وهو أنّ المعدن الواقع في أرض الغير لا يكون ملكاً له مطلقاً، بل إنّما يملكه إذا كان المعدن في سطح الأرض أو في باطنها القريب من ظاهر الأرض؛ حيث إنّه في الصورة الأولى يكون المعدن جزء الأرض وقد قصد مالك الأرض تملّكه قطعاً بإحياء الأرض وقصد تملّكها، وأمّا في الصورة الثانية فلا، لأنه لا تشمله السيرة العقلائية ولا السيرة المتشرعة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo