< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/01/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسائل في خمس المعدن:

المسألة الأولى – المقام الأول:

ذكرنا سابقاً أن المسألة تشمل مقامات من البحث وقلنا: إن المقام الأول هو حكم تعلق الخمس بالمعدن المستخرج من الأراضي المختلفة من حيث الملكية وإباحة التصرف.

أولا: إن هذه المسألة ذكرها أكثر الفقهاء في كتاب الخمس وفي كتاب إحياء الموات.

وأقوال الفقهاء في هذا المقام من البحث واضحة، وهي متفقة في عدم الفرق بين إباحة التصرف في الأرض وبين ملكيتها في وجوب إخراج الخمس، ولا خلاف في ذلك، كما يقوله السيد اليزدي في العروة:

لو كان المعدن في أرض مملوكة فهو لمالكها،‌ وإذا أخرجه غيره لم يملكه بل يكون المخرَج لصاحب الأرض وعليه الخمس من دون استثناء المؤونة لأنه لم يصرف عليه مؤونة‌.[1]

وإنما الخلاف في تملك المعدن، فقد اختلفت في ذلك أقوال الفقهاء:

كما صرح به صاحب الجواهر في كتاب إحياء الموات[2] وهذه خلاصته:

>إنّه قد اختلفت كلمات الأصحاب في المعادن فهم بين من أطلق كونها من الأنفال وأنّها للإمام عليه السلام كالمفيد والكليني والشيخ والديلمي والقاضي والقمي في تفسيره، واختاره في الكفاية كما عن الذخيرة، وهو ظاهر كلام كاشف الغطاء (من دون فرق بين ما كان في أرض مملوكة أو غيرها).

وبين مَن أطلق كونها من المباحات الأصلية وأنّ الناس فيها شرع سواء كما اختاره المحقّق رحمه الله في النافع، والشهيد رحمه الله في البيان، بل حكاه في الروضة عن جماعة.

وبين مَن فصل بين أرضه وغيرها كابن ادريس الحلّي والعلّامة في المنتهى بل والتحرير والشهيد رحمه الله في الروضة وغيرهم‌ وذكر المسألة في كتاب إحياء الموات وادّعى‌ أنّ المشهور نقلًا وتحصيلًا على أنّ الناس فيها شرع سواء بل قيل قد يَلُوح من محكي المبسوط والسرائر نفي الخلاف فيه‌.

ولكن صرّح في بعض فروع المسألة أنّه: لو أحيا أرضاً وظهر فيها معدن باطن ملكها تبعاً لها بلا خلاف أجده فيه كما عن المبسوط والسرائر الإعتراف به، بل، قيل إنّ ظاهر الأوّل، بل الثاني نفيه بين المسلمين<‌. [3]

والقول بعدم الفرق بين الإباحة والملكية في تعلق الخمس يستظهر من إطلاق الأدلة، لأن الأدلة في ذلك مطلقة من دون ذكر قيد الملكية وغيرها.

ونحن قد قدمنا ذكر الأدلة في المباحث المتقدمة في العام الماضي ولكنه بما أن هذه الفترة أصبحت فترة طويلة فلابد من الإشارة إلى مضمونها:

قلنا عمدة الدليل في وجوب خمس المعدن هي الروايات وهي طوائف عديدة:

منها ما يدل على تعميم وجوب الخمس في مطلق المعدن من دون تعيين المصاديق کما روي عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَاعَبْدِاللَّهِ(ع) يَقُولُ فِيمَا يُخْرَجُ مِنَ الْمَعَادِنِ والْبَحْرِ والْغَنِيمَةِ والْحَلَالِ الْمُخْتَلِطِ بِالْحَرَامِ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ صَاحِبُهُ والْكُنُوزِ الْخُمُسُ.[4]

فهذه الطائفة من الروايات تدل بشكل واضح على وجوب الخمس في مطلق المعدن من دون ذكر للمصاديق، وإنما تابع لصدق العنوان، وصدق العنوان وتطبيقه على مورد المعدن موكول إلى العرف، لأن الشرع لم يتدخل في تعيين الموضوع فيما نحن فيه حسب هذه الطائفة من الروايات.

ومنها ما يدل على تعلق الخمس بخمسة مصاديق من المعدن من دون نفي شيء آخر كما روي عنْ جَمِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(ع) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ والصُّفْرِ والْحَدِيدِ والرَّصَاصِ؟ فَقَالَ: عَلَيْهَا الْخُمُسُ جَمِيعاً[5] .

ومنها ما يدل على وجوب الخمس في بعض مصاديق المعدن كالملح وغيره.

کما روي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَاجَعْفَرٍ(ع) عَنِ الْمَلَّاحَةِ؟ فَقَالَ: ومَا الْمَلَّاحَةُ؟ فَقَالَ: أَرْضٌ سَبِخَةٌ مَالِحَةٌ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ فَيَصِيرُ مِلْحاً. فَقَالَ (ع): هَذَا الْمَعْدِنُ فِيهِ الْخُمُسُ.

فَقُلْتُ: والْكِبْرِيتُ والنِّفْطُ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ؟ قَالَ: فَقَالَ: هَذَا وأَشْبَاهُهُ فِيهِ الْخُمُسُ[6] .

ومنها ما يدل على وجوب الخمس في خصوص الذهب والفضة من دون التعرض للنفي عن سائر المصاديق.

کما روي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَبْدِاللَّهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا يُخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ والْيَاقُوتِ والزَّبَرْجَدِ وعَنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ هَلْ فِيهَا زَكَاةٌ؟

فَقَالَ إِذَا بَلَغَ قِيمَتُهُ دِينَاراً فَفِيهِ الْخُمُسُ[7] .


[2]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo