< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تتمة الكلام في خمس المعدن واعتبار النصاب يقع في عدة أمور:

الأمر الأول: هل يجب التخميس في مجموع ما يخرج من المعدن قبل استثناء مؤونة الاستخراج، أم بعد إخراج المؤونة؟

الأمر الثاني:بناءً على القول باعتبار نصاب خمس المعدن: هل يعتبر بلوغ النصاب في مجموع ما يخرج من المعدن، أم بعد إخراج مؤونة التصفية والاستخراج؟

الأمر الثالث: في اعتبار نصاب خمس المعدن على القول به فهل يشترط بلوغه ذلك دفعة واحدة، أم لا؟

نعم قد بقيت هذه الأمور العددية في خمس المعدن و اعتبار النصاب فيه، و لابد من التأمل في جميعها و تبيين الحكم فيها، فلذلك نبدأ بالأول فالأول حسب الترتيب.

أما الأول: فلا ينبغي الإشكال في جواز استثناء المؤونة المصروفة لاستخراج المعدن وتصفيته، لأنه لا ريب في أنّ استخراج المعدن وتصفيته، وسائر العمليات المقدّماتية للانتفاع والاستفادة منه مستلزم لمخرِج ومؤنٍ.

فمثلاً لو كانت المؤونة عشرة دنانير، والمقدار المستخرج عشرون ديناراً، فلا إشكال في وجوب تخميس العشرة الباقية بعد إخراج المؤونة التي هي أيضا كانت عشرة.

و هذا ما تسالم عليه الفقهاء ولا خلاف فيه، بل لا ينبغي الإشكال فيه.

والفقهاء إنما أرسلوه إرسال المسلمات كصاحب الجواهر وغيره.

والدليل على ذلك:

أولاً: لمطابقته للقاعدة.

لأن ظاهر أدلة الخمس في جميع أقسامه إنما هو تعلقه بالمنافع الحاصلة، والغنيمة و الفائدة العائدة إلى الشخص، و من الواضح أنه ما لم يكن مغنما و ربحا فلا يتعلق به الخمس، و أن ما يعادل المؤونة المصروفة في الاستخراج والتصفية فليس ربحاً، بل الربح ما يبقى بعد إخراج المؤونة المصروفة. كما أشار إليه الإمام في صحيحة ابن سنان المتقدم: لا خمس إلا في الغنائم خاصة.

و يؤيده أنه إذا لم يبق في مورد صرف المؤونه شيئاً مما يخرج من المعدن مثل المورد الذي خسره المستخرج في استخراج المعدن كما إذا كانت المؤونة أكثر من منافع المعدن، فلا يجب عليه التخميس، لأنه لم يربح وإن حظي بمقدارٍ من المعدن في المرحلة الأولى قبل التصفية والاستخراج.

لأن هذا المورد لا يصدق عليه إطلاق عنوان الفائدة.

فهذا الأمر واضح ومسلَّم حتى لو لم ترد في البين أية رواية خاصة بالموضوع.

وثانيا: يدل عليه رواية علي بن مهزيار:

محمد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن الحسن الأشعري، قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): أخبرني عن الخمس، أعَلى‌ جميع‌ ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب و على الصناع؟ وكيف ذلك؟ فكتب بخطه: «الخمس بعد المؤونة[1] ».

و من الواضح أن المقصود من المؤونه هنا هي المؤونة المصروفة في تحصيل ما يتعلق به الخمس، وليس المقصود مؤونة السنة.

و ثالثا: تدل على ذلك صحيحة زرارة المتقدمة.

عن زرارة عن أبي جعفر قال سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كل ما كان ركازاً ففيه الخمس، وقال: ما عالجته بمالك ففيه -ما أخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفى- الخمس[2] .

وتقريب الاستدلال بهذه الصحيحة هو أنّ المقصود من قوله: ما أخرج اللَّه ... هو ما أفاد اللَّه تعالى وأعدّ لك من المعدن المصفّى بالعلاج والتصفية ففيه الخمس.

ومن الواضح أنّه لا يصدق ذلك على ما يخرج من المعدن إلّا بعد إخراج المؤونة التي ذهبت من كيس المستخرج في سبيل العلاج والتصفية، وبهذا البيان يُستدَلّ على وجوب التخميس بعد إخراج المؤونة المصروفة.

مضافاً إلى ذلك الظاهر عدم كون المصفى في هذا الحديث وصفاً للحجارة بل إنما يرجع إلى (ما أخرج الله) لأنه لو كان وصفاً للحجارة لكان اللازم تأنيثه.

فدلالة هذه الصحيحة صريحة على اختصاص الخمس في ما يبقى بعد إخراج ما صُرِف من المال في العلاج والتصفية.

وكثير من الفقهاء أشاروا إلى ذلك في كلماتهم كالمحقق الهمداني، وصاحب الحدائق، والسيد الخوئي، والشيخ الفاضل اللنكراني، وغيرهم من المعاصرين، ولا أريد الدخول في نقل كلماتهم لأن البحث قد يطول بسبب ذلك.

فظهر أن العمدة في ذلك انصراف الإطلاقات إلى تعلق الخمس بالمنافع والفوائد العائدة، وهذا الانصراف من مرتكزات المتشرعة، والظهور العرفي من إطلاق الأدلة فإنه هو المفهوم عرفاً منه.

لأن ما يبقى بيد الإنسان بعد إخراج المصاريف الذاهبة، ويدخل في ملك الإنسان يجب فيه الخمس، وأما المؤونة المصروفة التي صرفت في تحصيل ما يتعلق به الخمس فلا خمس فيها. يُضاف إلى ذلك الروايات التي تكون صريحة في الدلالة على ذلك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo