< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة الأقوال وذكر الأدلة على إثبات النصاب وعدمه في خمس المعدن:

قلنا بأن المسألة ذات أقوال من جهة اشتراط النصاب وعدم اشتراطه، فالمشهور من المتقدمين ذهبوا الى القول بوجوب الخمس من دون اشتراط بلوغه النصاب المعين، وأما المتاخرون وبعض المتقدمين ذهبوا الى القول باشتراط النصاب في تعلّق الخمس وفي حد النصاب كذلك ذهبوا إلى بلوغه عشرين ديناراً.

وقال العلاّمة في التذكرة: يجب الخمس في المعدن بعد تناوله وتكامل نصابه إن اعتبرناه. [1]

و قريب منه قوله في المنتهى. [2]

و من الواضح أن مقصوده من النصاب هو بلوغه عشرين ديناراً، كما صرح الشهيد الثاني في المسالك بما يعادل عشرين ديناراً كما نقل اكتفاء الشهيد وجماعة ببلوغه مائتي درهم، لأنّها كانت قيمة عشرين ديناراً في صدر الإسلام [3] .

فلذلك لا فرق بين عشرين ديناراً أو مائتي درهم وإنما الملاك عندهم بلوغ النصاب، فلانعتبرهما قولين متضادين بل نعتبرهما قولاً واحداً وإنما الاختلاف في تعيين قيمة ما يخرج من المعدن بالدينار أو الدرهم.

فظهر أن هذه هي الأقوال المختلفة والمتنوعة في المسألة، وبالتالي ليست المسألة إجماعية كما يدّعي البعض، بل إن المسألة من المسائل الخلافية بين أصحابنا.

ومع وجود هذه الاختلافات لا يمكن تصور الاجماع في ذلك؛ لأنه من المستحيل تحقق الاجماع في فرض وجود الخلافات العديدة.

لأن الإجماع في موضع النزاع غير مسموع، كما قاله العلامة في المختلف: وكيف يدعى الإجماع في موضع الخلاف من مثل ابن بابويه والشيخ و أبي الصلاح وغيرهم.

 

الأدلة في المقام:

 

لاشك في أن كلا الجانبين استدل بالنصوص والروايات، والعمدة في الاستدلال هو الاستدلال بالنصوص والروايات، وكذلك تعابيرهم مأخوذة من الروايات.

و أشار إليه المحقق في الشرائع حيث قال:

"الثاني: المعادن. سواء كانت منطبعة، كالذهب والفضة والرصاص، أو غير منطبعة كالياقوت والزبرجد والكحل، أو مائعة كالقير والنفط والكبريت، ويجب فيه الخمس بعد المؤونة، وقيل: لا يجب حتى يبلغ عشرين ديناراً، وهو المروي، والأول أكثر"[4] .

و اذا كان كذلك فيجب في مقام ذكر الأدلة دراسة الروايات والنصوص وكيفية الاستدلال بها في الجانبين.

أما القائلون بالقول الأول وهو القول المشهور عند المتقدمين فقد استدلوابإ روايات خمس المعدن يعني استدل القائل بما ورد في النص بشكل مطلق من دون ذكر النصاب فقالوا عدم ذكر النصاب في النصوص دليل على عدم اشتراط النصاب في المعدن.

مثل صحيحة عمّار بن مروان المتقدم ذكرها قال: سمعت أبا عبد اللّه (ع) يقول: فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز، الخمس[5] .

و أيضا مثل مرسلة ابن أبي عمير: الخمس على خمسة أشياء على: الكنوز، والمعادن، والغوص، والغنيمة. ونسي ابن أبي عمير الخامسة[6] .

وواضح أن مقتضى الإطلاق ما دل على وجوب الخمس في المعدن مثل هذه النصوص هو القول بوجوب الخمس وعدم اشتراط النصاب؛ لأن الاشتراط زيادة والزيادة تحتاج إلى الدليل، والفرض فيما نحن فيه عدم وجود الدليل على الاشتراط.

والذي ذكرناه غاية ما يمكن الاستدلال به على القول الأول والنشهور عند القدماء والمتقدمين.

و أما ما نحن فيه فيمكن الاشكال على الاستدلال بأنه نعم مقتضى الإطلاق عدم التقييد وهنا كذلك عدم الاشتراط ولكنه بعد إحراز الإطلاق وإثبات الأمر، يعني بعد أن أثبتنا أن الإمام في مقام بيان الإطلاق في الحكم وعدم ذكر شرائطه فمقتضى ذلك عدم الاشتراط، وأما إذا لم يثبت ذلك بل من المحتمل والأقوى عدم كون الإمام في مقام تبيين الشرائط بل كان في مقام بيان أصل وجوب الخمس كما أنه ذكر عدة موارد مما يجب فيه الخمس ولم يكن في مقام بيان شرائط كل مورد مما يجب فيه الخمس فهذا الإطلاق ليسن مقتضاه عدم الاشتراط بل مقتضاه قابلية الحكم للاشتراط.

يعني أن الإطلاق في هاتين الروايتين في مقام بيان أصل الحكم دون ذكر شرائطه، فمن الممكن تقييدهما بما دلّ على النصاب بالنصوص الخاصة في المقام.

وإنما الشاهد على ذلك هو اضطراب كلمات الشيخ الطوسي لأنه في أحد كتبه قال بالقول الأول وفي بعضه الآخر قال باعتبار النصاب.

والإطلاق الذي استدل به البعض في قول سائر الفقهاء ليس دليلاً على نفي الشرائط بل يحتمل التقييد.

فالنتيجة: إن القول الأول قابل للمناقشة من هذه الجهة وبقي الاستدلال بشهرة القول بين المتقدمين فهل يمكن رفض قول المشهور بين المتقدمين أو لا؟ هذا أمر يحتاج الى دراسة أكثر، وخصوصاً في هذا الجانب وهو: هل إن هذا القول مشهور أو يمكن المناقشة في شهرة القول بين المتقدمين؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo