< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/07/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالحكم القسم الرابع من أقسام المعدن وتعلق الخمس به:

قد تحدثنا من قبل حول أقسام المعدن وتعلق الخمس بها وقلنا: إنّ المعدن إمّا أن يكون في باطن الأرض، أو في ظاهرها، وكلّ منهما إمّا أن يكون من جنس الأرض أو من غير جنسها، فمجموع الأقسام أربعة.

و تحدثنا أيضا حول كيفية تعلق الخمس بالأقسام الثلاثة وبقي الرابع .

و هو (ما كان في سطح الأرض، ومن جنسها: كالجصّ والنورة وطين الغسل والطين الأحمر ونحو ذلك).

و كما قلنا: إن الملاك في تعلق الخمس بأقسام المعدن حسب ما استفدنا من النصوص، والتأمل فيها هو صدق العنوان فقط، وبما أن تشخيص صدق العنوان يعتبر من وظيفة العرف، وليس من وظيفة الشارع ففي هذا القسم أيضاً نرجع إلى العرف لنرى أنّ صدق عنوان المعدن على هذا القسم حسب ظاهر ما يحكمه العرف بعيدٌ، لأنّ هذا القسم من سطح الأرض أولاً، وهو خلاف ما نص عليه أهل اللغة بما هم من أهل العرف، ولا يوجد فيه جميع شرائطه العرفية من كونه في باطن الأرض، ومخالفته لجنس الأرض، فيُشكِل صدق عنوان المعدن عليه.

ولكنّ بعض موارد ما يُجمَع من سطح الأرض من الأشياء القيّمة؛ كالأحجار القيمة والكريمة يمكن القول بصدق عنوان المعدن عليه، وذلك أنه أولاً: يوجد فيه نفع عظيم، وثانياً: لحاجته إلى التصفية والمعالجة، وهو مشترك مع ما في باطن الأرض، وكما بيّنا سابقاً إنما يجري العرف في خصوص بعض الحالات دون البعض، فيُحكم بصدق العنوان عليه.

و مضافاً إلى ذلك يوجد بعض الإشارات المفيدة لصدق العنوان في النصوص والروايات.

مثل ما ورد في ذيل صحيح محمّد بن مسلم حيث قال: (... فقلت: والكبريت والنفط يخرج من‌ الأرض، فقال عليه السلام: هذا وأشباهه فيه الخمس).[1]

و يمكن القول بأن ما في ذيل الرواية يدل على نفي الاختصاص عن الملح وجواز التعدّي منه إلى كلّ ما في ظاهر الأرض.

مضافاً إلى ذلك يمكن استفادة التعميم في صدق عنوان المعدن مما ورد في ذيل صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام‌ بملاكية المعالجة في تعلق الخمس.

عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كل ما كان ركازا ففيه الخمس، وقال: ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفى الخمس.[2]

فدلّ هذا على تعلّق الخمس بكلّ ما توقّف الانتفاع والاستفادة منه على العلاج والتصفية، وهو أعمّ ممّا هو في باطن الأرض أو في خارجها كالملح والقير ونحو ذلك.

فيحتمل و ما هو ببعيد أن يكون هذا أيضاً ملاكاً في صدق عنوان المعدن في نظر العرف، وإذا كان كذلك فلاشك في صدق عنوان المعدن على القسم الرابع أيضاً فيتعلق به الخمس.

و لا يخفى أن ما يحتاج إلى المعالجة فهو بعض موارد القسم الرابع و ليس الكل.

فعلى هذا يمكن القول بتعلق الخمس في بعض موارد القسم الرابع وتشخيصه بيد العرف.

بقي لدينا: (حكم ما شُكَّ في صدق العنوان عليه)

قال السيد الإمام الخميني(ره) : وما شك أنه منه لا يجب فيه الخمس من هذه الجهة.[3]

فكلام السيد الإمام واضح بالنسبة إلى مورد الشك، لأن الملاك كما قلنا: نفياً وإثباتاً دائرٌ مدارَ صدق العنوان ولا ريب في أنه يشترط في صدق العنوان إحرازه في الخارج كي يتعلق به الحكم مثل وجوب الخمس، و ما دام لم يحرز صدق العنوان لا يجب الخمس، لأن الواجب هنا هو الرجوع إلى الأصل العملي، و لا ريب في أن الأصل في هذا المورد هو براءة ذمة المكلف، لأنه لم يتعلق بذمته الوجوب كي تشمله قاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، بل إنما لم يتعلق به الوجوب ولم يشرع له الوجوب حين وجود الشك فلذلك لا يتعلق به الخمس.

و بعبارة أخرى حيث إن الموضوع موكول إلى نظر أهل العرف في تشخيص المعدن فقد ينتهي إلى حد يقع الشك فيه من جهة الشك في الصدق لا المصداق، فيكون الأصل فيه هو العدم لأجل البراءة من جهة الشك بالنسبة إلى المشكوك في أصل التكليف لانحلال التكليف إلى المتعددات حسب تعدد موضوعه، فالشك في حكم المشكوك كونه معدناً شكٌّ في أصل التكليف، و لاشك في جريان أصل العدم فيه. فراجع مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى للشيخ محمد تقي الآملي.[4]

وأما النقطة التي يجب التنبيه عليها في هذا المقام هي أنه إذا قلنا بعدم وجوب الخمس في فرض الشك في صدق عنوان المعدن، فمعناه عدم وجوب الخمس من جهة عنوان المعدن، و أما أنه لا يجب عليه الخمس بعنوان آخر كمثل عنوان مطلق الفوائد أو لا؟

فلاشك في أن المقصود من عدم وجوب الخمس عدمه من جهة الشك في صدق العنوان، و أما من جهة أخرى أو من جهات أخرى مثل وجوب الخمس بعنوان مطلق الفوائد فلا مانع من شموله.

و إنما الفرق بين هذا العنوان الذي تحدثنا حوله وهو المعدن وبين عنوان مطلق الفوائد هو استثناء مؤونة السنة وعدم استثناء مؤونة السنة، لأنه في الفرض الأول: لا يستثنى، ويجب فيه بمجرد تملك و صدق الاسم، وأما في الفرض الثاني يستثنى و يجب فيه الخمس بعد مرور السنة و استثناء المؤونة.

فعلى ذلك عند الشكّ في صدق عنوان المعدن يُحكَم بترتّب حكم خمس مطلق الفائدة، ويجوز حينئذٍ استثناء مؤونة السنة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo