< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/07/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أقسام المعدن و تعلق الخمس بها:

كان كلامنا حول موضوع الخمس وتعلقه بالمعدن، وجِهات البحث فيه؛ وتحدثنا حول وجوب خمس المعدن، وقلنا: إن أصل المسألة ثابت عند الفريقين، و مما لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في تعين مفهوم المعدن و تطبيق المفهوم بعد تعينه على المصاديق.

أما تعيين المفهوم فأثبتنا أنه من وظيفة العرف العام الصحيح الدقيق، ولا دخل للشرع فيه، وليس من صلاحية الشرع لأنه من الموضوعات العرفية، والعرف يعيّن الموضوع في الخارج حسب فهمه.

وأما النصوص والروايات التي تعرّضت لبعض مصاديق المعدن فقلنا إنها عبارة عن التعرض إما بأوضح المصاديق عند العرف، أو بالتعرض للمصاديق التي لا يعرفها العرف، أو يمكن انحراف العرف عنها في مقام التطبيق، ولكن المهم أنّ الشارع ليس في مقام تعيين المفهوم.

فأما التطبيق على المصاديق فلابد من الالتفات إلى أقسام المعدن.

فنقول: إنّ المعدن إمّا أن يكون في باطن الأرض أو في ظاهرها، وكلٌّ منهما إمّا يكون من جنس الأرض أو من غير جنسها، فمجموع الأقسام أربعة.

الأول: ما يكون في باطن الأرض و من غير جنسها.

الثاني: ما يكون في باطن الأرض و من جنسها.

الثالث: ما يكون في سطح الأرض و من غير جنسها كالملح والقير ونحوهما.

الرابع: ما كان في سطح الأرض ومن جنسها كالجصّ والنورة وطين الغسل والطين الأحمر ونحو ذلك.

و يظهر مما بيّناه آنفاً أنّ وجوب الخمس تابع لصدق العنوان عليه في الموضوعات العرفية كالمعدن مثلاً، وبيّنا أنّ التطبيق تابع لتعيين المفهوم، وذلك كتعيين المفهوم من وظيفة العرف.

فلذلك نرجع إلى العرف في تطبيق هذه الأقسام الأربعة في صِدق عنوان المعدن.

و بما أننا اعتبرنا أن أهل اللغة جزء من أهل العرف، وبيّنا المعنى اللغوي وطبقناه على الروايات والنصوص فنرجع إلى العرف في التطبيق .

فأما القسم الأول من الأقسام الأربعة(وهو ما يكون في باطن الأرض وليس من جنسها) : فلا إشكال ولا خلاف في صدق عنوان المعدن عليه وتعلّق الخمس به، لأنه مشتمل على كل ما يحتمل دخله في صدق عنوان المعدن، وأنّه مناسب للمعنى اللغوي، و حسب المعنى اللغوي يطلق عنوان المعدن على مركز كلّ شيء كما صرح به في الصحاح، وكذلك مناسب لبعض الإشارات التي وردت في النصوص كما وردت في صحيح عمار بن مروان (فيما يخرج من المعادن) وأمثاله ومثل هذه العبارة تحكي إخراج نوع من وجود المعدن في باطن الأرض و ان لم يختص به. لأن الإخراج فرع كون الشيء داخلاً، وهذا القسم داخل في الأرض.

فإذن لا شك في تعلق الخمس به، لأن ما يصدق عليه عنوان المعدن حقيقةً ويقيناً ويتعلق الخمس به من حيث النصّ والفتوى هو المعادن الباطنة التي تكون من غير جنس الأرض، مضافا إلى عِظم نفعه ما في باطن الأرض.

و أما القسم الثاني (وهو ما يكون في باطن الأرض و من جنسها) : وبالشكل الطبيعي يستخرج من الأرض للانتفاع به بسبب التصفية مثلاً فلا ينبغي الشك في صدق العنوان المعدن عليه، وذلك لأننا قد بيّنا أن ملاك تحقق عنوان المعدن عند العرف موجود قطعا في ما يستخرج من الـأرض بلا شك.

و أما القسم الثالث (وهو ما يكون في سطح الأرض ومن غير جنسها كالملح والقير ونحوهما) :

فبحسب المعنى اللغوي و قضية العرف في ذلك فيمكن لأحد أن يقول: إنه لا يصدق عليه عنوان المعدن حقيقة عند أهل العرف، و لا يتعلق به الخمس، وبعد أن تأملنا في الروايات والنصوص ظهر لنا أن الذي يقتضيه التحقيق أنّه أيضا من مصاديق المعدن، لأنّ الشارع قد ألحقه بالمعدن ورتّب عليه حكمه في مثل صحيح محمّد بن مسلم حيث قال سألت أبا جعفر عليه السلام: عن الملّاحة، فقال عليه السلام: وما الملّاحة؟ فقلت: أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحاً، فقال عليه السلام: هذا المعدن فيه الخمس، فقلت: والكبريت والنفط يخرج من‌ الأرض، فقال عليه السلام: هذا وأشباهه فيه الخمس.[1]

ففي الحقيقة إن القسم الثالث أيضا من مصاديق المعدن [2] عند الشارع، ولكن المهم ليس معدنا شرعيا كما قاله السيد الخوئي، بل الشارع سأل الراوي عن تعريفه للموضوع فقال له ماهيته، وبعد ذلك صرح بإطلاق المعدن عليه و تعلق الخمس به .

فالشارع أيضا اعتمد على تشخيص العرف.

و أما القسم الرابع فهو محل الكلام عند البعض فنتحدث حوله في الدرس القادم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo