< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/07/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التفات إلى مرجعية العرف في موضوعات الأحكام الشرعية وأقسامها:

من المباحث الضرروية في بحث العرف ودوره في الشرع واستنباط الأحكام الشرعية هو الالتفات إلى موضوعات الأحكام وتقسيمها إلى الأقسام الثلاثة، ولا شك في أن استنباط الأحكام بدون الالتفات إلى ذلك غير معقول.

لذلك رأينا أن البحث حول عنوان "العرف" ودوره في مرحلة الاستنباط أمرٌ ضرروي ومهم، ونريد أن نبدأ بالبحث حوله كي يتضح لنا الواقع.

لا شك في أن لموضوعات الأحكام الشرعية انقسامات عديدة قبل تعلق الحكم وبعد تعلق الحكم، وهذا التقسيم باعتبار اختراعها وتأسيسها، واعتبار القيود والتصرف فيها من جانب الشارع، أو عدم اعتبار القيود وعدم التصرف فيها من جانب الشارع وإحالة تشخيصها إلى فهم العرف.

لذا قسّم علماء الأصول موضوعات الأحكام التكليفية والوضعية إلى قسمين: تأسيسية وعرفية، وقسموا الموضوعات العرفية إلى قسمين: عرفية محضة لم يعتبر الشارع فيها أي قيد، وعرفية غير محضة اعتبر الشارع فيها قيوداً.

فقال المحقق النائيني في ذلك: وأما موضوعات الأحكام الوضعية فقد تكون تأسيسية وقد تكون إمضائية كنفس الحكم الوضعي؛ فالأول كأخذ السيادة والفقر موضوعاً لتملك السادات والفقراء الخمس والزكاة، فإنه لو لم يعتبر الشارع ذلك لا تكاد تكون السيادة والفقر موضوعاً للتملك.

والثاني كالعقد والسبق والرماية وحيازة المباحات ونحو ذلك من الموضوعات والأسباب العرفية للملكية ونحوها، فإن السبب الشرعي للملكية في هذه الأمور هو السبب العرفي، غايته أن الشارع تصرف فيه بزيادة قيد ونقصانه وليست ماهية السبب من المخترعات الشرعية، وعلى جميع التقادير مجعول الشرعي تأسيسياً أو إمضاء إنما هو معنى كلي مترتب على موضوعه نحو ترتب المعلول على علته والعرض على معروضه([1] ).

فبحسب هذا البيان يمكن القول بأن موضوعات الأحكام الشرعية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: الموضوعات التي اخترع لها الشارع معاني جديدة غير معانيها المتعارفة عند العرف وأهل اللغة.

وهذا القسم هو الموضوعات والعناوين المخترعة كالوضوء والغسل والصلاة والصوم والحج والخمس والزكاة وكثير من هذه الأمثلة. وهذا القسم يعبر عنه بالموضوعات المستنبطة؛ لأن تحديدها وتعيينها دائر مدار استنباطها من الأدلة الشرعية وفتاوى الفقهاء.

القسم الثاني: الموضوعات العرفية التي اعتبر الشارع فيها قيوداً وخصوصيات، وهذا القسم ليس عرفياً محضاً بل هو العرفي الممزوج بالقيود الشرعية، ومن أمثلته: الغناء، والمسافر، والبلوغ، والنكاح، والطلاق، والبيع، ونحو ذلك.

ويمكننا أن نعبر عن هذا القسم بالموضوعات المستنبطة؛ لأن تشخيصها منوطٌ باستنباط الفقيه، ويدور مدار هذا الاستنباط الفقيه.

وإنما المهم أن نعلم أن هذه الموارد ليست موضوعات مستنبطه شرعية كالقسم الأول؛ بل موضوعات مستنبطة عرفية أو لغوية.

وللسيد الامام الخميني (رض) كلمات مهمة في تبيين مصاديق هذا القسم، نلتفت اليها في هذا المجال.

يقول: وإنْ كان التحقيق عدم مجعوليّة الزوجيّة شرعاً، لا بنحو الأصالة ولا بنحو آخر، فإنّ الزوجيّة من الأمور العقلائيّة ومن الاعتبارات التي يكون أساس الحياة الاجتماعية ونظامها متوقّفاً عليها، ولا تكون من المخترعات الشرعيّة. نعم؛ إنّ الشرائع قد تصرّفت فيها نوع تصرّفات في حدودها، لا أنّها اخترعتها، بل اتّخاذ الزوج وتشكيل العائلة من مرتكزات بعض الحيوانات أيضاً([2] ).

القسم الثالث: الموضوعات العرفية المحضة التي لم يعتبر الشارع فيها أي قيد وخصوصية، بل اعتبرها موضوعاً للحكم الشرعي بما لها من المعاني العرفيه واللغوية. وهذا القسم يشمل كل موضوع لم يعتبر الشارع فيه شيئاً، وله نماذج عديدة. سنذكرها لكم إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo