< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المقام الثاني من البحث (ايرادات حول الاستدلال بالروايات على جواز أخذ مال الناصب أين وجد)

تحدثنا في الدرس الماضي حول إيراد ابن إدريس الحلي على الاستدلال بصحيحة ابن أبي عمير وخبر المعلى بن خنيس، وإيراد صاحب الحدائق على ابن إدريس، وأجبنا عنهما بجوابين مستقلين.

أما كلام السيد البروجردي في إعراض الأصحاب عن هاتين الروايتين فقد جاء فيه:

إنّ الناصب منتحلٌ بالإسلام وإن كان قد أنكر ضرورياً من ضرورياته؛ وهو حب أهل البيت(ع) الثابت بقوله تعالى:﴿ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ [1] لكنه لم يعمل الأصحاب بظاهر الروايتين، ولم يقولوا بحلّية مالِ كلِّ ناصبي لكل شيعي أينما وجده وكيفما وجده كمال الكافر الحربي ([2] )

ما قاله السيد البروجردي صحيح، ولكن لعلّ كلامه قد نشأ من عدم تصريح الأصحاب - خصوصاً القدماء - بالمسألة في كلماتهم ولكن من الواضح أن عدم تصريحهم لا يدل على إعراضهم عن الروايتين، بل من الممكن أن يكون عدم التصريح لجهة خاصة أو لاكفتائهم بدخول الناصب في الكافر في كتاب الطهارة وأمثالها. والنتيجة أنّ إعراضهم غير ثابت بل عدم تصريحهم بالمسألة ثابت.

مضافاً إلى ما قلنا في تحليل الإشكالات المذكورة في الموضوع، فإن أمثال هؤلاء النواصب قد بغوا على الإمام أمير المومنين (ع)، لكنه لم يعاملهم معاملة الكافر الحربي، وإن كان إطلاق عنوان الكافر عليهم صحيحاً، ويجوز قتلهم بالطريق الذي تحدثنا بها سابقاً، لكن الإمام عاملهم معاملة المسلم المنحرف في سائر الموارد كالأموال. والروايتان الآتيتان توضحان ذلك:

بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ، أَمُشْرِكِينَ كَانُوا؟ قَالَ مِنَ‌ الشِّرْكِ‌ فَرُّوا. فَقِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مُنَافِقِينَ كَانُوا؟ قَالَ: الْمُنَافِقُونَ‌ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا. فَقِيلَ لَهُ فَمَا هُمْ؟ قَالَ: قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا فَنَصَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ([3] ).

وفي كتاب ابن أعثم ورد عن الإمام علي (ع) بأنه قال بشأنهم بعد أن سُئل عن حالهم وعن شركهم ونفاقهم وغيرهما:

هُم قَومٌ‌ مَرَقوا مِن‌ دينِ‌ الإِسلامِ‌، كَما مَرَقَ السَّهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ؛ يَقرَؤونَ القُرآنَ فَلا يَتَجاوَزُ تَراقِيَهُم، فَطوبى لِمَن قَتَلَهُم أو قَتَلوهُ([4] ).

فهاتان الروايتان تعارضهما عدة من الروايات، فيها الصحيحة والمقبولة، وبمجموعها قطعي السند - وعلى تعبير بعض الفقهاء كالسيد الشاهرودي ربما تكون متواترة - تدل على احترام أموال الخارجين على الإمام والنواصب.

وهذا من قبيل ما رواه مسعدة بن زياد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال مروان بن الحكم: لما هزمنا عليٌّ بالبصرة رد على الناس أموالهم، من أقام بينة أعطاه ومن لم يقم بينة أحلفَهُ([5] ).

وإن قيل بأن الإمام علي (ع) قد منَّ عليهم مع كون أموالهم مهدورة وكون الإمام يستحق أخذ اموالهم قلنا: هذا خلاف الظاهر، خصوصاً مع تصريح الإمام في بعض الموارد بأن دار الاسلام تختلف عن دار الشرك.

وعلى أية حال فالقول بجواز أخذ مال الناصب لأجل نصبه العداء لأهل البيت أين وجد هو محلُّ إشكال، ولا يمكن القبول به.

نعم؛ هو ملحقٌ بالكافر من جهة عدم صحة العقيدة، وحتى لو قلنا بحواز قتله كالمرتد فلا يمكن القول بجواز أخذ ماله.


[2] السيد حسين الطباطبائي البروجردي، زبدة المقال في خمس الرسول والآل، ص13.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo