< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/04/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم غنيمة دار الحرب إذا كانت بغير إذن الإمام، والتفصيل بين زماني الحضور والغيبة، وهل يوجد فرق بين ما إذا كان الجهاد للدعاء إلى الإسلام وغيره؟

ذكر السيد الإمام الخميني (رض) في كتاب الخمس هذين الفرعين الجديدين:

الأول: التفصيل بين زماني الحضور والغيبة.

الثاني: الفرق بين ما إذا كان الجهاد للدعاء إلى الإسلام وغيره.

فقال: وأمّا ما اغتُنم بالغزو من غير إذنه، فإن كان في حال الحضور والتمكّن من الاستئذان منه فهو من الأنفال، وأمّا ما كان في حال الغيبة وعدم التمكّن من الاستئذان فالأقوى وجوب الخمس فيه، سيّما إذا كان للدعاء إلى الإسلام.

فشمول عبارة السيد الإمام للفرعين المذكورين مما لا خلاف فيه؛ لأنه قال بالتفصيل بين زماني الحضور والغيبة والتمكن من الاستئذان وعدم التمكن منه، ففي الأول قال بعدم وجوب الخمس واعتبر المال من الأنفال، وفي الثاني قد قوى القول بالوجوب فقال: فالأقوى وجوب الخمس.

وأما الفرع الثاني في الفرق بين ما يكون الجهاد لدعوة الناس إلى الله وغيره. فقد قوى السيد الإمام كذلك وجوب الخمس فيه إذا كان للدعاء إلى الإسلام. هذا رأي السيد الإمام وهو واضح، وشبيه ما قاله الإمام هو قول السيد اليزدي في العروة الوثقى:

وأمّا إذا كان الغزو بغير إذن الإمام (عليه السّلام)، فإن كان في زمان الحضور وإمكان الاستئذان منه فالغنيمة للإمام (عليه السّلام)، وإن كان في زمن الغيبة فالأحوط إخراج خمسها من حيث الغنيمة، خصوصاً إذا كان للدعاء إلى الإسلام([1] ).

فالظاهر أن المسألة مشهورة في غاية الاشتهار ولا حاجة فيها إلى ذكر أقوال الفقهاء، و قد شرحنا المسألة بجوانبها، خصوصاً في اشتراط إذن الإمام في القتال في وجوب خمس الغنيمة. والمهم في ذلك هو التفصيل بين زماني الحضور والغيبة، والتمكن من الاستئذان وعدمه.

ولا شك في أن البحث هنا في الشق الأول - كما قلنا في أصل المسألة - مشهورٌ لو لم يكن إجماعياً (كما ادّعي عليه الإجماع من البعض) وثابت بالأدلة التي ذكرناها في اشتراط إذن الإمام، مضافاً إلى أن أكمل مصداق لاشتراط إذن الإمام هو زمان الحضور والتمكن من الاستئذان بدون شك.

و أما بالنسبة إلى زمان الغيبة فنحتاج إلى البحث حول المسألة من جوانب ثلاثة:

أولاً: إطلاق الأدلة وشمولها لزمن الغيبة.

ثانياً: في تعيين المقصود من عنوان الإمام؛ فهل هو الإمام المعصوم (عليه السلام) أم المقصود هو الحاكم الاسلامي؟

ثالثاً: هل المقصود من الإذن في القتال هو الجهاد الابتدائي؟ أم الأعم منه والدفاعي؟

أما الأول: فقد تحدثنا فيه بالتفصيل، وانتهينا إلى أن عمدة الدليل عندنا في اشتراط إذن الإمام منحصر في مرسلة الوراق، وبعض المؤيدات، ولم نستدل عليه بالإجماع؛ لئلا يقال أن الإجماع دليلٌ لبيٌّ ولا اطلاق فيه ولا بد من الوقوف على القدر المتيقن، أما الدليل اللفظي كمثل مرسلة الوراق فلا شك في إطلاقها وشمولها لزمن الغيبة، لأنه روي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إِذَا غَزَا قَوْمٌ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ فَغَنِمُوا كَانَتِ الْغَنِيمَةُ كُلُّهَا لِلْإِمَامِ، وَإِذَا غزوا بأمر الإِمام فغنموا كان للإِمام الخمس.

وأما الثاني: بالنسبة إلى أن المقصود من الإمام هل هو الإمام المعصوم أو يشمل الحاكم الإسلامي؟ فلابد من البحث حوله في كتاب الجهاد، والبحث طويل لا نريد أن ندخل فيه في كتاب الخمس.

وأما الثالث: بالنسبة للمقصود من الجهاد فنقول: إن قلنا بجواز الجهاد الابتدائي في زمن الغيبة بإذن نائب الإمام، فالأمر أيضاً واضح ونقول بما قلنا به في شأن الإمام المعصوم، لأنّ إذنه يقوم مقام إذن الإمام عليه السلام؛ فلو قاتلوا بغير إذنه كانت الغنيمة كلّها من الأنفال المعلوم مصرفها، وإن قلنا بعدم جواز الجهاد الابتدائي في زمن الغيبة بإذن نائب الإمام، فالأقوى أيضاً كونها كذلك، لأنّ ظاهر حديث الورّاق اشتراط الإذن، فإذا انعدم كانت الغنيمة كلّها للإمام، سواءٌ كان لعدم الوصول إلى الإمام عليه السلام أو عدم إذنه (عليه السلام) مع الوصول له، ولا مجال لذكر موضوع انصراف الإطلاق.

مضافا إلى ذلك أن الحكمة التي قلنا بوجودها - إما ظناً أو قطعاً - في الحكم باشتراط إذن الإمام؛ وهي عدم مبادرة الناس إلى الحروب بغير الإذن طمعاً في الغنائم، فهذه الحكمة نفسها موجودة في عصر الغيبة، وعامة شاملة لعصري الحضور والغيبة.

و أما في الجهاد الدفاعي كما إذا كانت الحرب للدفاع عن الإسلام والمسلمين مثل ما إذا كان هناك هجوم من ناحية الكفّار، كانت الغنيمة فيها للمقاتلين، ولأرباب الخمس هو الخمس لا غير، لإطلاق الآية وعدم اشتراط الإذن في الجهاد الدفاعي ابتدائاً، بل يشترط استدامة.

 

الحمد لله ربّ العالمين


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo