< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: وجوب الخمس في الغنيمة هل هو خاص بما حازه العسكر من المنقولات؟ أم عام يشمل الجميع من منقول وغيره؟

هذا الفرع من الفروع التي ذكرها السيد الإمام الخميني في بيانه الذي قدمناه بعد اشتراط إذن الإمام في القتال، حينما قال: من غير فرق بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه كالأرض و نحوها على الأصح.

إن عبارة السيد الإمام تحتمل البحث الموضوعي الذي هو خارج عن شأن الفقيه، وتحتمل البحث الحكمي المتعلق ببيان الحكم الشرعي؛ لأن البحث في وجوب الخمس في الغنيمة بحث موضوعي، في أن الأرض مثلاً هل يطلق عليها عنوان الغنيمة أم لا؟ ومن جانب البحث الحكمي هل يجب الخمس في الأموال غير المنقولة أم لا؟.

والمعروف بين الفقهاء أن تشخيص الموضوع واقعٌ على عاتق العرف وليس من شأن الفقيه. نعم؛ هو من شأن الفقيه الحاكم، ومثال ذلك: إنّ الإمام الخامنئي- وهو الفقيه الحاكم- قد أسس بعض المؤسسات واستقدم إليها خبراء ومختصين عاكفين على تشخيص الموضوعات الخارجية، ومن مصاديق عمل هذه المؤسسات تشخيصُ مقدار الفرسخ، الذي صدرت على إثره فتوى جديدة من السيد القائد.

قسم السيد الإمام هذا الفرع من جهة الأقوال بين قولين: الصحيح والأصح، فقال: القول الأصح عدم الفرق بين الجانبين وشمول الحكم للمنقول وغيره.

في المعركة قد تبقى بعض الأشياء والأغراض التي لايأخذها المقاتل ولا يجمعها كالأراضي والبيوت وحتى بعض آليات الحرب التي لايمكن نقلها بسهولة، فهل يتعلق بها الخمس أم كلها ملك للامام؟ وبعبارة أخرى هل تعبتر هذه الموارد غنيمة حتى يصح القول بأن خمسها للإمام؟ أم تعتبر من الأنفال حتى يصح القول بأن كلها للإمام؟

يظهر مما قاله السيد الإمام أن في المسألة قولين أو ثلاثة: وجوب الخمس وعدم وجوب الخمس، والتفصيل بين تملُّك الباقي (أربعة أخماس) للمقاتلين فقط، أو للمسلمين عامة من دون فرق بين المقاتل غيره. والسيد الإمام يصرح بأن الأول - أي وجوب الخمس و عدم الفرق بين المنقول وغيره- أصح.

أقوال الفقهاء:

تعرض الشيخ الطوسي للمسألة في كتابيه النهاية والخلاف، وأشار فيهما لأقوال الخاصة والعامة، فقال في النهاية:

كلّ ما يغنمه المسلمون من دار الحرب من جميع الأصناف التي قدّمناه ذكرها، ممّا حواه العسكر يخرج منه الخمس، وأربعة أخماس ما يبقى يقسم بين المقاتلة، وما لم يحوه العسكر من الأرضين والعقارات وغيرها من أنواع الغنائم يخرج منه الخمس، والباقي تكون للمسلمين قاطبة: مقاتليهم وغير مقاتليهم، يقسمه الإمام بينهم على قدر ما يراه من مئونتهم، والخمس يأخذه الإمام فيقسمه ستّة أقسام: قسماً للّه، وقسماً لرسوله، وقسماً لذي القربى. فقسم اللّٰه وقسم الرّسول وقسم ذي القربى للإمام خاصّة، يصرفه في أمور نفسه وما يلزمه من مؤونة غيره. [1]

و أما في كتابه الخلاف في المسألة 18 (خمس مالا ينقل ولا يحوّل)

فيقول: ما لا ينقل ولا يحول من الدور والعقارات والأرضين عندنا أن‌ فيه الخمس، فيكون لأهله، والباقي لجميع المسلمين، من حضر القتال ومن لم يحضر، فيصرف انتفاعه إلى مصالحهم. وعند الشافعي: أن حكمه حكم ما ينقل ويحول خمسه لأهل الخمس، والباقي للمقاتلة الغانمين . وبه قال ابن الزبير. وذهب قوم: إلى أن الإمام مخير فيه بين شيئين، بين أن يقسمه على الغانمين، وبين أن يقفه على المسلمين. ذهب إليه عمر، ومعاذ، والثوري، وعبد الله بن المبارك.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه: إلى أن الإمام مخير فيه بين ثلاثة أشياء: بين أن يقسمه على الغانمين، وبين أن يقفهُ على المسلمين، وبين أن يقر أهلها عليها، ويضرب عليها الجزية باسم الخراج. فإن شاء أقر أهلها الذين كانوا فيها، وإن شاء أخرج أولئك وأتى بقوم آخرين من المشركين وأقرهم فيها وضرب عليهم الجزية باسم الخراج.

و ذهب مالك: إلى أن ذلك يصير وقفاً على المسلمين بنفس الاستغنام والأخذ من غير إيقاف الإمام، فلا يجوز بيعه ولا شرائه.

دليلنا: إجماع الفرقة و أخبارهم.[2]

فظهر أن أحد القولين في المسألة - وهو قول المشهور - هو تعلق الخمس بأموال دار الحرب بشكل عام والباقي للمسلمين قاطبة، ولا فرق بين المقاتل وغير المقاتل، وادعي عليه الإجماع من الطرفين؛ يعني من طرف تعلق الخمس ومن تملك المسلمين للباقي (أي أربعة أخماس بعد إخراج الخمس).

ويظهر من عبارة الشيخ الطوسي إجماع الشيعة على تعلق الخمس بالأرضين أيضاً، كإجماعهم على كون الباقي ملكاً للمسلمين ولكن بعنوان "ملكاً شبه الوقف"، وأما المخالفون فاختلفوا بين قائل بمذهب الشيعة الإمامية، وقائل بالتخيير بين اثنين أو ثلاثة، أو اختصاصها بالمسلمين من غير خمس.

و أما القول الثاني فهو خلاف المشهور، وهو قول صاحب الحدائق والسيد البروجردي والسيد في العروة والسيد الخوئي و غيرهم.

ويمكن القول أن ثمّةَ قولاً ثالثاً بأنّ غير المنقول كالمنقول؛ يتعلق به الخمس، والباقي للمقاتلين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo