< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تحقيقٌ في اختلاف نسخ صحيحة معاوية بن وهب

ضمن البحث حول الأدلة على اشتراط إذن الامام في القتال في وجوب خمس الغنيمة، تعرضنا لصحيحة معاوية بن وهب، وبدأنا بالبحث أولاً في جانب دلالة الحديث وبعد ذكر الاشكالات على دلالتها وصلنا الى أن دلالتها تامة ولا يرد عليها إشكال، ثم بدأنا بالبحث حول سندها وقلنا أن الرواية صحيحة ولا يرد عليها إشكال من جهة السند، وبالنتيجة قلنا أن صحيحة معاوية بن وهب تامة الدلالة والسند.

ولكننا واجهنا جانباً ثالثاً في الصحيحة وهو جانب المتن؛ فوجدنا المتن مضطرباً من جهة الصدر والذيل، من حيث أن الحكم الموجود فيها لم يقل به أحد ولا يمكن القول به؛ لأنه مخالف لصريح آية الخمس، وكما تتذكرون أن الرواية قالت: "قسّم بين المقاتلين ثلاثة أخماس" والحال أن الباقي من الخمس هو أربعة أسهم.

هذا الإيراد يوجب وهن الرواية، وينقصها قيمة واعتباراً، وبحسب ما نفهم من الروايات هذا هو الإشكال الأساس الوارد على الرواية، فلو استطعنا رفع هذا الإشكال يمكننا العمل بهذه الرواية وإلا وجب علينا دفع الرواية رأساً.

ولكن بعض الفضلاء والمحدثين أشاروا – في مقام رد هذا الإشكال- إلى اختلاف نسخ الكافي، والوسائل، ففي الكافي اختفلت الرواية بين النسخ، وفي الوسائل اختلفت الرواية في موردين: في كتاب الخمس وكتاب الجهاد.

اختلاف النسخ:

ففي نسخة الوسائل التي قد حكينا الرواية عنها (ثلاثة أخماس) وأما في كتاب الجهاد من الوسائل (أربعة أخماس )، وأما بالنسبة للكافي – وهو الكتاب الأصلي للرواية- وردت (أربعة اخماس)، ونظراً لعدم إمكان الرجوع للمخطوطات الأصلية نرجع إلى المحققين المتتبعين لذلك، كالشيخ المتتبع المحقق علي أكبر الغفاري الذي اهتم في حياته بتحقيق عدة من مخطوطات الكتب المعتبرة كالكافي، وهو يذكر في تعليقته على هذا الحديث في هامش الكتاب بعد أن جعل العبارة في المتن (أربعة أخماس) قال: كذا في نسخة المطبوع بطهران، وفي الوافي وأكثر نسخ الكتاب والمرآة (ثلاثة أخماس) [1]

و ينقل عن المجلسي في مرآة العقول: هذا نادر لم يقل به أحد، ولعله ُكان مذهب بعض المخالفين، صدر ذلك تقية منهم، ورواية الكليني له غريب. وعدّهُ الفيض (رحمه الله) من الشواذ المتشابهات. [2]

فرأينا أنه في أكثر النسخ، وفي مورد من موارد وسائل الشيعة[3] (كتاب الخمس) حسب ما ذكر المحقق الغفاري أن الرواية فيها (ثلاثة أخماس) وكذلك في الوافي [4] في شرح الكافي، وفي مرآة العقول [5] للعلامة المجلسي كذلك.

فهذه العبارة من الغفاري تدل على أن النسخة عند الفيض عند المجلسي أكثر نسخ الكافي كلها ثلاثة أخماس

ومضافاً إلى ذلك في نسخة صاحب الجواهر [6] وعند النراقي صاحب مستند الشيعة،[7] وكثير من الفقهاء.

و أما (أربعة أخماس) فموجودة فقط في موردين: الكافي المطبوع في طهران، وفي مورد من كتاب الوسائل في كتاب الجهاد. فظهر أن العبارة في أكثر النسخ وفي أكثر الكتب (ثلاثة أخماس) وفي موارد شاذة نادرة وردت (أربعة أخماس).

فمن الواضح أننا إذا واجهنا هذه المشكلة لا نستطيع أن نعتمد على العبارة الموجودة في النسخة المطبوعة النادرة، بل لا بد أولاً أن نراجع النسخ الأصلية الموجودة في أكثر نسخ المصدر الأصلي (الكافي)، ولا بد من طرح الحديث؛ فوجود الاختلاف بهذا الشكل وبهذا المستوى يوجب إسقاط الرواية عن صلاحيتها للاستدلال.

ويمكن أن نذكر مؤيداً لكون هذا الاختلاف سبباً لإسقاط الرواية عن مقام الاستدلال؛ وهو إعراض المشهور عن الاستدلال بها، مع كونها صحيحة السند والدلالة. وواضح أنه كما أن عمل المشهور بالمرسلة جابر لضعف سندها، فبالمقابل إنّ إعراض المشهور كذلك موجب لضعف قيمة الرواية.

ولو لم نقل جميع الفقهاء – كما ادّعى الشيخ الطوسي من إجماعهم- فلا أقل من أنْ نقول بأنّ المشهور أفتَوا باشتراط إذن الإمام، ولكنْ عند ذِكر دليل فتواهم استندوا إلى مرسلة الورّاق، مع أنّ هذه الصحيحة موجودة، فإعراضهم عن الاستناد إليها دليلٌ على أنهم وقفوا عند هذا الاختلاف بين النسخ.

فإن قيل: إنّ الذي قلتموه في اختلاف نسخ الرواية واضطراب المتن، بالنتيجة يبقى على حاله، فلماذا رجحتم بعض النسخ على بعض، فرجّحتم عبارة "ثلاثة أخماس" على عبارة "أربعة أخماس"؟ فالترجيح يحتاج لمرجّح.

نقول:

أولاً: إنّ اتفاق أكثر النسخ على عبارة واحدة يوجب الاطمئنان إلى أن هذه العبارة هي الواقع في المتن.

ثانياً: لو سلمنا بعدم المرجح، فإن نفس الاختلاف بين النسخ يكفينا في مقام إسقاط الرواية عن الاستدلال.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo