< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اشتراط إذن الإمام بالقتال في وجوب خمس الغنيمة.

هذا الفرع من المسائل المعروفة في الفقه، وقد تعرض لها الفقهاء قديماً وحديثاً، والمتأمل في مصادر الفقه يجد في هذه المسألة قولين:

القول الأوّل: شرطية الإذن، بحيث لولاه لصار مجموع الغنيمة للإمام. واختار هذا القول الشيخ الطوسي في النهاية والخلاف، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب، وابن إدريس في السرائر، والمحقّق في الشرائع، والعلاّمة في التذكرة والإرشاد، والشهيد الثاني في المسالك.

القول الثاني: عدم شرطية الإذن. وهذا القول هو الظاهر من المحقّق في المختصر النافع، والمنسوب للعلاّمة في المنتهى، والأردبيلي في مجمع الفائدة. ولا ريب في أن هذين القولين على طرفي نقيض.

وكما يظهر من أسماء الفقهاء القائلين بهما أنّ القول الأول ذهب إليه مشهور أصحابنا الإمامية، وهو اعتبار الإذن في وجوب خمس الغنيمة للإمام وملكية الباقي للمقاتلين، بل ادعى البعضُ الإجماعَ عليه. ولنبدأ بذكر بعض عبارات الفقهاء حسب ترتيب القولين، الأول ثم الثاني.

أقوال الفقهاء في القول بشرطية الإذن:

1 - قال الشيخ الطوسي: >إذا دخل قوم دار الحرب وقاتلوا بغير إذن الإمام فغنموا، كان ذلك للإمام خاصة، وخالف جميع الفقهاء ذلك. دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم<([1] ). فادّعى الشيخ هنا اتفاق الإمامية على المسألة.

وقال أيضا في كتاب الجهاد (من كتاب الخلاف): >إذا غَزَتْ طائفة بغير إذن الإمام فالإمام مخيّر إن شاء أخذه منهم، وإن شاء تركه عليهم، وبه قال الأوزاعي والحسن البصري. وقال الشافعي يخمّس عليهم، وقال أبو حنيفة: لا يخمس (أي ملك للمقاتلين). دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم<([2] ).

2- قال القاضي في المهذّب في باب ذكر الأنفال: >وكلّ غنيمة غنمها قوم قاتلوا أهل الحرب بغير إذن الإمام أو ممّن نصبه... وجميع الأنفال كانت لرسول اللّه صلی‌الله علیه و آله في حياته وهي للإمام القائم مقامه<([3] ).

3- قال ابن إدريس الحلي: >وإذا قاتل قومٌ أهلَ حربٍ بغير إذنِ الإمام فغنموا، كانت الغنيمة خاصةً للإمام، دون غيره<([4] ).

4- قال المحقّق في باب الأنفال: >وما يغنمه المقاتلون بغير إذنه فهو له<([5] ).

5 - قال العلاّمة في التذكرة: >وما تأخذه سرية بغير إذن الإمام فهو للإمام خاصة عندنا<([6] ).

6 - قال الشهيد الثاني في المسالك عند شرح قول المحقّق: > «فهو للإمام»: هذا هو المشهور بين الأصحاب، وبه رواية مرسلة منجبرةٌ بعمل الأصحاب<([7] ).

 

أقوال الفقهاء في القول بعدم شرطية الإذن:

1 - قال صاحب مدارك الأحكام بعد تضعيف رواية الورّاق: >وقوى العلاّمة في المنتهى مساواة ما يغنم بغير إذن الإمام لما يغنم بإذنه<([8] ). والظاهر من عبارة صاحب المدارك أن القول الثاني هو المنسوب إلى العلامة في المنتهى، ولكن عبارته ليست كما حكيت في المدارك، وإليكم نص كلامه:

قال العلاّمة في المنتهى بعد أن تكلم حول المسألة: >وإذا قاتل قوم من غير إذن الإمام ففتحوا كانت الغنيمة للإمام ذهب إليه الشيخان والسيد المرتضى (رحمهم اللّه) وأتباعهم. وقال الشافعي: حكمُها حكم الغنيمة مع إذن الإمام لكنّه مكروه. وقال أبو حنيفة: وهي لهم ولا خمس. ولأحمد ثلاثة أقوال، كقول الشافعي، وأبي حنيفة، وثالثها: لا شيء لهم فيه (أي للإمام)<([9] ). فبحسب الظاهر من هذه العبارات من المنتهى لم يذهب العلامة إلى القول الثاني.

2 - قال المحقّق الأردبيلي بعد نقل رواية الورّاق ونقد سندها: >والجبر بالعمل غير مسموع لعدم الدليل، وما يدل على ملكية المال المأخوذ ممّن لا حرمة لماله من الإجماع وغيره يدل على عدمه<([10] ).

هذه هي نصوص فقهائنا، وهي تحكي وجود قولين في المسألة كما قدمنا في بداية البحث؛ القول بالشرطية والقول بعدم الشرطية. وضمن هذه النصوص وقفنا على أقوال العامة أيضا حسب ما ذكره العلامة في المنتهى، وابن قدامة في كتابه المغني.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo