< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأدلة على اشتراط القتال وإذن الامام في خمس غنيمة دار الحرب.

هذا الفرع مشتمل على شرطين:

الأول: اشتراط القتال،

والثاني: إذن الإمام.

فالأول لاريب في اعتباره في وجوب خمس الغنيمة، واستُدل عليه - مضافاً إلى الاتفاق الإجمالي بين المسلمين عليه- بآية الغنيمة، ومن السنة بعدد من الروايات.

فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ...﴾([1] )

ويستدل بهذه الرواية بأن مورد نزولها فيما اغتنمه المسلمون من المشركين بالمقاتلة، ونظراً إلى كون الآية في خلال آيات القتال، والسياق شاهدٌ على ذلك .

نعم؛ مورد النزول لا يخصص دلالة الآية، ولكن لا تخرج الآية عن الدلالة على مورد نزولها، فالقدر المتيقن من دلالتها هو وجوب الخمس في الغنيمة المأخوذة من القتال، وإن دلت الروايات على عمومية معناها وشمولها لمطلق الفوائد.

و لكن يرد عليه أن هذه الآية المباركة وإن استُفيد منها أن القدر المتيقن من دلالتها وجوب الخمس في الغنيمة المأخوذة من معركة القتال، ولكن هل يشترط في وجوب الخمس بكون الغنيمة في القتال فقط؟ الظاهر أن الآية ساكتة عن ذلك، ولا تدل على اشتراط القتال.

مضافاً إلى ذلك: نريد أن نستفيد من الآية المباركة عمومية الخمس بقرينة الروايات الواردة في الباب، فإذا قلنا بعمومية مفهوم الغنيمة بالاستعانة بالروايات المفسرة والمؤوِّلة، فكيف يمكن القول باشتراط القتال في وجوب الخمس؟ لأن مطلق الأرباح والفوائد خارج عن دائرة القتال.

فالآية المباركة لا تدل على اشتراط القتال، بل تدل على صدق عنوان الغنيمة فقط، ولاشك في أن عنوان الغنيمة يصدق على غنيمة دار الحرب والقتال، وهي مصداق قطعي للآية المباركة، وأما بخصوص الاشتراط فلا يصح الاستدلال بها.

ومن السنة: روايات عديدة استدل الفقهاء بها على ذلك.

منها صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله في الغنيمة: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْغَنِيمَةِ قَالَ: يُخْرَجُ مِنْهُ الْخُمُسُ وَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ مَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ وَوَلِيَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْفَيْ‌ءُ وَالْأَنْفَالُ فَهُوَ خَالِصٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی‌الله علیه و آله ) ([2] ).

قد صرّح هذا الحديث بتقسيم الغنيمة بين المقاتلين ومن ساعد في أمر القتال، فدلالته واضحة على اشتراط القتال، لأن السؤال عن عموم الغنيمة، وأجابَ الإمام عن تقسيمها بين المقاتلين ومن ساعدهم، فوجود شرط القتال أمر مسلم وقطعي عند الإمام لذا أجابه في هذا الجانب.

ومنها: صحيحة معاوية بن وهب: (محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ السَّرِيَّةُ يَبْعَثُهَا الْإِمَامُ فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ كَيْفَ يُقْسَمُ؟ قَالَ إِنْ قَاتَلُوا عَلَيْهَا مَعَ أَمِيرٍ أَمَّرَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ أُخْرِجَ مِنْهَا الْخُمُسُ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ، وَ قُسِمَ بَيْنَهُمْ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا قَاتَلُوا عَلَيْهَا الْمُشْرِكِينَ كَانَ كُلُّ مَا غَنِمُوا لِلْإِمَامِ يَجْعَلُهُ حَيْثُ أَحَبَّ) ([3] ).

فهذه الرواية أيضاً صريحة في اعتبار القتال في وجوب خمس الغنيمة؛ لأن الإمام صرح بأنهم إن قاتلوا فكذا وإنْ لم يقاتلوا فكذا.

ومنها: خبر أبي بصير: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كُلُّ شَيْ‌ءٍ قُوتِلَ عَلَيْهِ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی‌الله علیه و آله فَإِنَّ لَنَا خُمُسَهُ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً حَتَّى يَصِلَ إِلَيْنَا حَقُّنَا)([4] ).

ومنها: مرفوعة أحمد بن محمد: (بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: الْخُمُسُ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الْكُنُوزِ وَالْمَعَادِنِ وَالْغَوْصِ وَالْمَغْنَمِ الَّذِي يُقَاتَلُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَحْفَظِ الْخَامِس)([5] ).

هذه الروايات تدل بظهورها على اشتراط القتال في وجوب تعلق الخمس بالغنيمة، ولا شك في صحة دلالتها، فهذا الشرط ثابت بدلالة الروايات العديدة والصريحة.

 

الحمد لله ربّ العالمين


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo