< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة البحث في حديث "لَيْسَ الْخُمُسُ إِلَّا فِي الْغَنَائِمِ خَاصَّةً".

تحدثنا في الدرس الماضي حول هذا الرواية وقلنا أنها مما ذكره الفقهاء في مقام الاستدلال لإثبات وجوب الخمس في غنيمة دار الحرب، ولكن أكثرهم قد أشكلوا عليها بأنه لا يمكن القول بظاهرها؛ لأن ذلك يناقض ما تسالم عليه الاصحاب من وجوب الخمس في أكثر من الغنائم.

لذلك اهتموا بتفسيرها وبيان الجمع بينها وبين سائر الروايات الدالة على وجوب الخمس في مطلق الغنيمة.

وقد قدمنا وجهين في مقام الجمع، أدلى بهما الشيخ الطوسي في كتابي التهذيب والاستبصار.

ويمكن الجمع بوجه آخر؛ وهو الالتفات إلى هذه النقطة المهمة وهي أنّ تعلق الخمس بموارده ينقسم الى قسمين:

القسم الأول: ما يتعلق به الخمس فوراً قبل مرور سنة كاملة عليه؛ أي دون انتظارٍ إلى بلوغ السنة الخُمسية.

القسم الثاني: ما يتعلق به الخمس بعد بلوغ السنة الخمسية عليه ولا يجب قبلها.

ولا ريب في أن غنائم دار الحرب من القسم الأول، إذ يتعلق بها الخمس بصِرف الملكية، ولا يحتاج الى مرور السنة.

فبناء على ذلك فالحصر في الرواية خاصٌّ بما يتعلق به الخمس فوراً بسبب الملكية لا بسبب مرور سنة كاملة، لأنّ القسم الثاني لا يتعلق به الخمس إلا بعد مرور سنة، فلذلك صحيحٌ أن يقال: ليس الخمس في بَدو الامر وبسبب الملكية إلا في الغنائم.

هذا الوجه في مقام الجمع وتبيين المقصود من الحصر في الرواية وإنْ لم يقُلْ به أحدٌ صراحةً، ولكنه يستفاد من عبارات بعض الفقهاء كالمحقق البحراني صاحب الحدائق، الذي يشير كلامه إلى هذا الوجه إشارة عابرة، حيث قال بعد نقل كلام الشيخ الطوسي: فيكون الحصر بالنسبة إلى ما يدخل في الملك بالشراء، كما لو اشتري جارية أو داراً أو طعاماً أو نحو ذلك، فانه لا خمس فيه إذ لا يُعدُّ ذلك غنيمةً([1] ).

ويمكن أن يشكل عليه فهو أنّ وجود هذين القسمين من تعلق الخمس يوجد في سائر ما يجب فيه الخمس، ولا خصوصية للغنائم، فإذا قلنا بذلك في الغنائم، فلا بد وأن نقول به في غيرها، ولكن الحديث ورد في الغنائم فقط ولم يرد في غيرها.

لذلك فإن الوجه الأقوى هو عمومية مفهوم الغنائم لكل ما يجب فيه الخمس، أي أنّ مفهوم كلمة الغنيمة عامٌ يشمل كل ما يجب فيه الخمس، وسنتعرض له في المباحث القادمة في مظانّه إن شاء الله تعالى.

مضافاً إلى أنه يمكن القول بأن الحصر المذكور في الرواية ليس حصراً حقيقياً؛ وذلك لثبوت الخمس في غير الغنيمة الحربية قطعاً، كالركاز والمعدن، حتى عند أهل السنّة، وعلى هذا فلا تكون الرواية معارِضةً لأدلّة وجوب الخمس في غير الغنيمة الحربية.

فإنْ قيل: على فرض صحة القول بعمومية مفهوم الغنيمة، فلماذا ذكرت بعض الروايات موارد خمسةً أو أربعةً أو سبعةً من وجوب الخمس؟ إذ لو قلنا أنّ الغنيمة تشمل الموارد فلا نحتاج إلى ذكر سائر الموارد.

فنقول: ذكر بعض المواردِ الواجب ِفيها الخمس بعد الغنيمة إنما هو من باب ذكر الخاصّ بعد العام، ويدل على وجوب الخمس في الغنائم سائر الطوائف من الروايات الدالة على وجوبه في موارد خمسة أو أربعة، ومنها الغنيمة، بل هي المورد الأول والقطعي من وجوب الخمس.

كرواية حماد بن عيسى عن العبد الصالح قَالَ: الْخُمُسُ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الْغَنَائِمِ وَالْغَوْصِ وَمِنَ الْكُنُوزِ وَمِنَ الْمَعَادِنِ وَالْمَلَّاحَةِ الْحَدِيثَ([2] ).

والرواية الصريحة عن عبد الله سنان عن أبي عبد الله فِي الْغَنِيمَةِ قَالَ يُخْرَجُ مِنْهُ الْخُمُسُ وَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ مَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ وَوَلِيَ ذَلِكَ([3] ).

بناء على ذلك فالمسألة واضحة، ولا نحتاج إلى مزيد بحثٍ فيها، مضافاً إلى اتفاق وإجماع فقهاء المسلمين - فضلاً عن فقهاء أصحابنا - على وجوب الخمس في الغنائم، وانعقاد سيرة النبيصلی‌الله علیه و آله على أخذ الخمس من غنائم الحرب.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo