< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة الاستدلال على كفر منكر الضروري على القول بالأمارية:

حديث أخلاقيّ

«عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنِّي لَا أَلْقَاكَ إِلَّا فِي السِّنِينَ، فَأَخْبِرْنِي بشيء آخُذُ بِهِ. فَقَالَ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْوَرَعِ، وَالِاجْتِهَادِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ لَا وَرَعَ فِيهِ»([1] ).

النقاط المهمة في الحديث:

1 - السؤال الذي طرحه السائل مهمٌّ، فلا بد أن يكون الجواب مهماً؛ لأن السؤال كان في ظرف عدم إمكان التواصل الدائم مع الإمام (عليه السلام)، فطلب السائل منه إنارة بمثابة سراج للحياة، لذلك لا بد أن نعتبر الجواب معياراً ودليلاً على طريق الحياة السعيدة.

2 - الجواب مشتمل على ثلاثة أجزاء متصلة؛ بقرينة أنّ الإمام صرّح بأن الاجتهاد لا ينفع إذا لم يكن ملازماً للورع.

3 - التقوى عبارة عن مَلَكة معنوية تجتمع مع جميع أعمال الإنسان في جوانب متعددة من العبادات والمعاملات والنشاطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وغيرها. فعلى السالك طريقَ السعادة أن يكون متقياً في جميع جوانب الحياة.

4 - الورع فوق التقوى؛ لأنّ التقوى تقتضي تركَ المحرَّمات والإتيان بالواجبات، وأما الورع فيقتضي ترك الشبهات والإتيان بالمستحبات، والسالك طريقَ السعادة يحتاج إلى الجانبين.

5 - الاجتهاد أمر أساسيٌّ في سعادة الإنسان، ولا بد من السعي وبذل الجهد في جميع الموارد حتى تحصيل التقوى والورع والالتزام بهما.

 

تتمة الاستدلال على كفر منكر الضروري على القول بالأمارية:

الدليل الثالث: وهو حكمُ الفقهاء بعدمِ كفرِ منكرِ الضروريِّ إنْ كان حديث العهد بالإسلام أو يعيش في البلاد البعيدة عن محيط الإسلام.؛ فمن المسلَّم القطعيّ أنّ الفقهاء لا يحكمون بكفر منكر الضروري في هذه الحالة.

ومن الواضح أنّ هذا الأمرَ القطعي من الفقهاء لا ينسجم إلاّ مع القول بالأمارية؛ لأن القول بالسببية هو قولٌ بوجود خصوصية في الإنكار، من دون فرق بين من يعيش في محيط الشرع ومن يعيش في محيط الكفر أو البلاد البعيدة، وبين حديث العهد بالإسلام وقديم العهد به.

و أما من يفرق بينهما ولا يحكم بكفر حديث العهد فلا بد له من القول بالأمارية؛ لأنه في فرض كون المنكر حديث العهد بالإسلام أو مقيماً في بلاد الكفر لا يؤدي إنكاره إلى إنكار الرسالة وتكذيب الرسول، فلا يكون موجباً للكفر، وأمّا على القول بالسببية فلا بدّ من الحكم بكفره لإنكاره ضروري الدين.

والنقطة المهمة في ذلك أن الحكم بعدم كفر هؤلاء وإن كان مسلّماً ومتّفقاً عليه بينهم ولا ينسجم مع القول بالسببية المطلقة، ولكن ينسجم مع القول الثاني أي السببية المقيدة بالعلم. وأما لو قلنا أن القول بالسببية المقيدة بالعلم يمكن إرجاعه إلى القول بالأمارية - كما هو الحق - فلا يَرِدُ الإشكال.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo