< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/02/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تحقيقٌ في "ضروريّ الدين والمذهب" مفهوماً وملاكاً ومعياراً:

أشار الإمام الخميني في بداية كتاب الخمس إلى أنهُ من ضروري الدين، لذا شرعنا في بيان هذه النقطة ونقلنا عبارات الفقهاء حولها، وقلنا إنهُ لابد من بيان تحقيق في المقصود من "ضروري الدين والمذهب"؛ لنصلَ إلى ذكر الأدلة على أن منكرَ ضروريِّ الدينِ كافرٌ. وفيما يأتي جملةٌ من المقدمات المتصلة بالموضوع:

أولاً: لا ريب في كون هذا العنوان من العناوين المهمة المتصلة بثلاثة علوم: الفقه والكلام والمنطق؛ فقد تحدث المتكلمون حول الأصول التي تعتبر ضرورية في عقائد المسلمين أو عقائد أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، وتحدث المناطقة في القضايا التي يسمونها الضرورية (البديهية)، وكذلك تحدث الفقهاء حول ضروري الدين من وجهة نظر الفقه.

ثانياً: تاريخ نشوء هذا العنوان:

إن عنوان "ضروري الدين والمذهب" لم يرد في القرآن الكريم أو الأحاديث الشريفة أو كلمات قدماء الفقهاء (كما أشرنا سابقاً)، وإنما هو مصطلح مستفادٌ ومنتزعٌ من بعض النصوص، وكذلك من بعض عبارات متقدمي الفقهاء التي أوردناها سابقاً.

يضاف إلى ذلك أن كثيراً من متقدمي الفقهاء لم يتعرضوا لعنوان "ضروري الدين والمذهب" بل وقع هذا البحث في كلمات المتأخرين. أما القدماء فقد ذكروا المسائل المتعلقة به بشكل متفرق في أبواب الفقه؛ فعلى سبيل المثال بُحِثَ الأمرُ في كتاب الطهارة / قسم النجاسات، وفي باب الحدود/ ما يتحقّقُ بهِ الارتداد. ولا تخلو كتُبُ القدماء من إشاراتٍ إلى مفهوم هذا العنوان.

وأما السرُّ في عدم تعرض القدماءِ لهذا العنوان؛ فيمكن إرجاعه إلى الاكتفاء بذكر الكفر في موارده، واعتمادهم في تعريف الكفر على وضوح المسألة لدى المتشرعة، وكأنهم اعتبروا كفرَ منكرِ ضروريّ الدين مِنَ الواضحات.

وأما المتأخرون من الفقهاء فقد ذكروا تعاريف عديدة لضروري الدين، ووضعوا لتحقّق هذا العنوان شرائط وضوابط. والنتيجة أن هذا العنوان قد تشكَّلَ في عصر المتأخرين.

ثالثاً: تعريف ضروري الدين والمذهب، وبيان الضابطة فيهما.

تفاوتت كلمات متأخري الفقهاء في هذا العنوان بياناً وملاكاً، وفيما يأتي ذكر بعض عباراتهم:

قال المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان: والظاهر أنّ المرادَ بالضروريّ الذي يكفرُ مُنكِرُهُ: الذي ثبت عنده يقيناً كونُهُ من الدين، ولو كان بالبرهانِ، ولم يكنْ مُجمَعَاً عليه[1]

وقال الشيخ محمد رضا المظفر في أصول الفقه في تعريف ضروري الدين: ما عليهِ إجماعُ جميعِ الأمةِ بِجميعِ طَوَائِفِها وَأشخاصِهَا في جَميعِ العُصُورِ مثلَ وُجوبِ الصلاةِ والزّكاةِ وَنَحوِهِما.[2]

وقال الإمام الخميني في كتاب الطهارة: فإن معنى كون الشيء ضرورياً عقلاً أنه واضحٌ لا يحتاج إلى الدليل لدى العقول. ككون الواحد نصف الاثنين وكون الكل أعظم من جزئه، [3] وفي موضع آخر من الكتاب نفسه يقول في الضروريات: فإنها عبارةٌ عن أمور واضحةٍ بديهيةٍ عند جميع طبقات المسلمين.[4]

وقال السيد مصطفى الخميني معللاً كُفرَ منكر الضروري: لأنّ معنى الضروريِّ هو وضوحُ الحُكمِ في مُحيط الشرعِ والإسلام[5] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo