< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/02/10

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع : هل إنكار ضروري الدين يوجب الكفر أم لا؟

بعد استعراض عبارات الفقهاء في مسألة كون الخمس من ضروري الدين - المذكورة سابقاً- ظهر للمتأمل أن منكرهُ خارج عن الإسلام وداخلٌ في الكفر، وقد تحدّثَ الفقهاء في سائر أبواب الفقه (كالطهارة والصوم والحج والحدود وغيرها) عن مسألة إيجاب الكفر لإنكار ضروري الدين، ومن عباراتهم:

يقول صاحب الشرائع في أحكام الكفر: الكافر: وضابطُهُ كلُّ من خرجَ عن الإسلامِ أو مَنِ انْتَحَلَهُ وَجَحَدَ ما يُعلم من الدين ضرورةً.[1] ومن المعلوم أن مصطلح ضروري الدين غير موجود في النصوص المقدسة ولا في عبارات المتقدمين من الفقهاء.

ويقول الشيخ المفيد في أوائل المقالات: اتفقت الإمامية على أنّ أصحاب البدعِ كلّهم كفّار، وأنّ على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامة البينات عليهم، فإن تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصواب، وإلا قتلهم لرِدّتِهم عن الإيمان ([2] )، فإذا استطعنا اعتبار إنكار ضروري الدين من البدع، نقول أنَّ عبارة الشيخ المفيد تدل على المراد.

ويقول العلّامة الحلّي في القواعد في كتاب الحدود تحت عنوان الارتداد: وهو يحصل: إما بالفعل كالسجود للصنم، وعبادة الشمس، وإلقاء المصحف في القاذورات، وكل فعلٍ يدل على الاستهزاء صريحاً. وإما بالقول كاللفظ الدال بصريحه على جَحدِ ما عُلِمَ ثبوته مِنْ دين الإسلام ضرورةً، أو على اعتقادِ ما يحرُمُ اعتقاده بالضرورة من دين محمد (صلى الله عليه وآله)، سواءٌ كان القول عناداً أو اعتقاداً أو استهزاءً [3]

ويقول صاحب كشف اللثام كل من أنكر ضرورياً من ضروريات الدين مع علمه بأنه من ضرورياته [4] ولسنا الآن في مقام بيان كيفية وشرائط إنكار الضروريّ، إلا أنّ في عبارة كاشف اللثام تفصيلاً من جهة اشتراط العلم بأنّ هذا من ضروري الدين.

ويقول كاشف الغطاء في بيان أقسام الكفار: وما كان من القسم الثاني وهو ما تضمن إنكار الضرورة فقط فغير المشبه الخالي عن العذر كافر أصلي أو مرتد....[5]

ويقول في منكر الضرورة:

وهذه إن صرح فيها باللوازم أو اعتقدها كفرَ، وجرى عليه حكم الارتداد الفطري، وإلا فان يكن عن شبهة عرضت له واحتمل صدقه في دعواها استتيب وقبلت توبته، ولا يجري عليه حكم الارتداد الفطري، وان امتنع عُزِّرَ ثلاث مرات وقتل في الرابعة[6]

ويقول السيد اليزدي في كتاب الصوم من العروة الوثقى: ووجوبُهُ في شهر رمضان مِنْ ضرورياتِ الدين، ومُنكرُهُ مرتدٌ يجب قتله[7]

ويعلّق السيد الخوئي على كلام السيد اليزدي المتقدم ((كما نصّ عليه جمعٌ من الأصحابِ، وعليه فمُنكِرُهُ منكرٌ للضروري فيجري عليهِ حكمه))[8]

وفي الكافي لأبي الصلاح الحلبي تحت عنوان الارتداد: فصلٌ في أحكام الردّة. الردّةُ: إظهارُ شعار الكفرِ بعد الإيمان بما يكون معه منكر نبوة النبي صلى الله عليه وآله، أو بشيءٍ من معلوم دينه كالصلاة والزكاة والزنا وشرب الخمر[9]

بناءً على ما تقدم فإنّ خروج منكر ضروري الدين عن الإسلام أمرٌ ثابتٌ لدى جميع الفقهاء من السنة والشيعة. وربما يقع الاختلاف في الملاكات أو في المصاديق، إلا أن أصلَ الإنكار متفقٌ بشأنِهِ.

والخلاف في الملاكات كثير جداً، ويمكن هنا أن نقسم فقهاء الإمامية إلى أقسام من حيث تعاطيهم مع اختلاف الملاكات والشرائط المتعلقة بالمنكر، لذا ينبغي عقدُ بحثٍ تفصيليٍّ مستقل في ((ضروري الدين)) وملاكاته، وتبيين حدوده، والأدلة في إثباته و نفيه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo